هاتفني قبل عدة أيام جارٌ قديم خافت الصوت يعلوه نبرةُ حزن، قد افترقنا من 10 سنوات وانشغل كل منا بجهة.. ومن مجمل مهاتفته أخبرني بإصابته بمرض «السرطان» ويشكو كثرة أخطائه وخوفه من عدم غفرانها.. فقلت لماذا لايغفرها الله! قال: كثيرة وبعضها له علاقة بالخلق، قلت: اصدق مع الله بتوبتك، وما كان لك مع الناس، فمن تستطع الوصول إليه فتواصل معه مباشرة أو بالهاتف ليحللوك، وإن كان لهم حق فأوصله لهم، فسألني: وهل يغفرها الله؟ قلت: إن صدقت نعم، فالله وعد بذلك ونادى نداء لطيفا جميلا لجميع عباده «قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم». والله تعالى يحب التواب من عباده، وهو الذي يكثر من التوبة إلى الله كلما وقع في ذنب «إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين»، قال هل ثمة أسلوب يعينني على ذلك؟ قلت: هناك عدة أساليب من أهمها تغيير بيئتك أو علاقاتك فتصحب الناس الطيبين الخيرين، كما فعل الذي قتل 100 نفس ثم تاب فغير قريته، والأسلوب الثاني، كلما عملت خطأ مباشرة اعمل عملا صالحا وأكثرمن الاستغفار، وهذي وصية النبي (صلى الله عليه وسلم) لأبي ذر«وأتبع السيئة الحسنة تمحها» وهنا يلاحظ أنه كلما عمل سيئة ثم عمل حسنة تُنظف الحسنة مكان السيئة بل وتمحوها حتى تزيل أثرها من القلب ولعلها تزول من العقوبة بغفران الله كما قال تعالى: «وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات» ففرح واستبشر ثم اردف قائلا: ربما أضعف وأعاود الخطأ، قلت له: عاود عمل الصالحات مباشرة بعد الذنب.. مرة إثر مرة حتى لو أخطأت 100 مرة فاعمل صالحا 100 مرة فإن الله سيفتح باب التوبة النصوح في لحظة يأذن بها لعبده الملح التواب.. فلا تيأس ولاتقنط.. فالشيطان يسعى لتقنيطك ولذا قيل للحسن البصري: ألا يستحيى أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود، ثم يستغفر ثم يعود؟ فقال: ود الشيطان لو ظفر منكم بهذا، فلا تملُّوا من الاستغفار. وأردفت له قائلا: تنفس أمل الغفران كلما خفق بقلبك ألم الذنب، وتوقع الخير من ربك فإنه لايخيب من رجاه، ولايرد من دعاه.. خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي يعتق الله فيه رقابا استحقت النار كما قال صلى الله عليه وسلم «إنَّ لله عتقاءَ في كلِّ يوم وليلة، لكلِّ عبد منهم دعوةٌ مستجابة» فتأثر.. وتهدجت كلماته.. قائلا: الحمد لله على فضله ورحمته وعفوه بعد قدرته، وحلمه بعد علمه.. ثم أوصيته بقراءة آخر سورة الفرقان، والزمر، ففيهما تضميد للجراح، وسلم للنجاح، ووصفات للفلاح.