قبل عشرين عاما برز في المشهد الأمريكي المحافظون الجدد، وكنا حينئذ نظن أن هؤلاء هم نهاية وذروة التطرّف الوطني الأمريكي بصيغته المعاصرة التي شهدنا مثلها قبل عقود فكر وتطرف جماعات (KKK)، الكوكس كلان.. الذين انخرطوا في أعمال إرهاب سرية، ومارسوا الاغتيال على الهوية واللون. يبدو أننا أقل معرفة بتحولات المجتمع الأمريكي، نعم نحن مخطئون.. الآن ظهرت شوفينية أكثر تطرفا يمثلها تد كروز ودونالد ترامب! هذه الشوفينية الجديدة التي تهيئ الرأي العام الأمريكي لسياسات عملية لطرد المسلمين وإهانتهم في المطارات والجامعات لمجرد انهم مسلمون، سوف تكون تطبيقاتها صادمة للأجيال الجديدة التي بدأت تعرف خطورة التحالف مع السياسات الأمريكية. العالم الإسلامي كان على صدام مع القوة العسكرية الأمريكية لعدة عقود، وأمريكا في حربها مع الشيوعية سعت لإطلاق الإسلام السياسي، ودفعت إلى اساءة استخدام شعيرة الجهاد في الإسلام، وعملت على اطلاقها عبر الجهاد ضد السوفييت. الآن النخبة السياسية والاقتصادية والفكرية الشابة في العالم الإسلامي يتشكل وعيها الجديد على الصدام مع القوة الأمريكية الناعمة. أجيال ترى هجوما غير مبرر على دينها وعقيدتها، ويتم وضعها في صورة نمطية سلبية سيئة، وهذه الصورة السلبية يروج لها السياسيون الذين يصفق لهم جزء مهم من الشارع الأمريكي، وتؤدي الآن إلى التضييق على المسلمين في المطارات وفي بعض الجامعات. مثلا، الشوفيني الجديد مرشح البيت الأبيض تد كروز، الذي يجمع الأنصار حوله كل يوم، اعترض بشدة على الرئيس أوباما الذي طلب عدم ربط الإرهابيين بالإسلام، ولم يستحِ عندما قال: يجب أن نسمي الأشياء بأسمائها.. هؤلاء إرهابيون مسلمون.! الأجيال المسلمة الجديدة، والتي يصدمها مثل هذه المواقف، تستطيع أن تجمع نفسها عبر التواصل الاجتماعي وتنشئ حالة اجماع، وتشكل رأيا عاما خاصا في العالم الإسلامي مضادا للشوفينية الأمريكية الجديدة، وبالتأكيد سوف تتحفز للدفاع عن ذاتها وصورتها في عالم اليوم، حيث تخرج الأجيال الجديدة بوعيها وإدراكها عن المكان والزمان المحليين.. إلى العالم الواسع. لذا، الشباب المسلم لا يقبل أن تقود أمريكا تشويه سمعته وحضارته. اجزم أن الصورة النمطية في العالم الإسلامي عن أمريكا الجديدة لن تكون إيجابية، ونرجو ألاِّ تكون عدائية تجاه الشعب الأمريكي. هذا الشعب الطيب مختطف من الشوفينيين ومن أصحاب المصالح واللوبيات الخاصة، كحال بعض الشباب في العالم الإسلامي، اختطفهم المتطرفون المرضى فكريا ونفسيا، كما اختطفتهم المشاريع السياسية، وبالذات الأمريكية!.