في الصورة الإجمالية، لم تعد الأممالمتحدة ذات جدوى في قضايا دول وشعوب العالم، وذلك ما دفع كثيرا من الدول للعمل على إعادة النظر فيها، وتغيير البنية التنظيمية لمجلس الأمن الدولي التابع لها، فهو أكثر عجزا عن تحقيق الأهداف الكبيرة لشعوب العالم فيما يتعلق بالتنمية والعدالة والأمن والسلم، ولم يعد هناك الكثير مما يمكن أن يقوم به الأمين العام للأمم المتحدة غير الإدانة والشجب والاستنكار والإعراب عن القلق، في مشهد مرتبك ظل يتكرر دوما في كثير من الأحداث ومن خلال التقارير التي تتم كتابتها بعيدا عن المهنية التنظيمية والتشريعية والسياسية والحقوقية. آخر ارتباكات الأممالمتحدة كان إقرارها تقريرا، وضع اسم (التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية) ضمن القائمة السوداء، على خلفية مقتل مئات الأطفال في اليمن خلال الحرب الأخيرة مع الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وكان التحالف يعمل من أجل سلام اليمن الذي اصبح يقتل مواطنيه بدم بارد وبترصد من قبل الحوثيين وجماعة صالح ومن معهم، حتى امتد عدوانهم الى قصف عشوائي للمدنيين في الحدود السعودية دون أن تكتب الأممالمتحدة تقريرا أو يتحرك مجلس الأمن بما يليق بمثل هذه الأحداث. تلك الأممالمتحدة المرتبكة اكتشفت بعد إصدار التقرير الذي يضع التحالف في قائمة سوداء أن ذلك خطأ جسيم وسلوك لا يتفق مع قوات تعمل بمعرفتها، وأن لديها مبعوثا يتحرك في المنطقة من أجل سلام يرفضه ويتعنت في رفضه الطرف الحوثي دون أن تحرك ساكنا، فكان أن سارعت الى رفع التحالف العربي من القائمة السوداء، ومنتهكي حقوق الطفل في اليمن. هنا أرى أن المطلوب أكثر من ذلك، فالمطلوب أن تعتذر الأممالمتحدة للتحالف العربي، وأن تتقدم باعتذار واضح لا لبس فيه بحيث يدعم ذلك توازنها وفكرة أن تظل في الذاكرة الدولية منبرا حقيقيا للأمن والسلم والتعايش، وليس بؤرة لانتاج الصراعات وتأجيجها. ذلك الاعتذار مطلوب لأنه كما قال مندوب المملكة في الأممالمتحدة عبدالله المعلمي، إن الأمين العام بان كي مون استند لمعلومات غير دقيقة، وطالبه بتصحيح الأخطاء، ولا يمكن أن نكتفي برفع اسم التحالف من قوائم سوداء مصطنعة ومشبوهة يتم وضع دول العالم الثالث فيها بمزاج من بيدهم تلك الأقلام التي تكتب وتحذف بمزاجها دون اعتبار لكرامة الدول محل الضرر وامتهانها، كما حدث في القرار الأخير، فكان أولى بالهيئة الدولية النظر في الجرائم البشعة بحق المدنيين في حلب والفلوجة والاراضي الفلسطينية، وغيرها من مناطق العالم دون أن تتحرك الأممالمتحدة بإرادة فاعلة لإيقاف العبث بمبادئها الإنسانية التي تنتهي ب (قلق) بان كي مون. نطالب باعتذار الأممالمتحدة لبلادنا ولدول التحالف لأنها وضعتهم في موضع لا يليق بدول وشعوب محبة للسلام، وتعمل من أجله تحت مظلة هذه الهيئة الدولية أو بمساع فردية منها، فما حدث نراه عظيما وخطيرا، وطالما تم التراجع، فمن الضروري إشفاعه باعتذار رسمي يليق بالتحالف ودوله.