ونحن نقترب من العام الدراسي الجديد أحب أن أوجه هذه القصة إلى المعلمين والمعلمات والطلاب خاصة، وللقراء عامة، ففيها بعض من الدروس المفيدة لكليهما. نشأ في عائلة فقيرة، وتعلم في المدارس الحكومية، وكان يجد صعوبة بالغة في جمع الكلمات في جملة واحدة، ولذلك كان يسخر منه أقرانه في الصف، والأسوأ من ذلك أن معلمته كانت تجعله يقف أمام الطلاب، وتنهمر عليه بالأسئلة من أجل أن تحرجه، ثم تزيد الطين بلة وتقول: أنت طالب بليد ولن تفلح أبدا. ماذا نتوقع منه بعد هذا السيناريو القاسي بالنسبة لطفل صغير مثله، هل نتوقع له مستقبلا باهرا؟ أما نفكر بطريقة سلبية ونعتقد أنه سيكبر ويصبح منطويا عن الناس والمجتمع، وسيفشل في حياته. وهذا هو النمط السائد في التفكير، ونزيد على ذلك بإلقاء اللوم على المجتمع أو الأسرة أو المدرسة بل حتى على أنفسنا، فالأعذار سهلة وكلنا نجيدها باحتراف وإتقان، ولكن القصة لم تنته بعد لأنها للتو قد بدأت. كبر الطفل وتزوج، وكون أسرة صغيرة وعمل في مهنة البناء لبعض السنوات لكن الحال لم يطب له، فقرر أن يزاول العمل لحسابه الشخصي وفشل من السنة الأولى وأفلس، لكنه قال لنفسه: ربما نفلح في المحاولة الثانية، وبعد ثمانية عشر شهرا فقط أفلس مرة أخرى. ثم بدأ بمشروع ثالث ولكن كما قيل «الثالثة ثابتة» فقد أفلس للمرة الثالثة، وبذلك يكون قد فشل ثلاث مرات في خلال خمس سنوات، ومن الطبيعي أن نقول عنه: إنه منحوس وأرجع لوظيفتك الأولى أفضل لك، ولكنه كان يفكر بطريقة مختلفة. كان يفكر ما الذي تعلمه من خلال خساراته الثلاث؟ لقد تعلم مهارة الإقناع، وذلك من كثرة ما كان يحاول إقناع الدائنين بتأجيل الدفع!! فحدثته نفسه إذا تلك هي الميزة والموهبة التى أملكها ألا وهي لساني؟!. وكانت تلك الشرارة لبداية الانطلاقة، وقد نجح نجاحا باهرا في مجال العقار السكني والتجاري، وخلال عشر سنوات فقط أصبح اسم بيتر دانيال على كل لسان في أستراليا. وقد أنشأ استثمارات ومشاريع عالمية، وله أصدقاء من رجال الأعمال وذوي المناصب من كل دول العالم. ولكن يبقى السؤال ما الذي تغير فهو هو نفس الشخص الذي كان بالأمس معدوما فقيرا، وأصبح اليوم مليارديرا. الجواب هو أولا الثقة بالنفس وعدم التوقف عن المحاولة. ثانيا استغلال الموهبة، والأكيد أن هناك في أعماق كل واحد منا ميزة وموهبة منحها الله لنا، وتكمن مهمتنا في اكتشاف هذه الموهبة، ومن ثم التضحية لصقلها. وقد ألف كتابا بعنوان: «آنسة فيليبس لقد كنت مخطئة» أراد أن يثبت ليس فقط للمعلمة، بل للعالم أيضا أنهم أخطأوا في الاستعجال بالحكم بالمؤبد عليه (أنه بليد)! وعندما سئل كيف تغيرت حياتك من القاع إلى القمة قال: «أنا أدخر يوما من كل أسبوع في جدولي لأفكر فقط»، وأعلم أن بعضنا سيقول: يا أخي أنا أفكر من سنين ولم يحدث شيء، والجواب هو فيما كنت تفكر؟! خلاصة القول اننا نعم قد نتأثر فترة من الزمن عاطفيا بما يقال لنا، ولكن لا يعني ذلك أن نمكث طويلا على أطلال الهشاشة النفسية، والدرس الآخر أنه ليس من الطبيعي أن ننجح بدون فشل!