خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليس مجرد عملية سياسية أو اقتصادية تلبي تطلعات الشعب البريطاني في استقلاله الاقتصادي والسياسي، وإنما هي في جانبها الأكثر سلبية بمثابة قنبلة كبيرة في الاقتصاد العالمي، وذلك لأنه لم يتحسب للخروج أحد من أكثر المراقبين تفاؤلا، حيث أشار كثير من الاستطلاعات والاتجاهات الى بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد، الى أن حدثت الصدمة وقرر البريطانيون الخروج. في الأخبار قال وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن: إن تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي سيؤدي على الأرجح إلى مزيد من التقلبات في الأسواق المالية، وأضاف: ان الاقتصاد قوي بالدرجة التي تسمح له بمواجهة التحديات المقبلة، ورغم أن ذلك حديث لبث الطمأنينة إلا أنه في الواقع حدثت فجوة سعرية واستثمارية كبيرة في كثير من الاقتصاديات ويرجح أن تكون الخسائر بعدة تريليونات، وذلك لأن العملية تمت دون وضع حسابات دقيقة لاحتمال الخروج، فتفاجأ الجميع لتصاب الأسواق بالهلع. الوزير البريطاني قال في مؤتمر صحفي: «اقتصادنا قوي بالدرجة التي تتيح له التصدي للتحديات التي تواجهها بلادنا الآن» ولا اعتقد أنه بالقوة التي تمنحه خيارات مواجهة الركود وهروب رؤوس الأموال ومغادرتها في دولة لم تعد تتمتع بالكثير من مغريات الاستثمارات، فالاتحاد الأوروبي كان يمنح بريطانيا جاذبية استثمارية أما الآن فلم تعد كذلك ومرشحة لمزيد من الركود الاقتصادي الذي يعصف باقتصادها بحيث لا تجدي تطمينات الوزير. الجنيه الاسترليني تراجع بصورة قياسية وتاريخية، وهبطت أسعار العقارات وخسرت بورصة لندن، ولم يعد من مستثمر في العالم يرغب في التوجه الى عاصمة الضباب، لذلك فإن الخسائر أكبر مع الخروج، وللأسف فإن استثماراتنا الخليجية ستتعرض لضغوطات كبيرة تفقد معها حتى رساميلها ويجعلها أصولا هشة وغير قابلة للنمو، ما يضعفها ويفقدها قيمتها بغير الصورة التي كانت في السابق بما يجعلها استثمارا مهما ومتناميا، لذلك لا بد من الحذر الاستثماري في هذه المرحلة المتقلبة التي تتطلب رؤية عميقة لحركة الاستثمارات خاصة التي تتجه الى أوروبا أو التي تنشط فيها لأن الأوضاع الاقتصادية لم تعد مستقرة وآمنة وإنما محفوفة بالمخاطر وتراجع القيم السوقية لكثير من الخدمات والأصول وفي مقدمتها العقار.