نجحت دول أوروبية متعددة في التخفيف من الأعباء البيئية والاقتصادية عن بلادها بتفعيل الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، والوصول إلى معالجة سليمة للنفايات والمياه وإعادة التدوير، إذ حققت نسباً تقريبية، فيما يتعلق بردم النفايات من خلال حسن الفرز والتدوير والتصنيع. وفي وقت يتجه العالم كله في هذا الاتجاه، التفتت دول الخليج أيضًا إلى ضرورة الاستفادة من شمسها الساطعة على مدارالعام في توليد الطاقة الشمسية، وإعادة تدوير النفايات والمياه، كمصادر للطاقة البديلة بهدف تحقيق عوائد اقتصادية مع أقل أضرار بيئية ممكنة، ولا سيما في ظل انخفاض سعر النفط. وبدأت الحكومات الخليجية ترسم ملامح خطط زمنية واضحة لاستغلال مواردها من الطاقة المتجددة، مع مراعاة عقد شراكات مع الدول الأوروبية بهدف الاستفادة من تجربتها وخبرتها في تحسين البنية التحتية والثقافة والتعليم والتدريب اللازمين لتفعيل خططها وتحفيز البحث العلمي والابتكارات بما يدعم جذب الاستثمارات في هذا المجال. تقليص انبعاثات الكربون وأشارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (ايرينا) في تقريرها الصادر مطلع العام الجاري إلى أن مصادر الطاقة المتجددة يتوقع أن توفر للمنطقة ما يتراوح بين 55 و87 مليار دولار بحلول عام 2030، وهو ما يعادل عوائد 2.5 مليار برميل من النفط، الأمر الذي قد يساعد في تقليص انبعاثات الكربون بحوالي 1 جيجا طن، علمًا بأن دول مجلس التعاون الخليجي الست تأتي ضمن أكبر 14 دولة من حيث نصيب الفرد من انبعاثات الكربون. ويقول التقرير: إن مشروعات الطاقة الشمسية ستوفر 85% من إجمالي الوظائف بالمنطقة بحلول 2030، علمًا بأنها ستسهم ب 76% من خطط الطاقة المستدامة ضمن برنامج المملكة للتوسع في الاستفادة من الطاقة الشمسية، والممتد حتى 2040. الخلايا الكهروضوئية ويبرهن على مستقبل الطاقة المتجددة في المنطقة الإعلان عن عدة مشروعات تتضمن مدينة «مصدر» في أبوظبي كأول مدينة خالية من الكربون، و«شمس1» بأبوظبي أيضًا أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم، ومشروع المدارس التي تستخدم الطاقة الشمسية في قطر، وإعلان الكويت التعاقد مع شركة «تي.اس.كيه» الإسبانية لإنشاء أول محطة لانتاج الطاقة الشمسية في الكويت بطاقة إنتاجية قدرها 50 ميجاواط وبتكلفة 383.9 مليون دولار. وفي الإمارات تم تدشين المرحلة الأولى من مشروع «مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية» في 2013، وتبلغ القدرة الإنتاجية لكامل المجمع 5000 ميجاواط، عند اكتماله في عام 2030. وفي المملكة بدأت الشركة السعودية للكهرباء بخطوات تنفيذ مشروع الطاقة المتجددة بقدرة 50 ميغاواط في كل من الجوف ورفحاء، كما تدرس أرامكو السعودية تنفيذ مشاريع طاقة شمسية. وفي الإطار ذاته، وقعت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (العام الماضي) مذكرتيّ تفاهم مع «تقنية للطاقة» و«الشركة السعودية للكهرباء»، لإنشاء أول محطة طاقة شمسية مستقلة في المملكة، ومركز مشترك للأبحاث والتطوير في قطاع التوزيع التابع لشركة الكهرباء. يشار إلى أن مدينة الملك عبدالعزيز والشركة السعودية للكهرباء أنجزتا أول مشروع لتركيب خلايا كهروضوئية تعتمد على الطاقة الشمسية في توليد الطاقة لمدرستين بالرياض. وتتوقع «إيرينا» أن إنتاج الطاقة من مصادرها المتجددة بالمملكة، سيبلغ 54 جيجا واط بحلول 2032، بواقع 16 جيجا واط من الطاقة الشمسية الضوئية، 25 جيجا واط من أنظمة الطاقة الشمسية المركزة، 9 جيجا واط من الرياح، و3 جيجا واط من إعادة تدوير المخلفات بهدف توليد الطاقة، وجيجاواط واحد من الطاقة الحرارية الأرضية. تحويل المخلفات وعلى صعيد إدارة المخلفات لتوليد الطاقة، يقول موقع «RETech» الألماني المعني بتحويل المخلفات إلى طاقة حول العالم: إن المنطقة العربية تحظى بفرص هائلة، نظرًا لارتفاع معدلات إنتاج الفرد من المخلفات الصلبة، إذ يصل في بعض البلاد العربية إلى أكثر من 2 كيلو جرام يوميًا. ويُتوفع لصناعة تحويل المخلفات إلى طاقة أن تصل إلى 80.6 مليار دولار عالميًا بحلول 2022، ويعد الشرق الأوسط سوقًا ناشئة في هذا الصدد، لكن المسألة تحظى باهتمام كبير من حكومات الدول العربية أيضًا، إذ أعلنت الإمارات خطة هدفها تطوير أنظمة وتقنيات للتخلص النهائي من المخلفات الصلبة أولًا بأول بحلول 2021. وتعمل سلطنة عُمان على إنشاء 13 موقعا لدفن للنفايات و36 محطة تحويل مخلفات، كما استثمرت قطر مبالغ مالية تقدر بنحو 4 مليارات ريال قطري لتصميم وبناء وتشغيل مركز معالجة النفايات لمدة عشرين سنة، بالإضافة إلى إنشاء 4 محطات ترحيل. معدلات النفايات السنوية ويتوقع ان يصل انتاج المملكة من المخلفات 25 ألف طن يوميًا لحلول 2020، وتتخذ الحكومة خطوات جادة حيال تلك الأرقام، بإنشاء مواقع ردم للنفايات ومحطات معالجة نفايات وشراء شاحنات جمع مخلفات وحاويات بلاستيكية. وتقدر حجم النفايات الصلبة في المدن الخليجية بنحو 80 مليون طن سنويًا، لكل أنواع النفايات وتشكل نفايات قطاع البناء والهدم 53% منها والنفايات البلدية الصلبة 33%، فيما تشكل النفايات الصناعية 14% من إجمالي النفايات الصلبة، التي يقدر حجمها خليجيًا بنحو 26 مليون طن، وتشكل حصة المملكة منها نحو 65% أو ما يعادل نحو 17 مليون طن سنويًا. من هنا يتضح ارتفاع معدل ما ينتجه الفرد في المملكة سنويًا من نفايات صلبة، ويبلغ نحو 667 كيلو جرامًا، وهو من بين أعلى النسب عالميًا حيث يصل في الولاياتالمتحدة إلى 776 كيلو جرامًا للفرد، وفي بريطانيا إلى 478 كيلو جرامًا للفرد، فيما يبلغ في الهند 38 كيلو جرامًا للفرد في السنة.