تعتبر نسبة البطالة بين النساء في المملكة من أكثر النسب ارتفاعاً عالمياً، فحسب برنامج حافز، فإن 80٪ من المتقدمين للبرنامج من النساء، وحسب قناة العربية، فإن هناك 350 ألف عاطلة عن العمل بالمملكة بعام 2012م، ولا أعتقد أن هذا الرقم قد انخفض الآن. تطالب وزارة العمل القطاع الخاص بتوظيف المرأة، لكنها في الوقت نفسه تضع العراقيل - التي يعتبر بعضها مستحيلا - في وجه توظيفها، ولو نظر المسؤولون في وزارة العمل إلى هذه المشكلة بشكل مجزأ، لكان الحل في متناول الجميع، بطبيعة الحال، ليس كل النساء العاطلات عن العمل جامعيات، بل توجد فئة لا بأس بها من خريجات المعاهد الحرفية والثانوية، وفي معظم الأحيان، لا تجد هذه الشريحة فرص العمل التي تناسب مؤهلاتهن وقدراتهن إلا في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، فتستطيع المرأة أن تجد وظيفة في هذه المنشآت برواتب تتراوح بين ثلاثة آلاف ريال وستة آلاف ريال، حسب نوع المنشأة، إلا أن رب العمل يصطدم بشروط كثيرة تعتبرعوائق بالنسبة لحجم منشأته. العائق الأول تخصيص قسم خاص للنساء ببوابة مستقلة - بينما نجد المرأة تعمل إلى جانب الرجل في المستشفيات دون هذه الشروط - وكي يوفر صاحب العمل هذا الشرط عليه صرف مبالغ كبيرة مقارنة بحجم منشأته - فيجد أن توظيف المرأة في منشأته غير ممكن، إلا أن يكون عملها من بُعد، أي من بيتها، وهنا ترد عليه الوزارة بأنه لايستطيع توظيف أي موظفة عن بُعد طالما كان عدد العمالة لديه أقل من عشرة موظفين، ولا أدري ما علاقة عدد الموظفين في أي منشأة بتوظيف المرأة؟! إن بعض القوانين غير المنطقية هي التي تقف عائقاً أمام توظيف شريحة كبيرة من النساء، وأعتقد أن عقد العمل طالما كان يتوافق مع الروح الأساسية لقانون العمل، ويضمن حفظ حقوق الطرفين، صاحب العمل والموظفة، فإن مكان عمل المرأة أمر يعود لكلا الطرفين، ولو سلمنا جدلا بمنطقية هذا الفصل التام بين الموظفة والموظف في الشركات الخاصة - على الرغم من عدم منطقيته في بعض الصناعات - فلا أقل من أن يسمح للمنشأة الصغيرة والمتوسطة بتوظيف المرأة للعمل من بُعد. إن الوظيفة الأساسية لوزارة العمل في أي بلد هي تنظيم سوق العمل، وليس التغوُّل إلى درجة ربط شرط عدد الموظفين بقدرة الشركة على توظيف المرأة من بُعد. إن تعطيل عمل المرأة تحت ذريعة العادات والتقاليد ما هو إلا هروب وتنصل من معاناة آلاف النساء في بلدنا، فالمرأة عملت جنباً إلى جنب مع الرجل في حقول الأحساء والقطيف، وعملت جنباً إلى جنب مع الرجل في صحاري نجد وأزقة جدة القديمة. إن هذه الشروط التعجيزية تستثني وتقصي شريحة كبيرة من المواطنين الراغبين بالعمل، فالمرأة اليوم تمثل أكثر من 55% من المواطنين.