عشية جولة المفاوضات الجديدة بين النظام السوري والمعارضة في جنيف، اندلعت معارك عنيفة في معظم المناطق السورية بين قوات النظام وحلفائه من جهة وقوات المعارضة المسلحة وبين هذه الأخيرة وتنظيم داعش. وبحسب ما أفاد محمد أبو السعود القائد الميداني في صفوف قوات المعارضة في ريف حلب الشمالي ل "اليوم" فإن هذا التصعيد تقف وراءه دول إقليمية ودولية وعلى رأسها روسياوإيران بهدف فرض وقائع عسكرية جديدة على الأرض تؤخر إمكانية التوصل إلى حل سياسي، وذلك بالتزامن مع خذلان كبير من قبل حلفاء المعارضة، وعلى رأسها تركيا. وأوضح أبو السعود أن فصائل المعارضة كانت وضعت خطة للهجوم شرقاً على ناحية الراعي بريف حلب الشمالي، وذلك بعرض عشرة كيلومترات لكنهم أغفلوا أن المسافة بين الراعي وبلدة حوار كلس تتجاوز الخمسة والثلاثين كيلومتراً، وهي تشكل خط جبهة مع داعش بالعرض نفسه باتجاه الجنوب، وأغفلوا أيضاً أن تقدمهم وتوغلهم شرقاً سيجعلهم مكشوفين من الخلف لقوات داعش المتمركز في بل والشيخ ريح، مؤكداً أن قوات داعش انسحبت في البداية أمام قوات المعارضة وتركتها تدخل معظم القرى والتفت عليها بعد ذلك من الخلف وتقطع عنها خطوط الإمداد، وهو ما أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى في صفوفها وصل يوم أول أمس فقط إلى مائتي قتيل تقريباً، وتمكن التنظيم من السيطرة على معظم قرى وبلدات ريف حلب الشمالي باستثناء إعزاز وبضع قرى، كما استولى التنظيم على كميات كبيرة من السلاح والذخيرة قدر أبو السعود أنها تكفي التنظيم نحو عامين، وكانت معظم هذه الأسلحة والذخائر عائدة للقوتين 99 و51 المدربتين أمريكياً وكذلك لفيلق الشام وفصائل أخرى. وأشار أبو السعود أن تركيا وقوات التحالف أحجموا عن دعم قوات المعارضة بالقصف المدفعي وسلاح الطيران، كما أن الفصائل التابعة لتركيا انسحبت وهربت من المعركة ومنها فيلق الشام والسلطان محمد الفاتح ولواء الحمزة ولواء المعتصم. وفي ريف حلب الجنوبي شن الطيران الروسي غارات كثيفة على معظم البلدات والقرى الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة ولا سيما بلدة العيس مستخدماً القنابل الفوسفورية، في حين ما زالت تدور اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وميليشيا حزب الله وبين فصائل المعارضة على أطراف البلدة، أسفرت حتى الآن عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من ميليشيا النظام بعد أن تعرضت لكمين أثناء محاولتها التقدم على محور العيس قنسرين. وكان إعلام النظام أعلن في وقت سابق عن بدء معركة تحرير حلب بغطاء جوي روسي، وذلك عقب زيارة مسؤولين من مجلس الدوما الروسي إلى دمشق، في حين صرح رئيس حكومة النظام السوري وائل الحلقي أن النظام وحلفاءه الروس يحضرون لعملية تحرير حلب والتصدي لكل الجماعات المسلحة غير القانونية التي لم تنضم إلى اتفاق وقف إطلاق النار أو تخرقه. وأكدت هيئة أركان القوات الروسية، الإثنين، أن معارك عنيفة تجري في منطقة حلب ولا سيما لصد هجوم لجبهة النصرة، لكنها نفت الإعداد لهجوم على هذه المدينة التي تسيطر الفصائل المقاتلة على قسم منها. جنيف اليوم وأمس بحث الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا في طهران استئناف مفاوضات جنيف بين ممثلين للحكومة السورية والمعارضة. وكان دي ميستورا اعتبر، الإثنين، في دمشق حيث التقى وزير الخارجية وليد المعلم أن مفاوضات جنيف المرتقبة، اليوم الأربعاء، ستكون "بالغة الأهمية"، لأن التركيز خلالها سيكون "على عملية الانتقال السياسي وعلى مبادئ الحكم (الانتقالي) والدستور". وقال الموفد الدولي الذي أشرف في مارس على جولة مفاوضات أولى استمرت عشرة أيام ولم تسمح بتحقيق تقدم كبير "نأمل ونخطط لجعل (المفاوضات غير المباشرة) بناءة وواقعية". ويدعم الحرس الثوري وهو جيش النخبة في إيران، النظام السوري من خلال إرسال "مستشارين عسكريين" موجودين أيضا في العراق إلى جانب القوات الحكومية. ويقاتل "متطوعون" إيرانيون وعراقيون وأفغان وباكستانيون في هذين البلدين، كما يقاتل حزب الله اللبناني الشيعي في سوريا. ويتزامن استئناف مفاوضات جنيف مع انتخابات تشريعية يجريها النظام اليوم في سوريا، وهي الثانية منذ بدء النزاع، يتنافس فيها أكثر من 11 ألف مرشح، بينهم خمسة من أعضاء الوفد الحكومي المفاوض، في وقت دعت المعارضة السورية إلى مقاطعتها واصفة إياها بأنها "غير شرعية". الحدود التركية من جهة أخرى، قال أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء التركي: إن الجيش التركي قصف، أمس، أهدافا لتنظيم داعش في شمال سوريا ردا على قصف عبر الحدود أصاب بلدة تركية. وكانت قذيفتان سقطتا من سوريا على بلدة كلس أمس، لليوم الثاني على التوالي وأصابتا ثمانية أشخاص. ويسيطر تنظيم داعش على المنطقة الواقعة عبر الحدود. ونقلت وكالة "الأناضول" التركية للأنباء عن مصادر أمنية، أن القوات التركية المنتشرة على طول حدود البلدين قصفت مواقع التنظيم، صباح أمس، ردا على سقوط صاروخين أطلقا من الجانب السوري على كليس جنوبي تركيا. وقالت المصادر: إن مدافع تركية يصل مداها إلى 40 كيلومترا قصفت مواقع ل "داعش" في بلدة صوران وقرية دابق ومواقع أخرى شمالي سوريا بشكل مكثف ووفق قواعد الاشتباك. وكان مكتب حاكم إقليم كليس التركي الحدودي مع سوريا، أفاد بإصابة ثمانية أشخاص جراء سقوط الصاروخين، اثنان منهم في حالة حرجة. ونقلت "الأناضول" عن شهود عيان القول: إن أحد الصاروخين أصاب فندقا شعبيا مؤلفا من أربعة طوابق، فيما سقط الثاني في أرض خالية قريبة من مركز انطلاق الحافلات. وتسبب الصاروخان في تحطم زجاج نوافذ الأبنية المحيطة بموقع سقوط الصاروخين، فيما شوهد توافد عدد كبير من سيارات الإسعاف والشرطة والإطفاء إلى المكان. تجدر الإشارة إلى أن كليس شهد، مساء الإثنين، سقوط ثلاثة صواريخ أطلقت من الأراضي السورية، تسببت في إصابة 12 شخصا، وصفت حالة أحدهم بالخطيرة. ورد الجيش التركي بقصف مواقع لتنظيم داعش في الأراضي السورية. سقوط مروحية روسية وفي وسط سوريا، قتل عسكريان روسيان في تحطم مروحيتهما قرب مدينة حمص بسوريا، على ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، مشيرة إلى أن المروحية لم تتعرض لإطلاق نار. وقالت الوزارة: "قتل عنصرا طاقم وانتشلت جثتاهما خلال عملية إنقاذ، ونقلتا إلى قاعدة حميميم" في شمال غرب سوريا، موضحة أن الحادث وقع، منتصف ليل الإثنين/ الثلاثاء. وأضافت: إن "المروحية لم تستهدف بإطلاق نار" وإن فريقا من الخبراء يحقق في موقع الحادث لتوضيح أسبابه. من جهته، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أنه لم يتم إسقاط المروحية بل تحطمت بسبب "عطل فني ما". وبذلك يرتفع إلى سبعة عدد العسكريين الروس الذين قتلوا خلال مهمات منذ بدء التدخل الروسي في سوريا في 30 سبتمبر، بعد مقتل قائد طائرة حربية وعنصر في مشاة البحرية ومستشار عسكري وعنصرين في القوات الخاصة، فيما انتحر جندي روسي بحسب رئاسة الأركان. وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 14 مارس سحب القسم الأكبر من قواته العسكرية من سوريا، غير أنه يواصل تنفيذ ضربات في هذا البلد ضد "أهداف إرهابية" ودعما لقوات بشار الأسد.