الياباني GO1 يتوّج بلقب FATAL FURY City of the Wolves    ضمن منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. فريق "Team Redline" البريطاني يتوج ببطولة"Rennsport"    مواجهة "يابانية - صينية" في نهائي فايتل فيوري "سيتي أوف وولفز"    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 130 شهيدًا    ضبط 10 مكاتب مخالفة في قطاع السفر والسياحة بالرياض    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    مرحلة جديدة تنهي 47 عاماً من الصراع.. أردوغان: لجنة برلمانية لبحث نزع سلاح «العمال الكردستاني»    مبعوث ترمب في طريقه إلى كييف.. أوكرانيا تؤكد استئناف الإمدادات العسكرية من واشنطن وأوروبا    دمج «قسد» ضمن الدولة قيد البحث.. لا" تخطيط أمريكي" لبقاء القوات في سوريا    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    تواصل تميزها العالمي.. المملكة تعزز الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي    الأمن العام يوضح خطوات الإبلاغ عن الاحتيال المالي    في نهائي كأس العالم للأندية.. حلم سان جيرمان بلقب أول يصطدم بعقبة تشيلسي    الزعيم يسابق الزمن لحسم صفقة" كين"    النصر يخطط لمبادلة لابورت بالأمريكي بوليسيتش    ضبط 21058 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في مناطق المملكة    الغبار الإفريقي ينتقل عبر البحر الأحمر    ضبط 20 ألف قرص مخدر والإطاحة بعدة مروجين    باحث: دخول نجم سهيل 24 أغسطس المقبل    صورة مميزة لمونرو تباع بمزاد    568 مبتعثا ثقافيا للخارج والأولوية للبكالوريوس    فيلمي القادم سيصور بالرياض.. الفنان أحمد السقا ل"البلاد": الهلال شرف العرب في كأس العالم    رنا جبران تجسد الأمومة الجريحة في مسلسل"أمي"    الحرف اليدوية السعودية تعرض في «أوساكا»    «الشؤون الإسلامية» تعزز نشر المنهج الوسطي بالمالديف    تعديل جيني بديلا لأبر التنحيف    قطة تكتشف سلالة فيروسية نادرة    الدماغ لا يتوقف عن النمو    الإفراط في تناول دواء شائع يسرع شيخوخة كبار السن    «الصحة» تقدم 7 إرشادات لتجنب ضربة الشمس    ضبط 21058 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    تسخير الذكاء الاصطناعي    رئيسة المكسيك: واثقة من التوصل لاتفاق مع أمريكا بشأن الرسوم الجمركية    خطة تمنع 700 ألف فلسطيني من العودة إلى بيوتهم    جدة تستضيف الجولة الرابعة من بطولة العالم لسباقات الزوارق السريعة F1H2O    الفارس"المبطي"يحقق المركز الثاني في بطولة ڤالكينزڤارد بهولندا    المدخلي رأس خصوم الإخوان    موهوبون يخوضون تجارب علمية في "الملك سعود"    «الثقافة» تطلق فعاليات الأسبوع الثقافي السعودي في أوساكا    إطلاق مشروع "صيف زهر" للفتيات في مدينة أبها بنسخته الرابعة    محافظ جدة يحضر حفل قنصلية فرنسا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    نائب أمير الرياض يشرف حفل السفارة الفرنسية.. ويطّلع على جهود "الأمر بالمعروف"    خطيب المسجد الحرام: تلطفوا بعباد الله وأحسنوا إليهم    الكتاب العظيم يستحق مشروعا عظيما    Bitcoin تسجل أعلى مستوياتها في 2025    أسعار النفط تتأهب لمزيد من التراجع الأسبوع المقبل    160.8 ألف قطعة سكنية لمخططات الأراضي المعتمدة    "إغاثي الملك سلمان" .. تخفيف معاناة المحتاجين والمتضررين    اطلاق النسخة الثانية من مشروع "رِفْد" للفتيات في مدينة أبها بدعم من المجلس التخصصي وأوقاف تركي بن عبد الله الضحيان    هنا السعودية حيث تصاغ الأحلام وتروى الإنجازات    القبض على هندي ومواطن لترويجهما «الإمفيتامين» في المدينة المنورة    رئيس هيئة الأركان العامة يتفقد منظومة الدفاع الجوي «ثاد»    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالرحمن بن صالح الشثري    "السياحة" تضبط 10 مكاتب خدمات سفر وسياحة مخالفة في الرياض    "الشؤون الإسلامية" تُكمل فرش جامع الملك فهد في سراييفو    الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على جهود لجنة مراقبة عقارات الدولة وإزالة التعديات بالمنطقة    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن عاشور ومفهوم التسامح.. فحص وتحليل 3-3
نشر في اليوم يوم 26 - 06 - 2016

من اللافت في حديث الشيخ محمد الطاهر بن عاشور عن التسامح أنه لم يأت على ذكر أحد من الذين سبقوه في تناول هذا الموضوع في المجالين العربي والإسلامي الحديث والمعاصر، فقد غابت هذه الأسماء كليا، ولم تحضر نصوصهم ومقالاتهم، وظهر ابن عاشور منفردا، ولم يقدم شرحا أو تفسيرا لهذا الموقف، ولم يبين فيما إذا كان قد سبقه أحد في الحديث عن هذا الموضوع، أم أنه يرى نفسه أول الخائضين فيه من المتأخرين المعاصرين.
وهناك نقاش في كلا الوجهين، في الوجه الأول إذا كان ابن عاشور يعلم بوجود كتابات سبقته فلماذا أهملها وحجب الحديث عنها، ولم يتطرق لها!
وإذا فرضنا أنه كانت لديه وجهة نظر خاصة في تقويم هذه الكتابات، وأنها لا أهمية لها في نظره، أو أن أهميتها ضئيلة من الناحية العلمية، فكان من الأولى به الإشارة لهذا الأمر ولو على سبيل العموم والإجمال تحرزا من الحرج والإحراج في حالة الشعور به، كما كان من المفيد معرفة وجهة نظره وتقويمه لهذه الكتابات.
وفي حالة عدم العلم بوجود كتابات سابقة عليه، كان المفترض منه الإشارة إلى ذلك، حتى يتبين الأمر عند الآخرين، ويرفع عنهم مثل هذا الغموض، ويقطع عليهم سبيل الشك والنقد، ويغلق هامش النقاش.
وفي الوجه الثاني، إذا كان ابن عاشور يرى أنه أول الخائضين من المعاصرين في هذا الموضوع، فالمفترض منه كذلك الإشارة إلى هذا الأمر لتحصيل العلم به، علما بأنه ليس أول الخائضين من المعاصرين في هذا الشأن.
ولعل هناك وجها ثالثا، أطرحه على سبيل التقدير لكنه لا يخلو من وجاهة، ويتحدد هذا الوجه في أن ابن عاشور لم يكن معنيا فيما إذا كانت هناك كتابات سابقة عليه في الحديث عن موضوع التسامح أم لا! ومن ثم لا حاجة له ولا داعي للإشارة لهذه الكتابات أو العودة لها، لأنه أراد أن يتبع طريقة يستقل بها من ناحيتي النظر والتقعيد، وذلك بالعودة إلى الأدلة والقواعد والأصول بوصفه ضليعا وخبيرا بعلمي الأصول والمقاصد، ليكون صاحب رأي في هذا الموضوع، وفي غيره من الموضوعات الأخرى.
وحتى مع تقدير هذا الوجه، يبقى الاعتبار لهذه الملاحظة قائما وثابتا، لأن هناك من سبق ابن عاشور في الحديث عن التسامح، وبعضا من هؤلاء لهم منزلتهم الاعتبارية عند ابن عاشور نفسه، مثل الشيخ محمد عبده الذي عرف بمناظرته الشهيرة مع فرح أنطون حول التسامح في الإسلام والمسيحية، وقدم فيها جهدا تأسيسيا مهما، بلور فيه الأصول العامة المولدة لمفهوم التسامح في الإسلام والضامنة لبقائه وديمومته، والتي يصدق عليها تسمية أصول التسامح في الإسلام.
هذه المناظرة حصلت سنة 1902، وفي سنة 1903 قام الشيخ عبده بزيارته الثانية إلى تونس، وهي الزيارة التي بات يؤرخ لها في سيرة ابن عاشور من جهة علاقته بالشيخ عبده، وتأثره بفكره الإصلاحي، وبقائه على هذا النهج واستقامته عليه، حتى أصبح فيما بعد أشبه الناس به فكرا ونهجا في بلده تونس، بشكل يمكن القول إن ابن عاشور يمثل الشخصية الإصلاحية في تونس التي تعادل شخصية الشيخ عبده في مصر. وبناء على هذه الملاحظة، يكون الشيخ ابن عاشور قد قدم نصا مهما في التسامح، لكنه جاء منقطعا عن النصوص السابقة عليه، ولم يكن متصلا بها، ومتفاعلا معها، وفاقدا من هذه الجهة إلى عنصر التراكم، ومتخليا عن التخلق بسمة التنوع والتعدد في الأقوال والنصوص، التي غابت وتركت فراغا بينا.
من جانب آخر، حاول ابن عاشور جازما تثبيت مفهوم التسامح في نطاق العلاقة مع المخالفين من جهة الدين، ولم يقترب من إمكانية إجراء هذا المفهوم في نطاق العلاقة بين المسلمين أصحاب الدين الواحد، الذين ظهر التخالف والتنازع في ساحتهم، وتحولوا إلى مذاهب وجماعات تتقارب وتتباعد.
ولا شك أن هذا الأمر هو موضع نقاش وله صور متعددة، من هذه الصور هل أن تحديد وحصر مفهوم التسامح في نطاق المخالفين من جهة الدين، حصل نتيجة العمل بما يعرف عند الأصوليين في أصول الفقه بتنقيح المناط واكتشاف الملاك فتبين وتحدد هذا الحصر لمفهوم التسامح، بمعنى أن هناك علة ومصلحة وغاية اقتضت هذا الحصر وتحددت به وتضيقت، وترتب على ذلك عدم سريان هذا المفهوم خارج هذا النطاق.
أم أن هذا المفهوم بحاجة لتنقيح مناطه واكتشاف ملاكه حتى يتبين صحة هذا الحصر من عدمه! مع الالتفات إلى أن اقتضاء تعلق مفهوم التسامح مع المخالفين من جهة الدين، هذا الاقتضاء بتمامه وأشد حاصل وظاهر بين المسلمين وفي ساحتهم، والسيرة العملية الطويلة شاهدة على ذلك.
ومن صور النقاش ثانيا، هل ان الحصر في هذا المفهوم هو من نوع الحصر التام الذي لا يصح ولا يجوز تعديه إلى غيره؟ أم أنه حصر يصح ويجوز فيه تعديه إلى غيره، بمعنى أنه حصر لكنه ليس تاما، بشكل يمكن القول إن مفهوم التسامح يصدق مع المخالفين من جهة الدين، ويقبل التصديق والعمل به بين المسلمين وفي نطاقهم، وهذا ما لم يتضح في كلام ابن عاشور.
ومن صور النقاش ثالثا، إن الضرورة التي اقتضت ربط التسامح مع المخالفين في الدين، هذه الضرورة متحققة وبصورة أكيدة بين المسلمين، ليس في الوقت الحاضر فحسب الذي تتأكد فيه هذه الضرورة وتشتد، وإنما في جميع أزمنة ما بعد ظهور الخلاف بين مذاهب المسلمين التي شهدت في تاريخها صورا وحالات من التعصب والتنازع، ظلت تظهر وتختفي، تشتد وتضعف، لكنها لم تتوقف وتنتهي، ووصلت في الظرف الراهن إلى وضع خطير للغاية، الأمر الذي يؤكد حاجة المسلمين الملحة إلى التسامح، وإعطاء هذا المفهوم منزلة الضرورة، وترجيح أولويته في النطاق الداخلي بين المسلمين على النطاق الخارجي مع غير المسلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.