قد يبدو منفذ متجر (برانتام) في منطقة بادونج في شنغهاي بأن فيه جميع وسائل الراحة الضرورية لتحقيق النجاح في ميدان البيع بالتجزئة الصيني الحديث: علامات تجارية فاخرة، وتاريخ بيع بالتجزئة باريسي موقر منذ 150 عاما وموقع حصري. مع ذلك، رغم كل تلك الميزات، ترى إدارة المتجر أنها لا تزال تفتقد شيئا ما لاجتذاب الزبائن. لذلك، في الأسبوع المقبل، سيجري كشف الستار عن ممر عملاق ملتوٍ على شكل تنين يمكن للمتسوقين استخدامه للنزول من المحلات الفاخرة الموجودة في الطابق الخامس إلى المحلات الموجودة في الطابق الأول خلال ثوانٍ معدودة. يتساءل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي ويتمازحون تقريبا، عما إذا كان هذا الممر المنزلق سوف يتسبب في قتل أحد. لكن لدى متجر (برانتام) اهتمام آخر. حيث إن المتسوقين الصينيين، الذين كانوا ذات مرة في طلب لا منته على ما يبدو، لم يعودوا يرتادون المتاجر التقليدية. في شهر أغسطس، أعلن داليان واندا، أكبر مطور أسواق تجارية في البلاد، أنه قد تم إغلاق 40 من أصل أسواقه التجارية البالغ عددها 600 محل، ما يبدو أنه علامة مشؤومة بالنسبة لقطاع كان مزدهرا ذات مرة. وهذا بالطبع اتجاه عالمي. لكن مخططي المدن في الصين لطالما جعلوا مراكز التسوق التجارية مركزية في مخططاتهم؛ لتلبية الطلب المتزايد ولكي تكون رمزا لتطلعات الطبقة المتوسطة المتحضرة بشكل سريع على حد سواء. في عام 2009، خصص المخططون في شنغهاي 70 فدانا لإنشاء سوق تجاري بكلفة 200 مليون دولار على غرار، وربما أكبر من، مبنى البنتاجون (وهو الآن فارغ تماما). في عام 2014، كان 44 بالمائة من الأسواق التجارية المنجزة حديثا في العالم، وتسعة من أصل عشرة مدن كبرى فيها مساحات لأسواق تجارية قيد الإنشاء، موجودة في الصين، وفقا لشركة الاستشارات العقارية (سي بي آر إي). لا تزال ديلويت تتوقع بأنه سيكون لدى الصين 10 آلاف مركز للتسوق بحلول عام 2025، مرتفعا الرقم عن 4 آلاف موجودة اليوم. من المقدر أن يعمل التباطؤ الاقتصادي في الصين على التأثير في ذلك النمو. لكن إن كانت المشكلة ببساطة أوقاتا عصيبة، فإن (برانتام) لن تقوم بتركيب الدرج المتزحلق ذي شكل التنين. وهنالك تحديات أكبر بكثير، والتي كان ينبغي أن تكون واضحة منذ سنوات، تعمل على تقويض الحالة طويلة الأجل الخاصة بمراكز التسوق التجارية التقليدية. التحدي الأول هو الضرائب المرتفعة المفروضة على السلع الكمالية المستوردة. وقد وجدت دراسة أجريت في عام 2015 أن الأسعار المفروضة على 37 سلعة من السلع ذات الأسعار العالية كانت أعلى بنسبة تتراوح بين 40 إلى 68 بالمائة في الصين منها في الولاياتالمتحدة، وألمانيا، وفرنسا. وجزئيا نتيجة لذلك، أنفق الصينيون 183 مليار دولار في الخارج في عام 2015، ما يمثل نسبة مدهشة قدرها 46 بالمائة من المبيعات العالمية الفاخرة. ويشعر أصحاب مراكز التسوق الفارغة في الداخل بالألم. ما يترتب على ذلك بشكل أكبر هو التجارة الإلكترونية. إذ أوقف الوصول إلى التسوق عبر الانترنت عمليات البيع بالتجزئة في المتاجر التقليدية حول العالم. لكن الصين تقدم مثالا فريدا من نوعه، بفضل الاستخدام الشائع لوسائل التواصل الاجتماعي وتطور التطبيقات - على وجه الخصوص، الوايتشات - التي تدمج بسلاسة التسوق مع المراسلة. إذ أنه بإمكان مستخدمي الوايتشات البالغ عددهم 600 مليون مستخدم شهريا التنقل بسهولة بين كتابة رسالة تتعلق بزوج من الأحذية ومتجر هواتف على نفس التطبيق الذي يعرض فيه الحذاء للبيع. في الصين، حيث كانت التوصيات الشخصية حاسمة في تحريك التجارة حتى قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، يعتبر هذا النوع من البيع بالتجزئة تحوليا. وفقا لدراسة استقصائية أجريت في عام 2015 من قبل معهد ماكينزي، قال 38 بالمائة من مستخدمي الانترنت إنهم أمضوا وقتا أكثر في التسوق عبر الانترنت بعد الانضمام لخدمة وسائل التواصل الاجتماعي. في بكين، تجري الآن نسبة استثنائية مقدارها 82.6 بالمائة من مبيعات التجزئة عبر الانترنت، وفقا للحكومة المحلية. على مستوى البلد، تظهر الأرقام الرسمية تزايدا في المبيعات عبر الانترنت يبلغ تقريبا ثلاثة أضعاف معدل البيع داخل المتاجر. لإصلاح هذا النقص في التسوق في المراكز التجارية، يمكن للصين تخفيض الضرائب المفروضة على السلع الكمالية المستوردة. لكن مع ذهاب الكثير من المتسوقين إلى الخارج، فإن الأثر سيكون على الأرجح محدودا (هنالك نوع من الفخامة لشراء حقيبة لويس فيتون في باريس بدلا من شينيانغ). حتى لو كان تحويل مجرى التجارة الإلكترونية ممكنا، لن يكون في مصلحة المستهلكين الصينيين في الريف، الذين معظمهم لا يستطيع الوصول إلى متاجر التجزئة التقليدية، أو في مصلحة سكان الحضر الذين يفضلون التسوق من المنزل بدلا من محاربة بعض أسوء أنواع التلوث وحركات المرور في العالم. على الرغم من مصاعبها الحالية، لن تزول مراكز التسوق التجارية الصينية أبدا وبشكل تام. في المدن الضيقة على نحو متزايد في البلاد، سوف تستمر المراكز التجارية في كونها أماكن لتناول الطعام، وللترفيه والتواصل اجتماعيا. لكن إعادة توجيه تلك الأماكن الضخمة لأشخاص مستهلكين لديهم طرق أخرى لقضاء أوقاتهم وإنفاق أموالهم سوف يتطلب قدرا كبيرا من الإبداع. والدرج التزحلقي الممتد على مدى خمسة طوابق بشكل التنين ربما لن يكون مكانا سيئا للبدء.