الموارد البشرية مصطلح تراجع في قيمته بإدخاله في دائرة هيكلية معنية بالدرجة الأولى بالتوظيف والمتابعات الإجرائية للموظفين، وذلك اختزال واختصار خاطئ وضار بالتنمية البشرية، فالمسألة أكبر من ذلك كبيرا وما يحدث في إدارات هذه الموارد تفصيل صغير من رؤية استراتيجية واسعة لمنظومة المجتمع والدولة وفقا لخطط مناهج تطوير مستمرة، وهي رديف للموارد الطبيعية وكلاهما يعني النمو والنهضة والتطور، ولا غنى لأحدهما عن الآخر. الموارد البشرية تعني في المحصلة تخطيطا محكما وملتزما من جميع مؤسسات الدولة بالعناية بالكادر البشري وتطوير معارفه وخبراته، ومنحه حقوقه الكاملة في التجريب وتأهيل الذات وتنميتها بما يجعلها مؤهلة ومستعدة وأكثر طموحا للبناء الإيجابي المستمر في عمل الدولة وتطوير النظام الاجتماعي، بحيث يصبح كل موظف قادرا على العمل الانتاجي أكثر من الوظيفي الروتيني، ولا بد خلال ذلك من الإبداع والابتكار والبحث عن الجديد، أي يبذل الموظف نفسه جهدا لتطوير ذاته العملية ليرتقي ويسهم تلقائيا في ارتقاء عمله، على أن يحصل على دعم المؤسسات والإدارات التي يعمل فيها، سواء في القطاع الخاص أو العام. من الضروري أن يكون هناك تدريب مستمر وفتح المجال لكل طموح لأن يواصل حصاده المعرفي، ويدرك أنه كلما تطور علميا وعمليا وذاتيا فإن أمامه متسعا من الخيارات، أي تحفيزه لأن يبدع ويستكشف ذاته ويفجر طاقاته ويجرب ويخطئ ويصيب، ولذلك لا يمكننا أن نتحدث بشكل استهلاكي عن التطور وتوظيف الشباب لمجرد السعودة وتوطين الوظائف فيما لا توجد فرص نموذجية من صميم خطط منهجية لتطوير القدرات والكفاءات وتضييق الخيارات أمام أبناء الوطن الذين يعتبرون هم الرصيد الحقيقي لبلادهم، وليبدأ ذلك من المهم الكف عن تفضيل الأجنبي من جهة جهات الأعمال، وارتفاع مستويات المسؤولية العملية والانتاجية من جهة شبابنا، فهناك تضييع كبير لحقوقهم في أن ينالوا أكثر مما يناله الأجانب في المنظومة الانتاجية والاقتصادية التي لا تعترف في الواقع بغير الكفاءة والقدرات العملية الملتزمة بواجباتها. الموارد البشرية هي التي صعدت باليابان والصين وماليزيا، فهذه الدول نظرت في داخل مواطنها وعملت على تطوير قدراته وحفزته لأن يرتفع بطموحاته الى أكثر من الوظيفة السهلة، فليس هناك عمل سهل، فتنمية الدولة مجهود ضخم دون وعي من أبناء الوطن بذلك فإنهم يصبحون خصما على التنمية، والقطاع الخاص يتحرك في دورة رأسمالية ربحية تحتاج الالتزام والانتاج وإلا يخسر، لذلك على الشباب أن يعرفوا قيمتهم، وعلى الجهات المعنية أن تفكر فيما هو أفضل من البرامج السلبية التي ثبت عدم جدواها في تحفيز الشباب وإنما تخميلهم.