قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للجزيرة مساء أمس إن السلطات استعادت السيطرة على البلاد ليل الجمعة خلال 12 ساعة من بدء محاولة الانقلاب، لافتا إلى استجابة الشعب لطلبه بالتظاهر خلال دقائق، متهما جماعة الخدمة التي يقودها الداعية فتح الله غولن بالتورط في الانقلاب الفاشل. وفي أول لقاء له مع قناة عربية «الجزيرة» بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، قال أردوغان للجزيرة إن محاولة الانقلاب بدأت في الليل أثناء قضائه إجازته في فندق بمدينة مرمريس، مضيفا «تلقيت الخبر الأول من صهري، ولم أصدق الخبر في البداية، لكن التطورات أثبتت صحته». وأوضح أنه اتصل بمستشار المخابرات الوطنية لبحث سبل مواجهة الانقلاب، وأنه أجرى عدة اتصالات لعقد مؤتمر صحفي يطالب فيه الشعب بالتحرك والنزول إلى الميادين العامة، لافتا إلى أنه تولى منصبه بناء على أصوات 52% من الشعب، فلا ينبغي عزله إلا برضا الشعب، وهو الأمر الذي دفع الشعب للاستجابة إلى طلبه بالنزول فورا. وأكد أردوغان أنه انتقل إلى دالامان على متن مروحية ثم إلى إسطنبول، وأنه واجه خلال تلك الرحلة صعوبات عديدة، إلا أن الأمور أصبحت تحت السيطرة كليا خلال 12 ساعة. ومن داخل المجمع الرئاسي في أنقرة، قال الرئيس التركي إنهم اكتسبوا من التجارب السابقة خبرة جيدة في التصدي لمحاولات الانقلاب، معتبرا أن تصريحات العديد من المسؤولين، مثل قائد الجيش الأول والمدعي العام، كان لها دور في دعم السلطة الشرعية. وقال أيضا إنه لا يعرف عدد المتورطين في محاولة الانقلاب الفاشلة، إلا أنهم أقلية تنتمي لما أسماه «حركة غولن الإرهابية». من جهة أخرى ، عقد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أمس اجتماعا لمجلس الأمن القومي الذي يضم كبار القادة العسكريين والوزراء المعنيين بالدفاع والأمن، ضرب عليه سرية تامة، وبعد ساعات أتبعه باجتماع آخر مع الحكومة في القصر الرئاسي الذي تعرض للقصف مساء يوم الجمعة الماضي. بعد عودته أول امس الثلاثاء إلى انقرة للمرة الأولى منذ محاولة الانقلاب، يتوقع أن يصدر عنهما قرارات مهمة أمنية واقتصادية. فيما تناول اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره التركي وضع رجل الدين فتح الله كولن المقيم في الولاياتالمتحدة، والذي تتهمه السلطات التركية بتدبير الانقلاب الفاشل، حسبما أعلن البيت الأبيض أمس. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست: إن الحكومة التركية قدمت معلومات عن كولن للحكومة الأمريكية التي أعلنت أنها تنتظر طلبا رسميا من الحكومة التركية لتسلم كولن، والذي سيتم تقييمه بموجب المعاهدة المبرمة بين البلدين. وكان فتح الله كولن قد دعا واشنطن إلى رفض طلب تسليمه إلى أنقرة التي تتهمه بتدبير الانقلاب الفاشل في تركيا، بقوله: «أدعو الحكومة الامريكية الى رفض كل المساعي الرامية إلى الإساءة إلى إجراءات التسليم لغاية الانتقام السياسي». وعرض أوباما المساعدة في التحقيق الذي تجريه أنقرة في المحاولة الانقلابية؛ وحث إردوغان على التصرف وفقا للمبادئ الديمقراطية الواردة في الدستور التركي. من جهة أخرى وجهت السلطات التركية أمس الأربعاء اتهامات رسمية إلى 99 من نحو 360 جنرالا بالجيش لدورهم المزعوم في محاولة الانقلاب الفاشلة يوم الجمعة الماضي، بينما ما زال 14 جنرالا غيرهم محتجزين. من جهة أخرى ذكرت وكالة أنباء الاناضول التركية أمس ان الجيش التركي قصف مواقع لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق للمرة الأولى منذ محاولة الانقلاب على نظام الرئيس رجب طيب اردوغان، مما ادى الى مقتل عشرين مقاتلا كرديا. وقالت الوكالة الرسمية نقلا عن مصادر امنية: ان طائرات حربية من طراز اف-16 قصفت في وقت متأخر من ليل الثلاثاء الماضي مواقع لحزب العمال الكردستاني في منطقة هاكورك التي يتمركز فيها القادة العسكريون لحركة التمرد الكردية شمال العراق، مما ادى الى مقتل عشرين مقاتلا كرديا. وتأتي هذه الغارات بعد خمسة أيام على المحاولة الانقلابية التي قام بها عسكريون بعضهم من سلاح الجو، وتصادف هذه الغارات ذكرى استئناف المعارك بين أنقرة والاكراد بعد اكثر من سنتين من وقف اطلاق النار في حركة تمرد أدت الى سقوط اربعين الف قتيل خلال 32 عاما في جنوب شرق البلاد وغالبية سكانه من الاكراد. من جهتها كشفت روسيا أن بوتين سيلتقي الرئيس اردوغان في إحدى المدن الروسية أوائل أغسطس المقبل، طبقا لما ذكره موقع «روسيا اليوم». وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين: «يجرى حاليا الإعداد للقاء بين بوتين وأردوغان عن طريق القنوات الدبلوماسية، وأضاف: إن الجهات المختصة تعمل حاليا على تحديد تاريخ اللقاء ومكانه». وفي سياق آخر منع المجلس الأعلى للتعليم في تركيا جميع الأكاديميين من السفر في بعثات خارجية حتى إشعار آخر، وجاء القرارالذي لم يذكر تفاصيل عن منع السفر بعد يوم من إصدار المجلس أمرا بإقالة 1577 من العمداء في كل الجامعات بأنحاء مختلفة من تركيا. على صعيد آخر أغلقت الحكومة الأردنية أمس مدرسة تركية يمتلكها فتح الله كولن، المتهم بتدبير محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة الأخيرة. وقال مصدر حكومي رفيع، في تصريح ل «اليوم»: إن الحكومة الأردنية، ممثلة بوزارة التربية والتعليم، أغلقت فعلياً مدرسة تعود ملكيتها إلى التركي فتح الله كولن، الذي يمتلك سلسلة من المؤسسات التعليمية حول العالم. وفي تفاصيل القرار، أشار المصدر إلى أن وزارة التربية والتعليم خاطبت محافظ العاصمة عمان لإغلاق المدرسة، وذلك بعد أيام من سحب ترخيصها. ورفضت الوزارة الأردنية إضفاء صبغة سياسية على قرار اغلاق المدرسة، واكتفى مدير إدارة التعليم الخاص في الوزارة أمين شديفات، الذي تتبع المدرسة إدارته بوصفها مدرسة خاصة، بإرجاع القرار إلى مخالفة المدرسة للتعليمات. وقال شديفات في تصريحات صحفية: إن المدرسة خضعت سابقاً عدة مرات للعقوبات لعدم التزامها بالتعليمات والأنظمة التي تحددها وزارة التربية والتعليم، مؤكداً «لا عام دراسي مقبل في المدرسة».