قال: إن خادمتى تجلس معي أكثر من والدتي فهل بر خادمتي مقدم علي بر والدتي؟ وهل في بلادنا قانون يعاقب الأم أو الأب لو أهمل أو قصر في تربية ابنهما؟ وهل لو لم أتعلم القيم والأخلاق من والديَّ يعاقبهما القانون؟ وهل للوالدين القدرة على تربية أبنائهما اليوم في ظل كثرة الانشغالات وضياع الأولويات وزحمة الحياة؟ وهل انجاب الأطفال شهوة ليثبت الرجل رجولته ولتثبت المرأة أنوثتها أم هي مسؤولية وتكليف؟ وهل لأمي وأبي برنامج تربوي واضح وسهل يعينهم ويساعدهم على حسن تربية أبنائهم؟. ثم سكت قليلا وقال لو سرق الطفل بسبب إهمال والديه أو ارتكب جريمة فهل نعاقبه أم نعاقب من أهمل تربيته وتوجيهه؟ وهل لدينا نظام يتابع ويحاسب الوالدين في حالة تقصيرهما في الاهتمام بصحة ابنهما أو تعليمه أو تأديبه وتقويم سلوكه وخاصة قبل دخول المدرسة؟. ثم تنهد بحسرة وبحرقة وقال إن الأم التي تترك طفلها الرضيع مع خادمة غير متعلمة، ليست من ديننا ولا من هويتنا، ولا تتحدث لغتنا ولا تعرف ثقافتنا وعاداتنا، أليست هذه جريمة تربوية تستحق المرأة العقوبة عليها؟ ويستحق زوجها العقوبة كشريك في الجريمة لأنه دعم إهمالها التربوي؟ ثم أضاف بقوله: هل تعلم أني ألمس يدي خادمتى أكثر من لمس يد أمي وأبي؟ وهل تعلم أني أنظر إلى وجه خادمتي في اليوم أكثر من النظر إلى وجه أمي وأبي؟ وهل تعلم أني ألعب مع خادمتي كل يوم وأتحدث معها أكثر مما ألعبه مع أمي وأبي؟ وهل تعلم أني إذا مرضت تتابع حالتي الصحية خادمتي؟ وهل تعلم أن خادمتي تدخل معي للحمام وتحضر لي ملابسي وتغسل جسدي؟ وهل تعلم أن خادمتي تضعني بالفراش وتقول لي قصة ما قبل النوم؟ وهل تعلم أني إذا خفت لجأت لحضنها وصدرها؟ تخيلت طفلا يطرح علي هذه الأسئلة من كثر القضايا والمشاكل التي أشاهدها بسبب الإهمال الوالدي في تربية الأبناء وتفويض التربية للخدم، فأكثر مشاكل الأطفال في تأخر النطق والانطوائية والتأتأة والميل للعدوانية والخمول والكسل وضياع الهوية وعدم معرفة الدين والإيمان ومشاكل الإعاقات بالإضافة إلى مشاكل الحرق والقتل أحيانا تكون بسبب الإهمال التربوي وتفويض التربية للخدم، أعرف أما عاملة فوضت الخادمة بإدارة شؤون بيتها وأطفالها وزوجها وتفرغت لفتح مشروعها التجاري من المال الذي كسبته من وظيفتها، فخسرت بيتها وزوجها وبعد سنوات خسرت مشروعها التجاري، وأعرف طفلا توقظه خادمته من الصباح وتجهز له إفطاره وتحمل له حقيبته والسائق يوصله للمدرسة ويحضر شهادته الدراسية، وأعرف أما تستيقظ قبل أطفالها لتذهب لعملها قبل الزحام، وترجع وقت العصر بعد الانتهاء من زحمة الحياة وزحمة العمل وزحمة الشوارع لتقول كلمتين وتصرخ صرختين، ويأتي الأب بعدما خرج من دوامه وانتهى من رياضته في النادي ليسلم على أبنائه ويستلقي ليرتاح من عناء الحياة، ويعتقد كل واحد منهما أنه يقوم بدوره التربوي، ثم تشتكي الأم من عدم حسن تربية أبنائها وتقصير زوجها، والزوج يشتكي من صراخ زوجته وإهمالها التربوي، ويبقى السؤال الذي لا بد من الإجابة عنه من يستحق البر في مثل هذه الحالات؟ هل الخادمة والسائق أم الأم والأب؟ لأننا صرنا نعيش في عالم غريب وعجيب نريد أبناءنا متميزين وصالحين ومبدعين وبارين بنا ولكن بالتمني لا بالعمل والتضحية، فالوالدان مشغولان بالحياة، والخدم مشغولون بالهاتف النقال ثم نطلب المستحيل لأبنائنا، فإذا كان الأب أو الأم مشغولين وليس لديهما وقت للتربية فليؤخرا الإنجاب حتى تستقر أمورهما، ولو كان لديهما من يساعدهما في التربية مثل الجدة أو الخالة فليتخذا قرارا بالإنجاب، أما الخادمة فينبغي أن تحصر أعمالها بالأعمال الإدارية بالمنزل ولا تتدخل في التربية أبدا، ولو كانت العائلة مشغولة فيمكنهم أن يحضروا مربية تتحدث لغتهم وتكون من دينهم وثقافتهم وتكون متخصصة في التربية وتحسن غرس القيم والأخلاق ففي هذه الحالة لا مانع من المشاركة التربوية.