الحوار من العناصر الهامة في القص، وهو يُتم تشكيل الحدث الذي يتضمنه إلى جانب الشخصيات والزمان والمكان. ■ ما الحوار: * الحوار هو (القول) الذي يجري على ألسنة شخوص القصة، ويكون إما بين شخص وشخص آخر، أو مجموعة شخوص، أو يكون حديث النفس مع ذاتها. ■ لماذا يأتي الحوار؟ أي ما أغراضه؟ * يأتي الحوار للأمور التالية: 1- يبدي ما تخفيه الشخوص في أعماقها. كالأمر المسيطر عليها، دوافعها، قرارتها، والحل الذي ستتخذه في النهاية. 2- يطور من فهم الشخصية الحاسمة (الرئيسة)، والانسجام والتعاطي معها، والتنبيه لما في خلجاتها. 3- يساعد في رسم شخصيات القصة، حيث إن الشخصية لا يمكن أن تظهر كاملة الوضوح والحيوية إلا إذا سمعها القارئ وهي تتحدث. 4- يخفف الحوار المادة الثقيلة والرتابة للسرد، مما يريح القارئ من متابعة السرد ويبعد عنه الشعور بالملل. 5- يساعد على تصوير موقف معين في القصة، كالصراع العاطفي أو الحالة النفسية مثل (الخوف أو الكبت أو الغيرة أو التردد أو الوفاء) أو غيرها. 6- يظهر مستوى ثقافتها، وبيئتها. 7- يزيد من عملية التشويق. ■ كيف يأتي الحوار؟ * يأتي وكأنه في الواقع تماماً، لكنه ليس بالواقع.. لأنه حوار مختلق يدخل ضمن شروط الكاتب، وله الصفات التالية: 1. يدور حول الغرض الذي يريده الكاتب. 2. تجنب الخطابة فيه. 3. عدم اصطناع الإثارة في نفس القارئ بعبارات طنانة. 4. خال من العبارات المحفوظة الزاخرة بالحكم والأمثال وكأنهما في مباراة لمعرفة أيهما أبلغ حديثاً من الآخر، إلا إذا كان الهدف يستدعي ذلك. 5. يكون في صلب القصة، وجزءا أساسيا فيها، بحيث إذا حذفت عبارة واحدة منه اختل سياق القصة من أساسه، ويعني هذا تجنب الكاتب لكتابة عبارات حوارية لمجرد الثرثرة أو لاستعراض قدرته على إدارة الحوار. 6. شدة الحذر عند استعمال اللغة الدارجة فيه. 7. جعل العبارات قصيرة وسريعة بقدر الإمكان. 8. يجب أن يكون بلغة عربية سليمة سهلة تجمع بين رصانة الفصحى ومرونة العامية (التي تسمى باللغة الوسط). 9. لا يخلو من التلميح أو اللفظ الجذاب، أي لا يكتب بعبارات واضحة وصريحة جدا. ■ ما الكيفية التي يُكتب بها الحوار؟ * يكتب كما هو خارج من الشخوص وتحركت لأجله، أي: 1- بنبرة الصوت، مثال: (قال بشراسة، بحدة، بهدوء، بسخرية). 2- بالإيماءات اليدوية، مثال: (أشار إلى فلان وقال). 3- بالحركات الجسدية، مثال: (قال كذا بعد أن جلس خلف الطاولة، أو اختفى خلف الجدار وقال، أو بينما يجري كان يقول كذا). 4- بتعابير الوجه، مثال: (حرك حاجبيه إلى الأعلى وقال، أو قال حين افترش ابتسامة على شفتيه). ■ هل يمكننا التخلي عن الحوار في القصة؟ * نعم، في مثل الأمور التالية: 1- إذا لم يجد الراوي غرضاً ضرورياً له، كإبدائه للأمر المسيطر، والدوافع، والقرارات، والحل. 2- إذا استطاع الراوي إبداء الدوافع والقرارات وغيرها في السرد. 3- إذا استطاع الراوي تفسير صمت الشخصيات. مثال: (لاذ زيد جانباً وهمس لنفسه: لن أعترف بسرقة المال، فالعقاب لا يحتمل). مثال متكامل على كل ما ذكر: زيدٌ منبهراً مبتسماً قال لي (محمد رجل عظيم جدا)، ثم أكمل وهو يناولني مغلفا جميلا (سأعطيه هذه الهدية.. ما رأيك؟). نظرتُ إلى الهدية، أعجبني حجمها وشكلها، بادلته الابتسامة وقلت: (لطف منك الاهتمام به.. سرني ذلك) صافحته قائلاً له (سيكون ذلك حافزاً لمحمد ليتقدم إلى الأمام أكثر) تبسم أكثر وقال: (هذا ما أريده).