أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أن هذه الدولة المباركة هي مشروع مستمر للتحول نحو الأفضل، وفي إعادة مراجعة أمورها، وفي التطوير ومحاكاة العصر، لافتا إلى ما يؤكده دائما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بأن هذه الدولة قامت وتأسست وتوحدت واستقرت بجهود آباء وأجداد المواطنين في كل المناطق، ولم تقم على جهد رجل واحد، وبأن رسالة المملكة العربية السعودية هي جمع شمل الناس الذي لا يتحقق إلا بتوحدهم على كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله). وقال سموه في كلمته في افتتاح متحف الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري -رحمه الله- في مزرعة الأجاويد بمركز نساح في محافظة المزاحمية: «أعتز بالوالد محمد الأحمد السديري، وكنت محظوظا بأن عاصرته في طفولتي وشبابي، حيث كانت أجمل أوقات العمر في التلاقي معه -يرحمه الله- والإخوان الباقين، وتركي بن أحمد السديري أخوهم الأكبر في الطائف وفي الرياض وفي كل مكان، وهو من الشخصيات المهمة التي كان لها دورها في مرحلة تأسيس المملكة، وثقة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بالرجال كانت فيهم وفي غيرهم، حيث انتشر رجال هذه الدولة المخلصون لخدمة وطنهم في تأسيس وتعزيز وحدة هذه البلاد وجمع شمل الناس وحل القضايا التي تراكمت عبر التاريخ حتى انصهر الجميع في وحدة حقيقية، ليست وحدة بالحديد والنار، بل وحدة قلوب قبل أن تكون وحدة حدود ووحدة مستقبل قبل أن تكون وحدة تناحر، حيث لم يكن بناء هذه الدولة من شخصٍ واحد ولا يمكن أن تستمر أي دولة وتُبنى وتستقر بوجود شخصٍ واحد، الملك عبدالعزيز -رحمه الله- كان دائماً يعتز بالناس الذين قاموا معه على هذه الوحدة وآمنوا برسالتها، ولم تكن وحدة المملكة العربية السعودية وحدة دماء ولا وحدة قتل جائر، الحقيقةً أن الناس هم الذين التفوا حول هذه الوحدة، والذي يقرأ التاريخ يعرف أن آباء وأجداد مواطني هذه البلاد أقبلوا على هذه الوحدة وشاركوا فيها ورغبوا أن يجتمع شملهم، والله سبحانه وتعالى مقدر لهذه الجزيرة العربية أن تتحد لتتجه لخدمة الحرمين الشريفين وتأمين الحجاج والاستقرار». وأضاف: «خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- بالذات له علاقة وطيدة وقوية جداً مع الخال محمد بن أحمد السديري -رحمه الله- ومع الأخوال الذين كانوا منتشرين في أكثر من 20 منطقة في المملكة ومناطق حدودية، حيث خدموا بعيداً عن أسرهم وأسهموا في ترسيخ الدولة، أنا أذكر الوالد تركي بن أحمد السديري أكبر أبناء أحمد محمد السديري -رحمه الله-، بدأ مع الملك عبدالعزيز في حياته الأولى وشاركه جهود التوحيد والتأسيس وخدم كل المناطق، كنا نأتيه في بيته في الرياض بحكم أنه أب للوالدة -رحمها الله- سلطانة بنت تركي السديري. وقال: «كنت أمس مع والد الجميع الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- وذكرت له واستأذنته بأنني سوف أكون هنا اليوم، وقال -يحفظه الله- الكلام الذي قلته عن الخال محمد وعن الأخوال وغيرهم من الناس، وأنا استوحيت الكلام الذي قلته اليوم منه يحفظه الله، قال إن هذه الدولة لم تقم على شخص واحد ولم تقم على مجموعة ولكن قامت بجهد جميع المواطنين وتكاتفهم وتلاحمهم، ولا تستمر الدول اليوم إذا تفكك هذا العقد لا قدر الله». وأضاف: «أتيت اليوم لتسليم رخصة متحف الأمير محمد الأحمد السديري، وهذا المتحف لذكرى هذا الرجل الراحل والناس الذين كانوا معه، والميزة في هذا المتحف أنه لم يقتصر على شخص ولكن الأخ يزيد والإخوان جمعوا صور كل من رافق الوالد محمد السديري، وكل من كان في هذه الملحمة، نسميها ملحمة محمد السديري في حياته التي جسدها، وهذا يدل على وفاء الأخ يزيد وإخوانه مع الناس الذين عاصروا الوالد محمد السديري -رحمه الله-، وهذا الوفاء ليس مستغربا ونحن سكان المملكة أهل الوفاء». وأبان الأمير سلطان بن سلمان أن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- تعمل على ترميم القرى التراثية التي كانت مهجورة، والتي خرج منها أجدادنا الذين وحدوا الجزيرة العربية، لافتاً إلى أن الهيئة تعمل على مشاريع كثيرة منها دعم كبير للمتاحف الخاصة التي تعد اليوم متاحف وطنية. وقال سمو الأمير سلطان بن سلمان في ختام كلمته: «هذا المتحف ليس لمحمد بن أحمد السديري -رحمه الله-، هذا متحف لنا جميعاً كمواطنين هي قصة مواطن خدم وطنه بإخلاص وضحى بحياته الطويلة وابتعد عن أبنائه وأولاده وأسرته في كثير من الأوقات هو وغيره كثيرون حتى الحمد لله تستقر هذه البلاد، ولذلك نحن اليوم لا نزور متحفا ولكن نزور قصة تاريخ وطنية يحكيها هذا المتحف. وفي تصريح صحفي لسموه بعد اختتام المناسبة، أكد الأمير سلطان بن سلمان أن الهيئة تعمل على إنشاء منظومة من المتاحف الجديدة، بلغت حتى الآن 11 متحفا في مختلف مناطق المملكة، مؤكدا سموه أن الهيئة أنهت الإعداد والتصميم لعدد من متاحف التاريخ الإسلامي التي تنتظر الآن التمويل؛ للبدء في إنشائها، وهي متحف التاريخ الإسلامي الذي سيكون في قصر خزام في جدة حتى يكون متاحا للمسلمين وغير المسلمين، وتصاميمه منتهية من حوالي سبع أو ثماني سنوات وجاهزة لكنه ينتظر التمويل، كذلك متحف تاريخ مكةالمكرمة في قصر الزاهر، ومتحف تاريخ الدولة السعودية في قصر الملك فيصل التاريخي بمكةالمكرمة، ومتحف تاريخ المعارك الإسلامية الذي وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - بأن تتبنى وزارة الدفاع إنشاءه مع الهيئة كبيت خبرة، وفي موقع غزوة بدر متحف المعارك الإسلامية الكبرى، إضافة إلى متحف الزوار في رواق التاريخ الإسلامي في جبل أحد وجبل النور وجبل ثور، والمناطق هذه كلها كانت تنتظر التمويل». وحول مشروع متحف واحة القرآن الكريم، قال سموه: «أتشرف شخصياً بأني قدمت هذا المشروع، والآن صدر أمر كريم بتحويله إلى هيئة الخبراء لمناقشة المشروع وتسليم الأرض للهيئة، والانطلاق في بناء مشروع تاريخي كمتحف ومركز ثقافي تعليمي للقرآن الكريم، فنحن بلد القرآن قبل كل شيء، ويهمنا أن نعرف تاريخ الإسلام في بلد الإسلام ولا أن نتجه فقط إلى تجميع قطع من الدول الإسلامية، هذا أمر آخر حقيقة ومسار مختلف ولكن نحن مركزون على إبراز الإسلام في بلد الإسلام». ويضم متحف الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري بعض الوثائق التاريخية، والمقتنيات التراثية الخاصة بالأمير الشاعر محمد الأحمد السديري - رحمه الله-، ويشتمل المتحف على 7 قاعات، القاعة الأولى تحوي الوثائق التاريخية عن علاقة الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري بملوك المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه-، ثم الملوك: سعود، فيصل، فهد، وعبدالله، والأمراء: سلطان، ونايف - رحمهم الله-، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، أما وثائق القاعة الثانية فهي عن علاقته بأسرة السديري، والقاعة الثالثة تحوي مقتنيات محمد الأحمد السديري، والقاعة الرابعة عن مؤلفاته وشعره، والقاعة الخامسة عن سيرة حياته وتشمل دوره القيادي مع المجاهدين من أجل فلسطين عام 1348ه، وحرب اليمن عام 1362ه، وإمارته في الجوف، ثم جازان، والقاعة السادسة عن وثائق التأبين والرثاء، والقاعة السابعة عن العلاقة مع الأصدقاء والمرافقين له أثناء حياته. سموه يتفقد مقتنيات المتحف