جميع خطط المستقبل تنتهي إلى تطوير قدرات الإنسان، ولذلك فإن أي جهد أو أداء للوزارات والمؤسسات والإدارات إنما يفترض أن يضيف الى الحصيلة التراكمية للأفراد ورفع مستويات إنتاجيتهم وفكرهم ووعيهم الاقتصادي والعملي الذي يفيدهم أولا ليفيدوا وطنهم ومجتمعهم، لذلك فإن العمل على تهيئة الموارد البشرية في جميع المسارات والقطاعات عملية استراتيجية ينبغي أن تكون لها الأولوية في جميع سلوكياتنا العملية والإدارية، لأننا بدون موارد بشرية فاعلة ومنتجة وقابلة للتطور من الصعوبة أن نصل الى مرحلة النهضة والتنمية الشاملة. من خلال متابعة أداء وزارة العمل توقفت مؤخرا عند تصريحات وزير العمل والتنمية الاجتماعية الدكتور مفرج الحقباني، والتي أكد فيها أن الوزارة تعمل على نشر تقارير أسبوعية لسوق العمل عبر البيانات الخاصة من بوابة «طاقات»، وأن هذه التقارير تعبر عن واقع طالبي العمل وعددهم وعن التخصصات المطلوبة، بالإضافة إلى عدد الوظائف المقبولة أو المرفوضة، وذلك مهم للغاية لأن وجود قاعدة بيانات وطنية يؤسس لمنهج علمي في معرفة الواقع والتعامل معه بأفق يرى التطورات بحيث يدعم ويعزز الإيجابيات ويعالج السلبيات. في جميع القطاعات نحتاج الى تطوير مواردنا البشرية وفقا لقدراتها ومستوياتها العملية، وفي قطاع المقاولات هناك معاناة في الحصول على الكادر الوطني الذي يستوعب تفاصيل عمل هذا القطاع ويسد احتياجاته، وبغض النظر عن الأسباب الحقيقية لذلك إلا أن كل المجتمعات التي نجحت في تحقيق طفرتها التنموية إنما اعتمدت على بنية وطنية كاملة تقريبا تستدعي الإفادة منها ففي استيعاب الجميع بدلا من فسح المجال للأجانب، ولطالما دعا القطاع لتقليص نسبة السعودة بسبب عدم توافر المواطنين الذين يرغبون في أعمال المقاولات التي تبدو بعضها قاسية نسبيا ولكن إذا توافرت ثقافة العمل التي تتعامل مع هذه الأعمال بواقعية فإن هناك الكثيرين ممن لا يجدون أعمالا يمكنهم خوض التجربة طلبا للكسب والرزق ولو مؤقتا حتى يتيسر ما هو أقل مشقة. في عمليات التنمية والبناء لا توجد أعمال رفاهية فكل العمل شاق، ومن نهضوا قبلنا ونفذوا خططهم التنموية مارسوا أعمالا قاسية، ولذلك فإننا بحاجة الى استشعار القسوة لأنها تتلازم مع تأهيل مواردنا البشرية بصورة متوازنة وشاملة تغطي جميع الباحثين عن فرص وظيفية، وليس جيدا أن تترك قطاعات بأكملها لتوظيف الأجانب ويكسبون منها فيما ينتظر الشباب فرص عمل تتأخر، في وقت يمكنهم دخول التجربة مهما كانت قسوتها لأن الناتج النهائي يستهدف تطوير قدراتهم والنهوض بالوطن وبنائه.