تتصاعد خلال هذه الأيام أصوات الموسيقى داخل مزارع منطقة جازان، وترتفع وقع النغمات الموسيقية المتميزة، فمع كل نغمة يسمعها المزارع لها وقعها الخاص وقيمتها العالية عنده لا سيما بعد عام كامل من عملية الكفاح من ري وتسميد والمتابعة المستمرة بمزرعته، وتظهر هذه النغمات الموسيقية في فترة الظهيرة وتستمر لمدة قصيرة قد تستغرق من ساعتين إلى أربع ساعات، وما يميز هذه النغمات أنها ليست من أدوات الموسيقى المعروفة، ولكنها نغمات من الطبيعية وأشجار المانجو، وتظهر هذه النغمات كدقات الطبول والأجراس بسقوط كل ثمرة مانجو من الشجر بعد نضجها حيث تصدر الثمرة صوتا مميزا عند سقوطها وارتطامها بالأرض أو على الأوراق المتساقطة أسفل شجرة المانجو. «اليوم» قامت بجولة ميدانية داخل مركز الأبحاث الزراعية بمنطقة جازان والذي له جهود كبيرة في تطوير الزراعة بالمنطقة، وتقديم كل ما يحتاجه المزارعون من إرشادات ودورات تدريبية لتطوير إمكانياتهم، وتساهم في زيادة محصولاتهم الزراعية بأقل تكلفة وبإنتاجية عالية، وهو ما أكده مدير المركز المهندس صالح القحطاني. وكشف القحطاني أن الأنواع التي يقوم المزارعون بزراعتها في مزارعهم من فاكهة المانجو 13 نوعا فقط بينما نجح المركز حتى الآن في زراعة 58 نوعا من ثمار شجرة المانجو والتي تم استيرادها من دول العام، وأن هناك أعدادا كبيرة بدأت في الإنتاج تمهيدا لبدء تقديمها للمزارعين في المنطقة، بما يكفل لهم بأن يكون إنتاج المانجو في مزارعهم بجودة عالية وبأصناف مختلفة وبكميات كبيرة، تساهم في أن يكون لهم مردود مالي يساهم في تطوير مزارعهم خلال الفترة القصيرة القادمة. وأشار إلى أن من أهم أعداء فاكهة المانجو والتسبب في فساد الثمرة لفحة الشمس الحارة والجرب إضافة إلى ذبابة الفاكهة بينما تعد الفطريات من أعداء الشجرة و«الداي باك» الموت الرجعي. وأضاف إن من الطرق التي يستخدمها المركز والمزارعون في زيادة وسرعة التزهير في شجرة المانجو استخدام التعطيش بعدم ري الشجرة لفترة محددة وكذلك باستخدام الدخان بإحراق الورق بجوارها وصنع «خندق» حول جذور الشجرة ويساهم ذلك تزهير الشجرة. وكشف أن المركز استقطب مؤخرا أنواعا جديدة من المانجو تستطيع أن تتكيف مع المياه المالحة ومن هذه الأنواع 13/1 وكذلك نوع ترنبتاين وهذه الأنواع تستطيع أن تتكيف مع المياه المالحة عكس الأنواع الأخرى المعروفة والتي تتسبب المياه المالحة في موتها، إضافة إلى نوع فالنسيا برايد والتي استقطب من ولاية فلوريداالأمريكية والتي يعول عليها كثيرا للمزارعين، حيث إن إنتاجها بكميات وأحجام كبيرة إضافة إلى جودة النوع المميز في الطعم والرائحة. وبيّن أن مساحة مركز الأبحاث تبلغ 50 هتكارا، وبدأ المركز في تسوير الحقول الزراعية والذي أوشك المشروع على الانتهاء منه، ويحتوي بداخله على 4500 شجرة فاكهة من الأشجار والفواكه الاستوائية والذي نجح المركز في استزراعها، وأن المركز يستخدم أجهزة متطورة فيها برنامج لمسح التربة حول الأشجار لمعرفة مدى التسميد والري بالتربة وإن ذلك قريبا سوف يكون بشكل إلكتروني بكامل حقول الأشجار بالمركز. وكشف القحطاني أن المركز يقوم حاليا بعمل دراسات وتجارب على زراعة النخيل بالتعاون مع مركز أبحاث الزراعة في محافظة الأحساء، إضافة إلى دراسات أخرى لزراعة شجرة التين والتي استقطبت من دولة تونس وينتج هذا النوع من الثمار مرتين في السنة بالتعاون مع جامعة جازان، حيث نجح المركز بزراعتها ولا يزال يقوم المركز بعمل دراسات عليها للمساهمة في توفيرها على المزارعين، إضافة إلى التين المتوفر بالمنطقة من التين البلدي والتين البروان التركي، مضيفا إن المركز نجح في زراعة شجرة فاكهة الجرافيولا والتي تجرى عليها دراسات عالمية عن مدى فعاليتها في محاربة أمراض السرطان، إضافة إلى شجرة الكراميولا «ستار فروت» نجمة الفواكه والتي استقطبت من شرق آسيا وتثمر مرتين بالسنة وهي غنية بالألياف، مشيرا إلى نجاح زراعة فاكهة الأناناس الاستوائية إلا أن الشجرة تحتاج للظل حتى تبدأ بالنمو والإنتاج. كما يحتضن مركز الأبحاث الزراعية في منطقة جازان أول شجرة مانجو غرست في المنطقة ويبلغ عمرها أكثر من 45 عاما وذلك بعد أن أحضرها الأشقاء المصريون من مصر لتجربة زراعتها بالمنطقة، حيث كانت بداية انطلاقة زراعة أشجار المانجو في منطقة جازان، وأكد القحطاني أن شجرة المانجو من الأشجار المعمرة، حيث تصل الأشجار البذرية غير الملحقة إلى 200 عام بينما تصل الأشجار الملحقة إلى 70 عاما.