لأننا على أبواب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فهناك أمور كثيرة يجب ان تؤخذ في الاعتبار عن (الحمار) الديموقراطي، وكذلك عن (الفيل) الجمهوري، وقبل ذلك، لو استعرضنا مواقف الأمم من (الحمار) لوجدنا أن لفظ (حمار) يعتبر من الشتائم السوقية المنبوذة في العالم العربي، ولكن العالم أجمع يقدر الخدمات التي قدمها الحمار للبشرية، فهو أول من فتح طريق العولمة عبر تحديد طريق الحرير بين الصين وبلاد العرب، وفي أدبنا العربي الكثير من الحكم التي نسبت لحمار (جحا)، والمواقف الطريفة التي نسبت لحمار الأديب الراحل توفيق الحكيم، كما غنى له المطرب سعد الصغير أغنيته الشهيرة التي بدايتها (بحبك يا حمار)، حتى ان العرب اطلقوا عليه لقب (ابوصابر)، وأسسوا جمعية تحمل اسمه، اطلق عليها (جمعية الحمير)، كان ذلك قبل أكثر من 86 عاما، وهي جمعية ذات بعد حقوقي وإنساني، أسست على يد المسرحي زكي طليمات، وانضم إليها كبار الأدباء العرب، من أبرزهم طه حسين وعباس العقاد، إلا أنها واجهت منذ تأسيسها مشكلة في عدم اعتراف الحكومة المصرية بها، بسبب ما قيل أن اسمها (غير لائق ولا يوافق التقاليد)، وكذلك هو الحال بالنسبة لتقدير الحمار في العالم الغربي، فهو - هناك - ليس مجرد كائن يثير الشفقة، وإنما هو رمز سياسي (محترم) بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ففي التقويم الجمهوري الفرنسي، يعتبر يوم 6 أكتوبر من كل عام (يوم الحمار) الوطني، وفي بريطانيا يسمح للحمار فقط - من بين جميع الحيوانات - بالتجوال حرا طليقا في الحدائق البريطانية، وفي مدينة (بلاكبول) البريطانية سنت قواعد صارمة للحفاظ على حقوق الحمير، منها (ألا تتجاوز أيام عمل الحمار ستة أيام في الأسبوع)، حتى ان الممثل الأمريكي الشهير (إيدي ميرفي) أدى دور الحمار بكل اقتدار في فلمه (شريك)، وفي أمريكا يطبعون صور الحمار على القمصان والقبعات وأكواب القهوة، وينشرونها في الانتخابات، لتدر لهم مئات الآلاف من الدولارات، وبحثت عن التطابق بين الحزب الديموقراطي الذي يتخذ الحمار شعارا له وبين الحمار ذاته، وتداعت أفكاري حتى وجدت تطابقا مذهلا، أقنعني بأن الشعار مطابق لهذا الحزب العتيد بالتمام والكمال،... فمثلا وجدت أن أول حمار وجد لأول مرة كان في القرن الأفريقي، وذلك قبل ما يقارب 12 ألف سنة، كما وجدت أن أول رئيس ينتمي لحزب (الحمار) الديموقراطي ويتولى منصب الرئاسة لمدة (12) سنة كان الرئيس (فرانكلين روزفلت). وايضا تداعت افكاري فيما يخص الفيل، ووجدت أننا نستطيع التمييز بين الفيل الهندي والفيل الأفريقي، حيث إن أذن الفيل الهندي تكون على شكل القارة الهندية، وهذه حقيقة عجيبة مثبته علميا، وقد يجهلها البعض، وقد سجل لنا التاريخ أقدم استخدامات الانسان للفيل، وذكر لنا أن المقاتلين الفرس ركبوا الفيل أثناء معاركهم مع جيش الإسكندر الأكبر عام 331 قبل الميلاد، كما ذكر لنا التاريخ استخدام القائد المشهور هانيبال للفيلة عام 218 قبل الميلاد، اثناء اجتيازه جبال الألب في فرنسا من اجل غزو ايطاليا، كما استخدام جيش أبرهة الأشرم الفيلة اثناء محاولة هدم الكعبة نحو سنة 570م، حتى إن كلمة (جامبو) جاء بها (فيل) إلى العالم، حيث في القرن التاسع عشر اشتهر فيل إفريقي باسم (جامبو)، وعرض في حديقة الحيوان بلندن لأكثر من 17 سنة، وكان أضخم حيوان في ذلك الوقت، ومنذ ذلك الوقت أصبح العالم يستخدم لفظ (جامبو) على أي شي غاية في الضخامة. والتاريخ برر لنا تفوق الفيل الجمهوري الأمريكي في بعض المواقف على الحمار الديموقراطي، والعكس كذلك، ففي عهد الرئيس الجمهوري (ريتشارد نيكسون)، صاحب فضيحة (واترغيت) الشهيرة، انفتح الفيل الأمريكي على التنين الصيني ثم أوقع الدب الروسي في المستنقع الأفغاني، كما برهن لنا ذلك التفوق عميد الدبلوماسيين والمخططين الإستراتيجيين الامريكيين، وأحد أكبر (فيلة) الحزب الجمهوري الدكتور (هنري كيسنجر) حيث استطاع الحصول على جائزة نوبل للسلام عام 1973م، لجهوده في وقف إطلاق النار بين بلاده وفيتنام، ولأنه من الحزب الجمهوري، يبدو انه اتبع سياسة خطوات الفيل البطيئة مع الفيتناميين، والتي عرفت سياسيا بسياسة (الخطوة خطوة)، وأظن أنها قريبة من تلك السياسة الشهيرة التي تقول: (جوع كلبك يلحقك)، ونجح فيها أيما نجاح، بينما المنظمات الصهيونية تقوم بعكس هذه السياسة أثناء الانتخابات الأمريكية، فهي تقدم الكثير من العلف.. أعني (الدعم) لكلا المتنافسين من حزب الحمار وحزب الفيل، دعما لهما في الانتخابات، لكي تبقى على علاقة مميزة مع من يفوز منهما بكرسي الرئاسة، مستعينة بمثلنا العربي الشهير الذي يقول: (املأ البطن تستحي العين)!