في كلمة للملك عبدالله رحمه الله في 2 اغسطس 2014 قال فيها «ان الارهاب يشكل خطراً عالمياً متجدداً يهدد العالم كله شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً، ولا يفرق بين الأماكن والأديان والجنسيات والألوان والأعراق، وبالتالي يجب التصدي له بشكل جماعي ودولي». تذكرت هذه الكلمة وأنا أشاهد تنظيم داعش الارهابي وقد نجح في الانتقال من المستوى الاقليمي من سوريا والعراق ثم باقي الدول الاقليمية تركيا ودول الخليج الى المستوى الدولي وذلك مستهدفا عددا من الدول الكبرى في فرنسا وروسيا والولاياتالمتحدة. ورغم أن الصين، لم تشهد حوادث مماثلة حتى الآن، وكانت ترفض المشاركة في أي تحالفات دولية ضد الارهابيين في المنطقة، ودائما ما كانت تميل الى ترك قضايا المنطقة والازمات الدولية للأعضاء الدائمين الآخرين في مجلس الأمن الدولي «الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا»، ها هو الان تنظيم داعش الارهابي يقرع اجراس بكين وذلك بتسلل عناصر صينية للقتال فى صفوف التنظيم الارهابي. ففي يوليو 2014 اعلن تنظيم داعش عن خريطة الدولة التي يسعى لإقامتها خلال السنوات الخمس القادمة، والتي ضمت غرب الصين «إقليم تركستان الشرقية شينجيانج حاليًا» كأحد التطلعات المستقبلية للتنظيم، وهو ما أكدته تصريحات زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي حول سعى التنظيم «للدفاع عن حقوق المسلمين المهدرة في الصين والهند وفلسطين». وفي 21 سبتمبر 2014 حذرت «موير أناليستيك» «Muir Analytics» من اختراق تنظيم داعش للمجال الحيوي للصين، ووجوده في دول مثل الفلبين وإندونيسيا وماليزيا والدول المحيطة بالصين. وشركة موير هي شركة توفر للشركات متعددة الجنسيات «استخبارات مضادة» تساعد الشركات على الحد من التعرض لخسائر مالية شديدة من العنف السياسي والإرهاب والتمرد، والصراعات الشبيهة، وهي واحدة من «ملحقات» وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي. آي. أي» في فرجينيا، تستخدمها غالبا الشركة الأم لنشر «معلومات» تخدم عملياتها. وفي 8 ديسمبر 2015، بث «مركز الحياة للإعلام» الذي يعد الذراع الإعلامي لتنظيم داعش، عبر الإنترنت انشودة باللغة الصينية «الماندرين» بعنوان «أنا المجاهد»، تدعو فيها «الإخوة الصينيين المسلمين» للالتحاق ب«جيش الخلافة» المزعوم. وقد علق نائب وزير الخارجية الصينى «تشنغ قوه بينغ» بعد هذا الاعلان على ان الصين انضمت إلى الولاياتالمتحدة وروسيا فى جهودهما لمحاربة الارهاب. ودعت الخارجية الصينية في حينه، المجتمع الدولى للتعاون لمكافحة الإرهاب بكل صوره، وأنه لا يمكن لأي دولة أن تواجه الارهاب بمفردها وبمعزل عن الآخرين. وتحدث وو سي كه مبعوث الصين إلى الشرق الأوسط في يوليو 2014 بعد زيارة له الى المنطقة ان عدد المواطنين الصينيين الذين يمكن ان يكونوا في صفوف الارهابيين في الشرق الأوسط، سواء الذين يقاتلون حاليا او الذين يتدربون، يقدرون بنحو مائة، وغالبيتهم عناصر من حركة تركستان الشرقية. وأوضح وو سي كه ان «هؤلاء المتطرفين يأتون من دول إسلامية وأوروبا وأمريكا الشمالية والصين. وبعد ان ينشأوا على أفكار متطرفة سيشكلون لدى عودتهم إلى الوطن خطرا شديدا وتهديدا أمنيا لتلك الدول». بدأ هذا التسلل من عناصر صينية فى صفوف تنظيم داعش يستولي على اهتمام وقلق متخذ القرار فى الصين. ففي سبتمبر 2014، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، في كلمة له خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون على ضرورة تنسيق الجهود لمواجهة «قوى الشر الثلاث: الإرهاب، والتطرف، والانفصالية». وفي 27 ديسمبر 2015 تبنت الصين أول قانون لمكافحة الإرهاب، ولم يكن لدى الصين قانون خاص بمكافحة الإرهاب، هذا القانون، رغم وجود بنود متعلقة بالإرهاب في العديد من قرارات اللجنة الدائمة للمجلس الوطني، إلى جانب القانون الجنائي وقانون الاجراءات الجنائية وقانون الطوارئ. وبالتالي كل دولة لديها مصلحة واضحة في توحيد الجهود والتعاون بشكل مؤسسي من خلال مكافحة الارهاب والتطرف والتشدد بكافة اشكاله وتطويقه وتجفيف مصادر تمويله. فلا بد من إرادة حقيقية من جميع الدول وعدم التهاون، لمجابهة هذا الخطر الداهم الذي اصبح سرطانا يتمدد في العالم ويهدد السلم والاستقرار العالميين. وكما ذكر الملك عبدالله رحمه الله «إن الصمت العالمي سيخرج جيلاً يؤمن بالعنف ويرفض أي فرصة للسلام، ومتدثرا بشعارات صراع الحضارات لا بحوارها».