الاستحواذ على بالمان، دار الأزياء الباريسية، من قبل ميهوله للاستثمارات، وهو صندوق مقره قطر، يعتبر أحدث علامة على شهية المستثمرين في الشرق الأوسط للسلع الفاخرة. هذه الفورة منطقية: سوق تلك المنطقة ربما تعتبر الأنسب لنموذج وثقافة الأعمال في هذه الصناعة اليوم. ميهوله، التي تشير التقارير إلى أنها تشتري بالمان مقابل نحو 500 مليون يورو (565 مليون دولار)، تملك بالأصل فالنتينو الايطالية، التي استحوذت عليها في عام 2011م. ويرتبط هذا الصندوق بالشيخة موزة والدة أمير قطر، ولكن اسم الصندوق يأتي من كلمة «مجهولة» ولا يكشف عن أصحابه. لكن قطر نفسها تستثمر بشكل كبير في الأعمال التجارية الفاخرة من خلال صندوقها للثروة السيادية، حيث اشترت 1 في المائة من الشركة الفرنسية القابضة LVMH، و38 في المائة من «آنيا هندمارش»، العلامة التجارية للاكسسوارات في المملكة المتحدة، و11.3 في المائة من تيفاني وشركاه، ولديها أسهم مسيطرة في سلسلة المتاجر الفرنسية برانتام ومحلات هارودز الشهيرة بالقدر نفسه في لندن. القطريون ليسوا مستثمري الخليج العربي رفيعي المستوى الوحيدين في صناعة الأزياء. انفستكورب، وهو صندوق مقره البحرين الذي اشترى جوتشي في نهاية الثمانينيات وجعلها مساهمة عامة في عام 1996م، يقال إنه قريب من الاستحواذ على العلامة التجارية الايطالية كورنلياني، التي تختص في ملابس الرجال. في أبريل، استحوذت شركات العبار التي تتخذ من دبي مقرا لها على شركة بيع الأزياء الفاخرة بالتجزئة على الإنترنت Yoox Net-a-Porter. السكان الأثرياء من دول الخليج الغنية بالنفط يرغبون دائما في الماركات الأوروبية الفاخرة. وهم من بين أكبر المتسوقين في المملكة المتحدة وألمانيا. نصف زوار فرنسا من منطقة الشرق الأوسط ينفقون أكثر من 6600 دولار في اليوم. وأظهر بحث لعام 2014م حول خصائص استهلاك السلع الفاخرة في دول الخليج أن شركة التجزئة الفاخرة المحلية الكبيرة، مجموعة شلهوب، أوضحت أصول هذه العلاقة الغرامية: تقليد يقوم على تعريف مكانة الشخص في المجتمع من خلال استهلاك السلع الفاخرة والظهور في مراكز التسوق، حيث الناس تأتي من ثقافة «تهيمن عليها مساحات خاصة وسلوك محدد» يمكن أن تظهر فرديتهم، والأهمية الثقافية للثقة التي تساعد على خلق ولاءات لعلامة تجارية قوية. قطر لديها أعلى حصة للفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العالم. ذلك الثراء يبدو طبيعيا بالنسبة لجيل الشباب فيها. «جيل مواليد الثمانينيات والتسعينيات، الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة، ترعرعوا في فجر الازدهار الاقتصادي في المنطقة»، كما كتبت مجموعة شلهوب. وأضافت: «إنهم ينظرون إلى العلامات الفاخرة كما لو أنها ملعبهم». جيل الألفية الغربي يفضلون الإنفاق على الخبرات بدلا من المنتجات. على حد تعبير جيف فروم من فيوتشر كاست للاستشارات التسويقية: «في الماضي، ميز المستهلكون الأثرياء ثراءهم بالمنتجات الفاخرة (مثل ساعات رولكس أو هيرميس). ومع ذلك، نحن نشهد تحولا نحو نمو الخبرات بين سكان الألفية الأثرياء، تلك العقلية آخذة في التغير. لماذا تشتري حقيبة بقيمة 10 آلاف دولار في حين يمكنك حجز رحلة إلى تايلاند أو الحصول على مقاعد في الصف الأول في الحفل المفضل لديك بنفس السعر (إن لم يكن أقل من ذلك)؟». الحكمة التقليدية التي نعرفها هي أن التحول بين الشرق والغرب في الطلب يجري في هذه الصناعة الفاخرة. فقد عمل كل من حملة الفساد والتباطؤ الاقتصادي في الصين والتراجع الشديد في قيمة العملة في روسيا على خفض النمو في تلك الأسواق التي كانت ذات مرة واعدة، في حين قدمت كل من الولاياتالمتحدة وأوروبا الغربية نموا موثوقا به. سواء كان هناك جيل ألفية أو لم يكن أي جيل ألفية، بالمان هي شركة ربحية يعرف كبير المصممين الشاب فيها، المصمم أوليفييه روستينج، كيف يلعب اللعبة. المجموعة التي صممها لشركة التجزئة H & M التي تبيع منتجات بأسعار رخيصة، بيعت بالكامل خلال يوم واحد في نوفمبر الماضي، مع مشاهد غوغائية وملاسنات بين الزبائن في المتاجر من سيؤول إلى برلين. في العام الماضي، مثلت منطقة الشرق الأوسط ما قيمته 9.1 مليار دولار فقط من مجموع 280 مليار دولار في مبيعات السلع الفاخرة الشخصية، وفقا لباين وشركائه، ومع ذلك أظهرت المنطقة أعلى معدل نمو بعد الولاياتالمتحدة. النمو في استهلاك السلع الفاخرة في الشرق الأوسط لم يتم تقديره على حقيقته. المسافرون من دول الخليج هم على الأرجح مسؤولون عن بعض زيادات المبيعات في الدول الغربية، والمستهلكون الأوروبيون والأمريكيون لا يقومون بالكثير من التسوق لشراء الملابس في الدوحة أو أبو ظبي. وبالتالي فإن صناعة الأزياء ربما أكثر اعتمادا على المستهلكين في الشرق الأوسط مما تشير له الأرقام. من المرجح أن يزداد هذا الاعتماد إذا استمرت الاتجاهات العامة القائمة على «الإنفاق للخبرات» في الغرب. لا يوجد شيء تستطيع أن تفعله صناعة السلع الفاخرة لكي تصطف مع التحول الذي يجري بعيدا عن العلامات التجارية الشهيرة في عالم الأزياء. وبالتالي فإن مستقبلها على المدى الطويل ربما يعتمد إلى حد كبير على هذه السوق الغريبة لكن الثرية.