فتحت مراكز الاقتراع أبوابها امس الخميس أمام البريطانيين ليقرروا مستقبل بلادهم في تصويت على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بعد حملة مريرة يبدو أنها ساهمت في انقسام البلاد. وأعدت صناديق الاقتراع وغرف التصويت في مركز اقتراع بمنطقة إيزلنجتون شمالي لندن، فيما فتحت الأبواب أمام الناخبين في جميع أنحاء البلاد من الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي. ومن بين الناخبين، الذين حضروا مبكرا في هذا الصباح المطير في لندن كان جو دينيهي الذي يريد بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بعد أن أمضى فترة من عمره وهو يعيش في أوروبا. أما أليس كارس، فكانت ترى النقيض تماما ووصفت الاتحاد الأوروبي بأنه «يفتقر للديمقراطية». ومن المقرر أن تصدر النتائج الرسمية الجمعة، لكن النتائج الجزئية ونسب المشاركة من 382 دائرة انتخابية ستعلن بدءا من الساعة الواحدة بتوقيت جرينتش. وبموجب القانون البريطاني يحظر على وسائل الإعلام نشر تفاصيل أي استطلاع رأي أثناء ساعات التصويت بين الساعة 0700 والساعة 2200 بتوقيت المملكة المتحدة. تفادي النقاشات الحساسة وعلى مدى اسابيع حاول المسؤولون الاوروبيون تفادي النقاشات الحساسة المتعلقة بمصير بريطانيا، لكن المسألة حاضرة في الكواليس والجميع يعرف انه سواء اختار البريطانيون البقاء أم المغادرة سيكون على الاتحاد الاوروبي اجراء تغييرات كبيرة للاستمرار. وسيمثل خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي أول خطوة من نوعها في تاريخه وسيوجه ضربة جديدة الى الاتحاد المنقسم بسبب ازمة الهجرة والاقتصاد الضعيف والتهديد المتنامي للتنظيمات الارهابية. وحتى ان قررت بريطانيا البقاء، فإن الوضع لا يمكن ان يبقى على حاله اذ ان المواضيع، التي حركت حملة الاستفتاء لقيت صدى في القارة العجوز، التي فقدت على ما يبدو الثقة في إقامة فضاء اوروبي مثالي لما بعد الحرب. وقال رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك انه «سيكون من الجنون التغافل عن الانذار المتمثل بالاستفتاء البريطاني». وخلال الايام التالية للاستفتاء سيتعين على القادة الاوروبيين، الذين لم يتمكنوا من ايجاد حلول للازمات المتلاحقة خلال الاشهر الماضية ان يتفقوا على النهج الذي سيتبعونه. لكن مع الاتفاق على ضرورة التغيير، يقول المحاضر في جامعة كامبردج ومؤلف كتاب «الاتحاد الاوروبي دليل المواطن» كريس بيكرتون: «اذا تأملتم في التفاصيل العملية سرعان ما ستكتشفون المشكلات». مبادرات وتقول المحللة لدى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في بروكسل فيفيان برتوسو «من الممكن جدا ان يأتي رد فعل المؤسسات الاوروبية على شاكلة العودة الى العمل، العودة الى الوضع الطبيعي». ووعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاربعاء انه «ايا كانت عليه النتيجة»، فإنه سيتم اتخاذ مبادرات من اجل «تطوير البناء الاوروبي». ويتوقع صدور مبادرة فرنسية - المانية يمكن ان تتضمن عناصر تتحدث عن توجهات اوروبية مختلفة او تكتفي بالتطرق الى السياسة الخارجية نظرا لأن البلدين يختلفان بشأن اندماج منطقة اليورو. وفي حال بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الاوروبي، سيطلب رئيس وزرائها ديفيد كاميرون -كما قال سابقا- مزيدا من التعديلات المتعلقة بحرية التنقل، بالاضافة الى المسائل التي تم التفاوض بشأنها وأقرت في اتفاق مع الدول السبع والعشرين الباقية في فبراير. وقال كاميرون في حديث مع صحيفة «ذي جارديان» «لا اعتقد ان الاصلاحات ستتوقف في 23 يونيو، الاصوات المطالبة بالاصلاحات ستتعزز بعد الاستفتاء». في حين يؤكد معسكر المغادرة من جانبه انه قادر على التفاوض بشأن اتفاقات تجارية جديدة مع الاتحاد الاوروبي. وقال يونكرانه «لن تكون هناك مفاوضات جديدة». دوامة سلبية وتخشى العديد من العواصم الاوروبية من بروز دعوات الى تنظيم استفتاءات جديدة ايا كانت نتيجة الاستفتاء البريطاني. واعلنت رئيسة الجبهة الوطنية الفرنسية اليمينية المتطرفة مارين لو بن انها تأمل في تنظيم استفتاء في كل بلد حول الانتماء الى الاتحاد الاوروبي لتضم صوتها الى الدنماركيين والهولنديين والسويديين المشككين في جدوى هذا الانتماء. لكن يخشى ان يكون للتصويت مع الخروج وقع الزلزال.