لا بد أن نشعر بالتعاطف مع رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي. في غياب أي تحفيز في المالية العامة من حكومات منطقة اليورو، قام بالحفر أعمق وأعمق في فصول كتاب غير مقروء سابقا حول السياسات النقدية غير التقليدية. أجره على ذلك؟ تقريع من ألمانيا، وتضخم أقل من الهدف بعناد، ومعضلة على غرار فيلم «فايت كْلَب» الذي يحظر عليه التقليل من شأن اليورو أو مناقشة أموال المروحيات. الاستنتاجات الرئيسية من اجتماع البنك المركزي الأوروبي الأخير هي أن وقف إطلاق النار الفعلي في حرب العملات العالمية، الذي تمت الموافقة عليه بهدوء في اجتماع شنغهاي في فبراير لمجموعة الاقتصادات العشرين الكبرى، يبدو أنه ساري المفعول. قام دراجي بدوره للحفاظ على السلام في المؤتمر الصحفي يوم 10 مارس قائلا: «إننا لا نتوقع أنه سيكون من الضروري تخفيض سعر الفائدة أكثر.» وكان اليورو بسعادة في طريقه لانخفاض يصل إلى 1.08 دولار. في الوقت الذي كان يتمتع فيه متداولو العملة بأول مساء يرتشفون فيه الشراب من ذلك اليوم، تعزز اليورو ليصل إلى 1.12 دولار وهو أعلى مستوى في شهر تقريبا. وبالنظر إلى أن ضعف اليورو كان أحد النقاط المضيئة القليلة في الفلك الاقتصادي في أوروبا، وكان من المتوقع لدراجي أن يتعرض لانتقاد العملة مرة أخرى. لكن عندما سئل مباشرة عن تعليق الشهر الماضي، تجنب الرد وسلك طريقه مسرعا - ولا يزال اليورو عند نحو 1.13 دولار، وقد بلغ لفترة وجيزة 1.14 دولار. وبالتالي فإن الانفراج الحالي صامد: الولاياتالمتحدة لا ترفع أسعار الفائدة، والصين لا تخفض من قيمة اليوان، وبقية العالم يتوقف عن محاولة تحفيز النمو والصادرات من خلال سياسات إضعاف العملة وإفقار الجار. وقد طُلب من دراجي أيضا إعادة النظر في تعليق مارس حول أموال المروحيات، التي وصفها بأنها «مفهوم مثير للاهتمام للغاية.» الأمر الذي لاقى اعتراضا من رئيس البنك المركزي الألماني ينس فيدمان، الذي رفض الفكرة باعتبار أنها «سخيفة». كان لدى دراجي نسخة من تصريحات الشهر الماضي لتسليمها؛ سئل مرتين عما إذا كان من القانوني للبنك المركزي الأوروبي حقن المال مباشرة في الاقتصاد، على النحو الذي تصوره ميلتون فريدمان، وقال دراجي «لم نقم بمناقشة ذلك.» لكن بالنسبة لموضوع لا يجري التفكير فيه حاليا، قام أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي بالإشارة إلى أموال المروحيات في عدد ضخم من الخطب. لن يكون من المفاجئ إذا كان الأوصياء على الاستقرار النقدي يناقشون حتى إجراءات أكثر جذرية. يشير استطلاع الإقراض المصرفي الخاص بالبنك المركزي الأوروبي إلى أنه في حين أن برنامج التسهيل الكمي الحالي ربما يضخ 80 مليار يورو شهريا في النظام المصرفي، إلا أنه فشل في إنعاش الطلب على الائتمان من الشركات. سجلت البنوك تراجعا في الطلب على القروض للشركات في الربع الأول، والموازنة لدى البنوك التي تشهد طلبا متزايدا على المال تبقى منخفضة بشكل خطير. وعلاوة على ذلك، تميزت نتائج مسح الإقراض لشهر أبريل بسؤال مخصص مطوي بعيدا (أو مدفونا، إذا كنت تفضل ذلك) في صفحة 46: «على مدى الأشهر الستة الماضية، ما الأهداف التي جعلت البنك لديك يستخدم السيولة الإضافية الناشئة عن برنامج شراء الأصول الموسع في البنك المركزي الأوروبي؟ ولأي أغراض سوف تستخدم مثل هذه السيولة على مدى الأشهر الستة المقبلة؟» لم يقل أي مسؤول قروض من بين 141 مسؤولا شملهم الاستطلاع إن الأموال النقدية التي قدمها البنك المركزي الأوروبي «ساهمت بشكل كبير» في القروض للشركات غير المالية. وقال 30 واحدا منهم فقط: إن المال «ساهم الى حد ما»، و70 منهم قالوا إنه «لم يكن له في الأساس أي تأثير.» تلك الردود، علاوة على ذلك، كانت متطابقة تقريبا على مدى نصف السنة الماضية، وللفترة المقبلة. قال حاكم بنك انجلترا السابق ميرفين كينغ في وقت سابق من هذا الأسبوع «الجواب ليس السياسة النقدية». وما لم تقم الحكومات بدورها، وإلى أن تقوم الحكومات بدورها، لتعزيز النمو، فإن صناع السياسة النقدية مثل دراجي لا ينبغي أن يكونوا عرضة للانتقاد لقيامهم قدر المستطاع بما لديهم من أدوات متاحة - أو للتفكير حتى في إجراءات متطرفة أكثر.