لا ينكر أحد الدور الذي قامت به شركات القطاع الخاص السعودي في جميع المجالات، في مشوار بناء هذا الوطن وتنميته والارتقاء به، إلى أن وصل إلى ما هو عليه اليوم من دولة متقدمة ومتطورة وحديثة، تنعم باقتصاد قوي ومتين، ومؤثرة في الاقتصادات العالمية. ولا ينكر أحد أيضاً أن الدولة دعمت القطاع الخاص بما يحتاج، وأهلته للقيام بهذه المهمة على أحسن وجه، إيماناً منها بأن القطاع الخاص شريك أساسي في عمليات التنمية التي تشهدها البلاد. ومنذ عقود مضت، نفذ القطاع الخاص الكثير من المشاريع التنموية التي ساهمت في إرساء دعائم الاقتصاد السعودي على أسس من القوة والمتانة، وقد استفاد أقطاب هذا القطاع من سياسة قادة هذه البلاد، الذين اعتمدوا على القطاع الخاص اعتماداً كبيراً في الكثير من المهمات الصعبة والشاقة، وبخاصة في مشاريع البنية التحتية والإنشاءات والتشييد والصناعة والزراعة وغيرها من المجالات التي غيرت ملامح وجه الوطن وجعلته أزهى وأبهى. ويمكن القول إن الإنجازات الحافلة والعطاءات التي رافقت مسيرة القطاع الخاص السعودي، هي التي رسمت مستقبل المملكة المزهر، وأسهمت في تحقيق مكتسبات تنموية في مختلف المجالات، لتعود بالخير والنماء على الجميع، الوطن والمواطنين بشكل خاص من خلال دعم دور مساهمة القطاع الخاص السعودي في جهود التنمية الوطنية والبشرية. ومن يرصد ما حققه القطاع الخاص السعودي في عمليات التنمية الاقتصادية والاستثمارية، على مر السنوات الماضية، يتأكد له أن ما تحقق كان عبارة عن قفزات عمرانية جبارة، جعلت من يغيب عن مدن المملكة، مواطنا كان أو مقيما أو زائراً، لوهلة ويعود ثانية، ويجدها بشكل مختلف عما رآه عليها في آخر عهد له بها، من حيث العمارة والخدمات والمشاريع التنموية الضخمة والحركة التجارية والاستثمارية الدؤوبة، التي عملت فيها شركات القطاع الخاص، وقدمت فيها أداءً طيباً. وإذا أردنا التعرف أكثر على ما قدمه القطاع الخاص، فعلينا متابعة ذلك منذ خطة التنمية الاولى التي وضعتها حكومة المملكة للنهوض بهذ البلاد، فقد كشفت الحكومة أعزها الله بالتزامن مع هذه الخطة، عن رؤيتها الى القطاع الخاص، كما حددت دوره والمهام التي ينبغي أن يقوم بها في عمليات التنمية، ورأت الحكومة أن شركات القطاع ومؤسساته ستكون بمثابة الذراع التنفيذية للتنمية في جميع المجالات، وعلى سبيل المثال، في الخطة الأولى، أوعزت الدولة إلى القطاع الخاص بتنفيذ مشاريع البنية التحتية خاصة في قطاع المقاولات، الذي شهد نمواً كبيراً، وتولت شركات القطاع تنفيذ مشاريع الاشغال العامة مثل الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي والشبكات الكهربائية، وقد بلغ متوسط النمو الفعلي للقطاع الخاص في تلك الفترة 9.6 %، كما بلغت مساهمته في تكوين رأس المال الثابت 44.8 %، وفي الناتج المحلي 19 %، وفي الناتج المحلي غير النفطي 5.7 %. وهو حاليا يقود دفة الاستثمار، فهو يضخ ضعف ما تضخه الحكومة في الاصول الثابتة، وينتج حاليا نحو 200 مليار ريال سنويا. وأستطيع التأكيد على أنه خلال أكثر من 35 عاما من عمر الاقتصاد السعودي، وأقصد بذلك فترة ارتباط هذا الاقتصاد بالخطط التنموية المتعاقبة، تلقى القطاع الخاص تحفيزاً قويا من الحكومة للاستمرار في أداء دوره، ومنذ الخطة التنموية الثانية وحتى السابعة، كانت هناك قفزات ومراحل، وجب على القطاع تخطيها، حتى يصل الى المرحلة الاخيرة من تطور مشاركته، ألا وهي دوره في التخصيص وتولي الدور الرئيسي فيه. وكان الحديث عن دور القطاع الخاص في التخصيص قد كشف عنه لاول مرة في خطة التنمية السادسة (1995 2000)، حيث تشير وثيقة الخطة إلى ان اولوياتها تتمثل في ترشيد الانفاق الحكومي وزيادة اعتماد الاقتصاد الوطني على مساهمات القطاع الخاص من خلال رفع الكفاءة الادارية والانتاجية في الاجهزة الحكومية، بما يؤدي الى خفض الانفاق دون التأثير على مستوى الخدمات وتوفيرها، ووضع مزيد من السياسات التي تشجع رؤوس اموال القطاع الخاص على المشاركة في الاستثمار الوطني في الداخل، والتوسع في استغلال رؤوس اموال القطاع الخاص في تمويل بعض المشاريع الحكومية، وجدوى تحويل ملكية بعض الانشطة الاقتصادية ذات الطابع التجاري الى القطاع الخاص. وفي موازنة الدولة الأخيرة للعام 2016، رأينا حرص الحكومة أعزها الله على استمرار الانفاق الحكومي بمبالغ متقاربة كثيراً مما أنفقته في السنوات الأخيرة، رغم تراجع أسعار النفط اليوم بما يلامس 70 % منذ يونيو من العام قبل الماضي، بيد أن المملكة تدرك تماما أهمية الانفاق الحكومي على مشاريع التنمية، وأهمية أن ينفذ القطاع الخاص هذه المشاريع، خاصة إذا عرفنا أن ما نسبته 30 % من اليد العاملة في المملكة تعمل في القطاع الخاص، واحتفاظ هذه العمالة بوظائفها، مرتبط بإنعاش وتيرة العمل والمشاريع في هذا القطاع، لذا لا أبالغ إذا أكدت أن القطاع الخاص السعودي من القطاعات النشطة صاحبة الأدوار الرئيسية في مسيرة التنمية، الأمر الذي أكسبه خبرة لا يستهان بها، ولهذا السبب على سبيل المثال وجدنا وزارة الإسكان تستعين بخبرات شركات التطوير العقاري لتنفيذ مشاريع السكن الحكومية، بدلاً من الاستعانة بالشركات الأجنبية، التي قد يكون لديها الخبرة الفنية، لكن ليس لديها الدراية بآلية التعامل المناسبة بقطاع العقار السعودي ومشكلاته ومتطلباته، وهو ما تمتلكه الشركات الخاصة، ومن هنا علينا أن نفتخر جميعاً بقطاعنا الخاص وبالدور الذي يؤديه في الوطن. القطاع الخاص ساهم في رفع معدلات التوطين ومنح الشباب العديد من الفرص الحقيقية