عادت الحركة الإسلامية الأردنية، ممثلة في حزب جبهة العمل الإسلامي - الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين - مجدداً إلى «حظيرة الديمقراطية» بعد مغادرتها لها لسنوات، حيث أعلنت مشاركتها في الانتخابات التشريعية، التي ستجري في سبتمبر المقبل، وتأتي هذه الانتخابات والحركة في أضعف حالاتها التنظيمية. وبررت الحركة الإسلامية قرارها بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية الأردنية ب «وجود قانون انتخاب يلبي الحد الأدنى من تطلعاتها الوطنية»، رغم أنها وجهت له العديد من الانتقادات لدى إقراره برلمانياً. وقال الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي محمد الزيود، في مؤتمر صحفي عقده أمس الأحد: إن «مجلس شورى الحزب قرر، بعد استمزاج قواعدها التنظيمية، المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي أعلنت عن إجرائها السلطات في 20 سبتمبر المقبل». وبين الزيود، الذي لم تخل كلماته من انتقادات لاذعة للسلطات الحكومية، أن «مجلس شورى الحزب، الذي عقد اجتماعاً طارئاً مساء السبت، قرر بأغلبية أعضائه المشاركة في الانتخابات النيابية المزمعة». واتهم الزيود السلطات الحكومية ب «مواصلة نهج الاقصاء» ضد الحركة الإسلامية، لافتاً إلى ما سماه «تضييقا واستهدافا» للحركة، وقال: إن هذا «لن يثني الحزب عن القيام بواجبه الوطني، ولن يعطل خطته الإستراتيجية، الهادفة تحقيق ازدهاره». ورأى أن «الأخطار، الداخلية والخارجية، تتهدد الكيان الوطني»، داعياً إلى «الشروع ببناء إستراتيجية وطنية، يشارك فيها الجميع، لحماية الأردن، وهو ما لن يتحقق من خلال نهج الإقصاء، الذي تمارسه الحكومات». وصوت 41 عضواً في مجلس الشورى لصالح المشاركة، فيما صوت 8 أعضاء ضد المشاركة، وانسحب 8 آخرين لأسباب متعددة، بينما تغيب 23 عضواً. وقاطعت الحركة الإسلامية الانتخابات البرلمانية الأردنية في دورتين انتخابيتين متصلتين، بدأتا منذ انتخابات 2010م مروراً بانتخابات 2013م، وصولاً إلى الآن، ومن قبلها قاطعت الانتخابات العامة عام 1997م. وقال رئيس مجلس شورى الحزب عبد المحسن العزام، في تصريح ل «اليوم»: إن «قرار مجلس الشورى بإنهاء المقاطعة والمشاركة في الانتخابات جاء تحقيقاً للمصلحة الوطنية العليا، واستجابة لتوجه الهيئات الحزبية والقواعد التنظيمية بالمشاركة». وبين العزام أن «قرار المشاركة جاء لإثبات خسارة من يراهن على عزوف الإسلاميين عن الحياة السياسية»، معترفاً بصحة ارتباط قرار المشاركة ب «تجاوز الأزمة التي تمر بها الحركة الإسلامية»، رغم انكاره معرفة سبب تغيب رموز «فريق الحكماء»، وقال: «لا نعلم ما هي مبررات غيابهم». وحول مسوغات المشاركة، قال العزام: إن «لدى الحركة الإسلامية مبررات عديدة»، من بينها «الاستجابة لرغبة الهيئة العامة في الحزب، ومحاكاة الواقع المحلي والإقليمي، ومجابهة ما يفرضه من تحديات على البلاد». ولفت العزام النظر ل«الارتياح العام، في أوساط الحركة الإسلامية، لإلغاء الصوت الواحد من قانون الانتخاب، الذي كان سبباً مباشراً للمقاطعة، إضافة إلى الوعود الحكومية بإجراء انتخابات حرة ونزيهة». وفي أول تعليق رسمي على عودة الحركة الإسلامية إلى حظيرة العملية الديمقراطية في البلاد، قال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة، في تصريح ل «اليوم»: إن «المشاركة في العملية الانتخابية هي الأصل والقاعدة، وبالتالي فإن مشاركة حزب جبهة العمل الإسلامي تأتي في هذا السياق». وأشار المعايطة إلى أن قرار الحزب بالمشاركة «دليل على عدم وجود ما يبرر المقاطعة»، مبينا أن «الحكومة الأردنية، ممثلة بوزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، ستعمل على دعم الأحزاب السياسية في إعداد برامجها الانتخابية للانتخابات المقبلة». وأكد موقف الحكومة الأردنية بعدم التمييز بين القوى السياسية، وقال: «لا فرق بين الأحزاب السياسية، وبغض النظر عن مواقفها الحكم هو القانون»، مشدداً «نقف على مسافة واحدة من الجميع، بما في ذلك جبهة العمل الإسلامي». وخاضت الحركة الإسلامية الأردنية، منذ انحسار موجة «الربيع العربي» بنسختها الأردنية، صراعاً سياسياً وقانونياً مع السلطات الحكومية، تصاعدت ذروته في الثلث الأول من عام 2015م، حين لجأت الحكومة إلى ترخيض جمعية لمنشقين عن جماعة الإخوان المسلمين باسم الجماعة ذاتها، التي تأسست أردنيا مع تأسيس المملكة. وقبل ذلك، وتحديداً في عام 2013م حين اشتدت حركة الاحتجاجات في المملكة، وصف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني جماعة الإخوان المسلمين، في مقابلة مع مجلة «ذي أتلانتك» الأمريكية، بأنهم «طائفة ماسونية»، يديرها «ذئاب بثياب حملان»، وهو الوصف الذي كرس الخصومة بين الجانبين. وتأسست جماعة الإخوان المسلمين في الأردن عام 1945م، وعملت على مدى عقود بالتوافق مع مؤسسة العرش، وصولاً إلى عام 1992م حيث أسس ذراعها السياسية تحت اسم حزب جبهة العمل الإسلامي، إلا أنها باتت الآن جماعة غير قانونية، فيما خضعت مقراتها للإغلاق والمصادرة. ورغم أن «الجماعة» هي المرجع التنظيمي ل «الحزب»، إلا أن السلطات تميز بين الجانبين، ففي الوقت الذي ترفض التعامل فيه مع الجماعة، تقبل ذلك مع الحزب.