الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله- والوفد المرافق له في العاصمة التركية أنقرة، على الصعيدين الرسمي والشعبي، والتي استهلها فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بكسر البروتوكول لأول مرة واستقبال خادم الحرمين الشريفين عند سلم الطائرة، بخلاف مجريات البروتوكول المعمول به في مثل هذه المناسبات، ثم الترحيب الكبير بضيف البلاد، ومنحه وسام الجمهورية، وهو أرفع وسام في الجمهورية التركية اعترافا من الحكومة التركية والشعب التركي بالدور الكبير الذي يلعبه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في تنمية العلاقات الجيوإستراتيجية بين البلدين، والعمل على دعم العلاقة الوطيدة بين البلدين والتي تمتد إلى العام 1929م، والتنسيق المحكم في ما بين القيادتين في مختلف المواقف حيال قضايا المنطقة والعالم، حيث وصف السيد أردوغان الملك سلمان بقوله إنه صمام أمان السلم في هذه المنطقة، كل ذلك يعكس حجم المكانة الضخمة التي يحتلها الملك سلمان في تركيا. وينظر المراقبون إلى العلاقات السعودية التركية والتي أخذت عمقا غير مسبوق في عهد خادم الحرمين، على اعتبار أنها تكرست على مواجهة أزمات المنطقة، والسعي بالتالي لتوحيد الجهود والمواقف لمواجهة تداعيات تلك الأزمات، وما أفضت إليه من تسلل الإرهاب إلى المنطقة بفعل استغلال أعداء الأمة لحالة عدم الاستقرار، ومحاولة التدخل السافر في شؤون المنطقة الداخلية، وهو ما تنبه إليه خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - وبدأ في إعادة تأهيل الأمة العربية والإسلامية لمواجهة تلك المخاطر، وحلحلة الخلافات البينية، بغية توحيد الصفوف، والاعتماد على القوى الذاتية لضمان منع تلك الأصابع التي لم تعد خفية من العبث بمستقبل المنطقة، والسعي إلى دفعها إلى ساحة الصراع عبر التأجيج المذهبي تارة، والقومي تارة أخرى، وكل ذلك عبر غطاء المقاومة، والذي لم يعد له أي صلة بالمقاومة، وهو الذي لم يفرغ باتجاهها رصاصة واحدة، حيث صب كل براميل حقده على رؤوس المدنيين كما في سوريا، وزج بعض أجزاء المنطقة في صراع طائفي بغيض، ما دفع حكماء الأمة للاصطفاف خلف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمواجهة هذا المخطط التآمري المكشوف. ونظرا للدور الكبير الذي تلعبه الجمهورية التركية فقد كانت أنقرة هي الوجهة الثانية لخادم الحرمين بعد زيارته التاريخية لمصر، والتي أعادت لحمة الأمة، لتأتي العاصمة التركية كمحطة ثانية في منظومة التحالف العربي الإسلامي، في أكبر احتشاد إسلامي، خاصة أن هذه الزيارة تسبق انعقاد الجولة الثالثة عشرة لمؤتمر منظمة التعاون الإسلامي، والتي تنعقد في اسطنبول، وتعلق عليها الأمة الكثير من الآمال، لوقف نزيف الدمار في غير جزء، وهو الدور المعول على المملكة ومصر وتركيا على وجه التحديد، خصوصا بعدما استطاع الملك سلمان أن يؤسس القاعدة الصلبة إستراتيجيا، سياسيا واقتصاديا لهذا المثلث السعودي المصري التركي، والذي سيأخذ المنطقة بمشيئة الله من أزماتها، ويضعها مجددا على خط التنمية أمام المستقبل الواعد بحول الله وقوته.