اليوم لا يختلف اثنان على أهمية الإسراع في إقرار نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية بعد سلسلة الأحداث وما يحدث في مواقع التواصل من بث الكراهية والتمييز بين أفراد المجتمع الواحد. أهمية هذا النظام أو التشريع تكمن في تهذيب وتعليم وتربية أفراد المجتمع على احترام الآخر والاعتراف بحقوقه وان الوطن يسع الجميع، وايقاف المزايدين على الوطنية والمواطنة من واقع المنظور الأوحد الذي لا يؤمن بالشراكة بالإضافة الى تجريم وتحريض الاعتداء على أماكن أداء الشعائر الدينية، أو الإساءة الى المقدسات المرعية أو النيل من الرموز التاريخية المشكلة للهوية الحضارية وكذلك وهو الأهم حماية النسيج الاجتماعي من مخاطر التمييز بين أفراد المجتمع وفئاته في الحقوق والواجبات والمسئوليات لأسباب عرقية أو قبلية أو مناطقية أو مذهبية أو طائفية الى جانب حماية المجتمع من التصنيفات الفكرية والاجتماعية أو السياسية وحماية اللحمة الوطنية والحفاظ على المكاسب الوحدوية من عواقب ما ينجم عن بث خطابات الكراهية ونشر النعرات العرقية والقبلية والمناطقية والمذهبية والطائفية وأيضا التصنيفات الفكرية والسياسية المهددة للسلم الاجتماعي والإخاء الوطني والإنساني. هناك خلط بين النقد العلمي الهادف أو الطرح المعرفي والفكري الموثوق به وكذلك الجدل المؤسس على ضرورات التنوع الإنساني وبين إثارة النعرات وبث الكراهية والعدوان وهو ما أشار اليه النظام في إحدى مواده. وأيضا يجب أن نفرق بين حرية التعبير عن الرأي البناء والتعبير عن وجهات النظر الثقافية وما في حكمها وبين الانتقاص من الآخرين والتصنيفات الفكرية والثقافية الشخصية. أعتقد أن وجود نظام لمكافحة التمييز وبث الكراهية سيؤسس لقاعدة بعيدة عن الخلافات والاختلافات التشريعية الأخرى وسيوحد الصف والقرار والرأي تجاه هذه الأمور الشائكة والمتداخلة خاصة أن هناك آراء متداخلة ومختلفة ومتناقضة حول تعريف الكثير من المصطلحات مما يتطلب الدقة والوضوح في تعريف مصطلحات النظام بما لا يدعو للاجتهاد والاختلاف الذي يفقد النظام قوته وإمكانية تطبيقه على أرض الواقع. اليوم الطفل منذ ولادته لا يوجد لديه قانون مدني يدله ويعلمه ويربيه ويهذبه على ماهية التمييز العنصري وماذا تعني وما هي الكراهية وما هي حدود التعبير السلبي من الإيجابي وما هي حدود حريته وحرية الآخرين وأيضا ما هو الخط الفاصل بين الاختلافات والخلافات والحقوق بصفة عامة وما هي حدود المواطنة والوطنية وكيف ينتبه عند تعبيره ألا يمس الذات الإلهية والإساءة للأنبياء وأخيرا ما المحظورات والخطوط الحمراء في التعبير، كل هذه مهمة لتنشئة تقوم على الاخاء وأن الوطن للجميع وأن حماية الوحدة الوطنية والعمل المشترك والشراكة أساسيات للتعامل داخل الوطن. المهم الإسراع في إصدار هذا القانون أو النظام فكل يوم تأخير ستزداد الكراهية ويزداد المستفيدون من عدم وجود هذا النظام كما ستزيد الفجوة التمييزية بين فئات المجتمع.