اسمحوا لي أن أبدأ المقال بطرح بعض من الأسئلة لعلي أجد عندكم إجابات أو أشارككم بعضا منها. ماذا ستكون ردة أفعالنا وشعورنا لو أن أحدنا رسب ثلاث مرات متتالية في الجامعة؟ وماذا لو تقدم بعد ذلك للحصول على وظيفة وتم رفضه ثلاثين مرة؟! ما الذي سنقوله لأنفسنا أو لأشخاص حدث لهم مثل ذلك؟ من الأجوبة المعتادة والمتوقعة أننا سنقول: إنه منحوس، أو ابحث لك عن واسطة. وربما يقول الآخر: ما لك حظ في هذه الدنيا! تلك بعض الإجابات التي سوف ندندن بها مع أنفسنا أو نُسمعها للآخرين، إضافة إلى ذلك سيكون هناك سيل عارم من الكلمات المثبطة التي تقص أجنحة إرادتنا عن الطيران نحو أحلامنا وأهدافنا. ولكن ماذا لو قلت لكم: إن هذه القصة حقيقية، بل إن صاحبها تقدم بطلب للانضمام لجامعة هارفارد المشهورة عشر مرات، وفي كل مرة تأتي الإجابة بالرفض طبعا. ولو كنا في مكانه لربما قلنا لأنفسنا: المشكلة فينا وليست في الجامعات أو الوظائف! إن رحلة النحس لذلك الرجل لم تنته بعد، بل هي للتو قد بدأت، فكل ذلك كان مجرد مقدمات لقصته، لأنه ظل يحاول مرات ومرات، وفي كل مرة يقول لنفسه: ربما هذه المرة لست منحوسا وسأنجح، فتقدم مع 24 شخصا للعمل في مطعم عالمي كان قد افتتح حديثا في مدينته، وتأتي المفاجأة أسوأ من التي قبلها لقد تم قبول جميع المتقدمين إلا هو! وبعد كل تلك المحاولات هل انكفأ على نفسه وانزوى عن العالم بحجة الحظ العاثر أو النحس المزمن؟ كلا فقد حاول أن يبحث عن مجال مختلف هذه المرة، فتقدم بطلب للانخراط في السلك العسكري مع خمسة أشخاص آخرين، وقد تم تعيينهم جميعا إلا هو. هذا الرجل قد اعتاد على أن يكون مرفوضا أينما حل أو ارتحل، ولكن بعد هذه الرحلة الطويلة من النُحُوس والرفض يتمنى اليوم الآلاف أن يعملوا معه والسبب أن صاحبنا المنحوس حين بلغ الخمسين من العمر أصبح يملك ثروة تقدر ب «12.1» مليار دولار!! إنه الملياردير الصيني المنحوس! (جاك ما) صاحب الموقع العالمي المشهور على الانترنت «علي بابا»، ولديه أكثر من 800 مليون مستخدم وعميل على الموقع. أعتقد الآن بعد أن سمعنا عن المبلغ الذي يملكه أو النجاح الذي حققه في عالم المال والأعمال، أننا كلنا نتمنى أن نكون منحوسين مثله!! ولكن أسباب النجاح لا تأتي من فراغ أو من أمان وأحلام مجردة، بل هناك مسببات ونصائح ذكرها في بعض لقاءاته الصحفية، ولعلي أختصرها وأجملها في خمس نقاط رئيسة مهمة: أولا: اعرف ماذا تريد بالضبط؟ وانطلق نحوه كالسهم ولا تحد عنه. ثانيا: تمتع بما اخترت لنفسك، يقول جاك: دائما ما أخبر نفسي أننا لم نولد لنعمل، بل لنتمتع بالحياة. ثالثا: سواء اتخذت قرارا أو لم تتخذ، فقد قررت في كلتا الحالتين!! وفي ذلك يقول: تصرفاتك أكثر أهمية من قدراتك، وبشكل مماثل، قراراتك أكثر أهمية من قدراتك. رابعا: فكر في النجاح الجماعي! بمعنى قد تصبح غنيا وصاحب ثروة، ولكن ما الذي سوف تقدمه لفريق عملك؟ وما الذي ستقدمه للعميل بشكل مختلف؟ خامسا: فكر بطريقة مجنونة، ولكن لا تكن غبيا! بمعنى ابحث دائما عن الأفكار الجديدة أو المتجددة، وتعلم من الأخطاء. فهل بعد تلك القصة ما زلنا نصدق المثل الذي يقول: المنحوس منحوس ولو علقوا على رأسه فانوس!.