(نوازف).. يقع هذا الكتاب في 295 صفحة من القطع العادي. وصادر حديثا للكاتبة فوزية ناصر النعيم، وهو يتألف من مجموعة كبيرة من المقالات والخواطر التي كتبتها الكاتبة، ونشرت بعضها في الصحافة خلال فترات معينة ومتباعدة من حياتها الأدبية، ومنذ بدأت علاقتها بالكتابة والورق والقلم. ويتضح لنا ذلك جليا عبر تلك الاطلالة (النازفة)، التي أطلت علينا الكاتبة من خلالها -كقراء- والتي جاءت على الغلاف الأخير لكتابها هذا كافتتاحية مناسبة لتصفحه، اذ تقول: (بين أيديكم «نوازفي» ومنبع نبضي وهمس قلبي... بعثرته السنين، وجمعته الصدفة... جمعته دون أن أنتقيه.. يحكي تفاصيل ما قبل... وما بعد... وسيبقى حين أمضي! بدأت بخربشاتي على صفحات الصحف... وما كنت يوما أتصور أن ألملمه ليكون ميراثا! بدأ منذ أن «كنت» أتقلب في أفلاك المحبة العابرة حتى استويت على سوقها... وانتهى بيقيني أن في تجارب العبور تهذيبا لنهاية المطاف. هذا الكتاب يحوي سنين حياتي ومراحل عمري وقلبي المثقل بالخفقات المتزاحمة... كل خفقة تسابق أختها لتسجل تاريخا!!). انتهى كلامها. ويظهر لمتصفح هذا الكتاب أن الهاجس الأكبر المسيطر على مشاعر كاتبته ومؤلفته وأحاسيسها هو (الزمن) بصورتيه: الحسية والمعنوية، فهي لا تكف لحظة واحدة عن ربط كل ما حولها من مظاهر الحياة وحركتها بدوران عجلة الزمن، بكل جزئياته وتفاصيله ومسمياته، التي اصطلح الناس عليه أو تعارفوا عليه: الثواني، الدقائق، الساعات، الأيام والليالي، الشهور والسنين...الخ. فهل معنى هذا أن (نوازف) مجموعة من المشاعر الانسانية والأحاسيس النفسية والتخيلات الذهنية المواكبة في حركتها لإيقاع الزمن بكل تفاصيله؟ وانها لن تتوقف عن النزيف، وانما ستظل هكذا نازفة، والا كان مجرد توقفها ايذانا بموتها، لأنه لا نزيف بلا جرح، والموت يعني نهاية المطاف لحياة كل كائن حي، فلا نزيف ولا جرح اذن يشتكي منه الأموات! كما قال المتنبي في بيته الشهير (ما لجرح بميت ايلام)! ولذلك كان حضور الزمن في جميع المقالات والخواطر، التي ضمها هذا الكتاب حضورا واضحا ومثيرا الى حد الدهشة، ومحفزا لتساؤل كثير من القراء حول هذه (الفوبيا الزمنية)، التي تختلج بها مشاعر الكاتبة، وينبض بها قلبها، وتعج بها مخيلتها، وتفيض بها حروف قلمها، وتغرق فيها أوراقها. ومثل هذا يمكن للقارئ ملاحظته بسهولة في كثير من تلك المقالات والخواطر التي ضمها الكتاب، وأبسط مثال له، تلك الخاطرة التي عنونتها الكاتبة ب (أبجدية) اذ تقول: (أتساءل: هل يمكننا أن نتفاوض مع الزمن ثم نتحايل عليه ونمزق جزءا من رزنامته، لتقع من يميننا شذرا، وتستقر في سلة المهملات؟). الكتاب: ص212.