عندما أوشك الاسكتلنديون على التصويت على ترك المملكة المتحدة في الاستفتاء الذي أجري في سبتمبر من عام 2014، أرسلوا رسالة قوية إلى الذين يفضلون البقاء في التكتلات السياسية والاقتصادية الموجودة حاليا في أوروبا، ومفاد هذه الرسالة هو أنك لا تستطيع تخويف الناخبين ليصطفوا إلى جانبك. ولكن من المحزن أن نجد الحملة الرامية لإبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي لا تزال تفضل أسلوب التخويف والتهديد عوضًا عن الترغيب، وهو تكتيك يمكن أن يؤدي إلى رد فعل سلبي عندما يبدأ التصويت في يوم 23 يونيو. وهّدد وزير المالية البريطاني، جورج أوزبورن، يوم الأربعاء بأن التصويت على ترك الاتحاد الأوروبي سوف يترك «ثقبا أسود» في مالية المملكة المتحدة يبلغ حجمه 30 مليار جنيه استرليني (42 مليار دولار أمريكي)، والتي سيملأها بميزانية طوارئ، حيث سيتعين علينا زيادة الضرائب وتقليص النفقات. ليس من المستغرب أن هذه الأنباء أدت إلى عاصفة من الاحتجاجات. وتعهّد 57 عضوًا من حزب المحافظين في البرلمان بالتصويت ضد أية ميزانية طوارئ خاصة بفترة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يوضح كيف أصبحت المسألة الأوروبية عامل انقسام في الحزب الحاكم. هناك أكثر من 40 ألف تغريدة تطايرت حول الموضوع عبر أجواء الإنترنت. حملة البقاء في الاتحاد تجري مذعورة بعد خمسة استطلاعات رأي أجريت في أقل من 24 ساعة، أظهرت جميعها تقدُّم حملة مغادرة الاتحاد الأوروبي. أوزبورن ربما كان محقا في قوله إن قرارًا بمغادرة الكتلة الأوروبية سيسبب صدمة اقتصادية ستؤثر على الميزانية وتجبر الحكومة على إدخال تعديلات اقتصادية. ولكن الطريقة السليمة لتوصيل تلك الرسالة هي أن تكون مرفقة ببيانات تعلن فوائد العضوية، لا أن تهدّد الناخبين. المخاطر الاقتصادية لخروج بريطانيا لخّصها بالفعل كل من صندوق النقد الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ووزارة المالية، وبنك إنجلترا، ومؤسسات أخرى درست الآثار الاقتصادية المحتملة والمترتبة على ذلك في الأجلين القصير والمتوسط. وقد تم تكرار ذلك باستمرار على مسامع الناخبين من خلال هذه الحملة. الناخبون قادرون تماما على التوصل إلى النتائج بأنفسهم، ولكن مناورة أوزبورن تشير إلى أنه لا يعتقد ذلك. وحديثه اليوم يجعله شبيهًا بالمتنمر على الطلاب في ساحة المدرسة. وهي تقترب من القول بطريقة لا ديمقراطية: «صوتوا بالطريقة التي نريدها، وإلا سوف نأخذ منكم المزيد من رواتبكم وسنقلص الخدمات العامة التي تستخدمونها». ربما يكون ذلك نهاية أية آمال لدى أوزبورن في كسب قيادة حزب المحافظين، في حال استقالة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون من منصبه. وعلى العكس من ذلك، يبدو أن منافسيه الرئيسيين على المنصب، مثل مايكل جوف وبوريس جونسون سيكونون من الفائزين، وهم الذين يركزون على الخطوات الإيجابية التي سيأخذونها بعد كسب الاستفتاء على فك عرى علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي. وبالنسبة للذين يرغبون منا في البقاء كجزء من أكبر سوق موحدة في العالم، فإن الاتهام الواسع الانتشار بأن حملة التأييد للبقاء في الاتحاد الأوروبي أصبح «مشروع الخوف» هو أمر مقلق - وللأسف متوقع. إليكم ما كتبته في سبتمبر من عام 2014 بعد أن صوتت اسكتلندا بالكاد على البقاء كجزء من المملكة المتحدة: على محبي أوروبا البدء الآن في إبراز إيجابيات العضوية في المملكة المتحدة، وأن يكرروا هذه الرسالة بإصرار في السنوات القادمة. وأوشك كاميرون على خسارة اسكتلندا - ولكنها بقيت جزءًا من المملكة المتحدة - وذلك لسبب رئيسي وهو تركيز حملة البقاء ضمن الاتحاد، حصريا تقريبا، على سلبيات الانفصال، وعلى كاميرون ألا يرتكب الخطأ الذي يقوم على السعي لإخافة الناخبين لدفعهم للالتصاق بأوروبا.