عادت مؤشرات أعداد اللاجئين السوريين، الفارين من ويلات نظام الأسد، إلى الصعود مجدداً، تزامناً مع انهيار الهدنة وارتفاع وتيرة العمليات العسكرية في مختلف مناطق سورية، فيما لا تزال مشكلة الاندماج في المجتمعات المضيفة قائمة، وقالت بيانات رسمية، حصلت عليها «اليوم» من قيادة حرس الحدود الأردنية، إن «مؤشر أعداد اللاجئين السوريين عاود الارتفاع خلال شهري إبريل الماضي ومايو الجاري». وكشفت بيانات حرس الحدود الأردني أن «11 ألف لاجئ سوري عبروا الحدود إلى الأردن خلال شهري إبريل ومايو 2016، مقارنة مع 6 آلاف لاجئ خلال أشهر يناير وفبراير ومارس من العام ذاته». وتظهر بيانات حرس الحدود الأردني أن المتوسط اليومي لعبور اللاجئين السوريين بين يناير – مارس بلغ 66.6 لاجئ/يومياً، فيما ارتفع المتوسط خلال إبريل والأيام الثمانية الأولى من مايو إلى 289.5 لاجئ/يومياً، ما يعني زيادة تقارب 500% تقريباً، وفقا لمتوسط المقارنة بين الفترتين. وتشير بيانات حرس الحدود إلى أن الأردن استقبل خلال شهر إبريل الماضي 9 آلاف لاجئ سوري، وخلال الثمانية أيام الأولى من مارس 2387 لاجئا. وأرجع مصدر عسكري، في تصريح للصحيفة الزيادة المضطردة إلى «عودة نظام الأسد وحلفائه إلى العمليات العسكرية العشوائية، التي تضمنت بشكل رئيسي محافظة حلب وريفها ومناطق الجنوب السوري». وقال المصدر إن العمليات العسكرية، التي تنفذها قوات النظام السوري وحلفائها، أسهمت في عودة متوسط اللجوء إلى معدلات مرتفعة، مقارنة مع تلك المعدلات التي بلغها خلال الهدنة العسكرية. ونفى المصدر، الذي فضل حجب اسمه، أن يكون الأردن قد غيّر من مقاربته في مرور اللاجئين، مبينا أنها «لا تزال تخضع لتقديرات المستوى العسكري والأمني». ويتبنى الأردن مقاربة أمنية في التعامل مع تدفقات الفارين من ويلات نظام الأسد، تقضي باخضاعهم لتدقيق أمني مشدد، يراعى فيه السن والجنس ومنطقة الإقامة السابقة والحالة الصحية. من ناحيتها تخشى السلطات الأردنية وجود عناصر تابعة لتنظيمات متشددة، سواء كانت تابعة لتنظيمات مناوئة لنظام الأسد أو موالية له، متوارية بين اللاجئين السوريين، وما يدفع إلى تفاقم أعداد اللاجئين ممن ينتظرون العبور إلى المملكة. وتكشف بيانات مستقلة، صادرة عن مفوضية الأممالمتحدة للاجئين، النقاب عن تأثر أعداد اللاجئين السوريين الفارين إلى الأردن، صعوداً وهبوطاً، بمجريات العمليات العسكرية على الأراضي السورية، إذ تزداد الاعداد ارتباطاً ب «حدة العنف»، الذي يمارسه نظام الأسد وحلفاءه. وتشير بيانات الأممالمتحدة، التي اطلعت «الصحيفة على نسخة منها، الى أن ذروة أعداد اللاجئين الفارين إلى الأردن كانت عام 2013، مع تصاعد عمليات القصف بالبراميل المتفجرة والمواد الكيميائية، التي استخدمها النظام في مواجهة المعارضة السورية. وتظهر البيانات أن»22 ألف لاجئ فروا إلى الأردن عام 2011، ليرتفع العدد إلى 177 ألفا خلال 2012، ثم بلغ ذروته ب 305 آلاف لاجئ خلال 2013، ليعاود الهبوط إلى 82 ألف لاجئ خلال عام 2014، وصولاً إلى 33 ألفا فقط خلال العام 2015«. وبلغ المعدل اليومي للاجئين السوريين الفارين إلى الأردن، وفق بيانات الأممالمتحدة، إلى 60.3 لاجئ في اليوم خلال 2011، ليرتفع إلى 484.9 لاجئا يوميا خلال 2012، وصولاً إلى ذروته ب 835.6 لاجئا في اليوم خلال 2013، ليعاود الانخفاض إلى 244.7 لاجئا خلال اليوم في عام 2014، وصولاً إلى 90.4 لاجئ يوميا خلال 2015. ويأتي ذلك بينما لا تزال مشكلات إدماج السوريين، في المجتمع الأردني المضيف، تواجه عقبات عديدة، رغم الجهود المبذولة على مستويي الحكومة الأردنية ومنظمات المجتمع المدني العاملة. وفي وقت سابق، عقدت السلطات الأردنية تفاهماً مع الدول الممولة للاجئين، يقضي بتوطين السوريين اقتصادياً في المملكة، وهو ما يواجه عقبات جمّة، وفق مسؤولين أردنيين، خاصة في ظل مشكلة»اللجوء المزمن«الذي تعانيه البلاد. ويبدي لاجئون سوريون مخاوف سواء لجهة تمييزهم عبر الوصف بدولة اللجوء القادمين منها، كأن يتجاوز الآخر أسماءهم لمناداتهم ب»السوري«، أو لجهة الاحتكاكات في سوق العمل والمؤسسات التعليمية والاجتماعية، التي يعتقد الأردنيين أنها بالكاد تفي باحتياجاتهم. ويقول أبو أحمد، وهو لاجئ سوري يفترش بسطة للخضار في شارع عام، إن»الاحتكاكات اليومية في سوق العمل دفعتني إلى الابتعاد في طلب الرزق عبر هذا الفرش«. ويتفهم أبو أحمد، في حديثه لنا»، طبيعة المشكلة الاقتصادية المتجذرة في الأردن، التي ترافق ندرة الموارد، بيد أنه يتساءل «ماذا عساني أفعل؟، أنا مضطر للعمل في ظل عدم كفاية المساعدات الأممية، وفي أحيان كثيرة انعدامها تماماً». ويشير اللاجئ أبو أحمد أن «اثنين من أبنائه غادرا المدرسة نتيجة المعاملة الاستثنائية»، مبيناً أنها «معاملة تمييزية على خلفية الأصل الوطني، إذ يتفادى الطلبة والمعلمون مناداتهم بأسمائهم لصالح مناداتهم بمواطنهم الأصلية». وحديث أبو أحمد يكشف حقيقة أن «تقارب» أو «تشابه» الثقافات الاجتماعية، ووحدة المرجعيات القومية والدينية، ليست كافية في استيعاب المجتمعات المضيفة للاجئين، فبالنسبة له «هذا لا يعني أبداً اندماجا». ويستضيف الأردن، منذ تأسيس المملكة، لاجئين من عدة دول، بدأت بموجات اللاجئين والنازحين الفلسطينيين خلال أعوام 1948 و1967، مروراً باللاجئين السياسيين القادمين من سورية في عهد حافظ الأسد، وصولاً إلى اللاجئين العراقيين واليمنيين والسودانيين، الذين فروا من ويلات الصراع والحروب في بلدانهم. وتقدّر السلطات الحكومية الأردنية نسبة اللاجئين في الأردن، من مختلف دول اللجوء، مقارنة ب «الأردنيين الأصليين»، المعروفين وفق الأدبيات المحلية ب «الشرق أردنيين»، بنحو الضعفين، وهو ما يثير غضباً شعبياً واسعاً ومخاوف جمة على الهوية الوطنية.