لم يعد مُجدياً مع تنوع وتغير المصادر التقنية الحديثة الاكتفاء بأساليب العمل الحكومية التقليدية القديمة فقد أصبح من الضروري إعادة النظر جذرياً في تطبيقاتها وتطبيق نماذج أخرى جديدة تماماً مناسبةً لتلك الحكومات والتي ترتكز أساليبها وعملية ارتقائها من مجال التطبيق التحليلي القديم إلى مرحلة النضج الإلكترو- حكومي، وقد تعددت تعريفات الحكومة الإلكترونية فمنهم من وصفها على أنها الخدمات الحكومية التفاعلية عبر الإنترنت من خلال تسخير استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في تقديم كافة الحلول الالكترونية الحكومية للمستفيدين ومنهم من قصد بها الإدارة العامة الإلكترونية وعادة ما يكون ارتباطها بمراكز المعلومات والتقنية . فقد أصبح الشائع في الخدمات الإلكترونية المقدمة من خلال المواقع الحكومية التي تفعل خدمات الحكومة الإلكترونية تحويل طلباتها وتعاملاتها لطلبات إلكترونية وتفعيل كافة التعاملات الإلكترونية الميسرة على شبكة الانترنت وكافة الإجراءات التي تتم باستكمال الإجراءات والطلبات والخدمات الإلكترونية من خلال إطلاع المستفيدين على تفاصيل الخدمات من خلال البريد الإلكتروني والرسائل النصية التي تسهل الحصول على الخدمات التفاعلية بأسهل ما يكون . كذلك الخدمات الالكترو- حكومية المؤسساتية والتي تهدف لتنشيط الدورة الاقتصادية والتجارية عبر تسهيل معاملات المؤسسات التجارية سواءً كانت مؤسسات محلية، إقليمية أو عالمية وهذا ما يؤكد بأن الحكومة الإلكترونية هي النسخة الافتراضية عن الحكومة الحقيقية التقليدية مع فارق أن الأولى تتفاعل مع بيئة تقنية وتعيش في الشبكات وأنظمة الاتصالات والتكنولوجيا وتحاكي وظائف الأخرى التي تتواجد بشكل ملموس ومادي في أجهزة الحكومات وهذا ما يؤكد دعم هذا الشكل الافتراضي الجديد للحكومات لتقديم الخدمات آلياً لجمهور المستفيدين ومشاركتهم في صنع القرار وصولاً إلى تحقيق التواصل التام والتفاعل مع كافة شرائح المجتمع بالإضافة للشفافية أكثر في عملية البت والتقدير ، كما تهدف إلى توفير الموارد المالية وأعبائها في الإدارات العامة من خلال تقديم الإجراءات طبقاً لمعايير تحليلية عالمية و مستويات عالية لجودة الخدمات المقدمة ، وبما أن الحكومة الإلكترونية سوف تستهدف شرائح مختلفة ومتنوعة من المستفيدين من الممكن تقديم وتصنيف الشرائح المجتمعية المستفيدة من الخدمات الإلكترو- حكومية لمجموعة من الفئات والشرائح فمنها الخدمات ذات العلاقة بالمواطنين والمقيمين والتي ترتكز كافة أهدافها الإلكترونية فيما يخص إرضاء المواطن والمقيم ومشاركته ، ففي الهدف المحوري الأول تستطيع الحكومة توصيل الخدمة إلى المواطن والمقيم بدلاً من أن يصل هو إليها وذلك باستخدام التطبيقات الإلكترونية التفاعلية وتكنولوجيا الاتصالات، بينما تستطيع أنظمة الإلكترونية الحكومية تفعيل أنظمة التصويت الإلكتروني والانتخابات الإلكترونية من خلال ترسيخ قيام المشاركة المجتمعية السيادية من خلال منظومة جماهيرية وكذلك الخدمات الالكترو- حكومية المؤسساتية والتي تهدف لتنشيط الدورة الاقتصادية والتجارية عبر تسهيل معاملات المؤسسات التجارية سواءً كانت مؤسسات محلية، إقليمية أو عالمية وكذلك تقديم كافة الخدمات الإلكترونية التفاعلية والتي تخدم الأنشطة التجارية في كافة علاقاتها الحكومية مثل معاملات الشركات والمؤسسات فيما يخص الموارد البشرية والعمالية والتأمينات الاجتماعية والعديد من المناشط والتفاعلات التي يستفيدون منها من خلال دورة معاملات مترابطة في قاعدة بيانات مشتركة . وكذلك هنالك تصنيفات أخرى متنوعة لمثل هذه الأنظمة والتفاعلات الحكومية تتعلق بالعلاقات الحكومية الداخلية من حيث دورة المعاملات بين الوزارات والهيئات من أجل سد الفجوة المعلوماتية والبيانية والإجرائية بين الدوائر الحكومية والوزارات المعنية وكل من له علاقة في تلك المعاملات ويضاف إلى ذلك التصنيف الخدمات الحكومية الإلكترونية الخارجية والتي تمثل عملية دمج الحكومة بطريقة انسيابية وذات جدوى اقتصادية مع محيطها الخارجي، ومن الممكن أن نعدد بعض الأهداف التفصيلية مثل تشجيع السياحة عبر تقديم خدمات ومعلومات سياحية عن البلد للمؤسسات السياحية الخارجية أو للمواطنين الأجانب. ومن خلال التفاصيل التقنية لعمل تلك الخدمات الالكترو- حكومية في تسهيل حصول المستفيدين على خدماتهم وكذلك توفير الدورة المعلوماتية بسهولة والعمل على تكوين قاعدة بيانات متكاملة تغطي الجوانب الاحصائية للحصول على المعلومات السيادية لدعم اتخاذ القرارات على كافة الأصعدة والمجالات. ومن الأمثلة المحفزة لتطبيق أنظمة الحلول الإلكترونية في تقديم كافة الخدمات الإلكترونية تطبيقاً لنظام الحكومة الإلكترونية جاءت أمانة الأحساء في تطبيق لنظام الالكترو- حكومي للجمهور من خلال توفير أنظمة إصدار التراخيص والشهادات الصحية للعاملين في محلات الصحة العامة إلكترونياً , بحيث يتقدم المستفيد إلى مستوصفات ومستشفيات تم الاتفاق معها من قبل الأمانة نظامياً دون مراجعة الأقسام المختصة في البلديات الفرعية حيث تصدر البطاقة من تلك المستوصفات والمستشفيات مباشرة , وقد تم تدشين العمل بالبطاقة الصحية الإلكترونية وفق أنظمة ومعايير صحية ومراقبة دورية من قبل مختصين في هذا المجال , وهذا النظام بالإضافة إلى مرونته وسهولة الإجراء، عَمِلَ على ضبط الشهادة الصحية من ناحيتين تتمثل الأولى في دقة وصحة المعلومة لعدم تدخل العنصر البشري , والثانية منع تزوير البطاقات الصحية ، بالإضافة لإطلاق الأمانة نظاما جديدا لإصدار الرخص الفنية من خلال نظام إلكتروني مجهز وهذا ما أكده أمين الأحساء المهندس فهد بن محمد الجبير عن سعي أمانة الأحساء في تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية وإحلال الأنظمة الإلكترونية وتقديم كافة خدماتها للمستفيدين من خلال المنظومة التقنية وأكد بأن اعتماد المكاتب الهندسية المؤهلة إلكترونياً لتفعيل نظام المعلومات الجغرافية لإصدار رخص المباني إلكترونياً يأتي كإجراء لضبط الرخص الفنية وسرعة إنهاء إجراءات الرخص مع المحافظة على دقة وجودة العمل . وقد حققت البوابة الالكترونية لأمانة الأحساء جائزة الإبداع البنيوي على مستوى البلديات والمحافظات المقدمة من المنظمة العربية للتنمية الإدارية لجامعة الدول العربية وأكاديمية جوائز الإنترنت في المنطقة العربية وهذا ما يؤكد تميز الأمانة في الجانب التقني في تقديم خدمات الجمهور. وهذا ما يعتبر حافزاً للقطاع العام لكي يتطور تقنياً ويلبي رغبات المجتمعات الإلكترونية أيضاً، والأن وبعد ما باتت التقنية الحديثة بتطبيقاتها الإلكترونية المتعددة تشكل منطلقاً مستقبلياً للتقدم الحضاري في شتى المجالات , إذ تتسابق كل المجتمعات في الوقت الحالي لتوطين صناعة المعلومات وتقنيات العصر الحديث بين مواطنيها وتفعيل التطبيقات الإلكترونية الخاصة بها تيسيراً على مواطنيها في تنفيذ اجراءاتهم ومتابعة أعمالهم وتعزيزاً لرفع معدلات الإنتاجية للكوادر العاملة في مختلف القطاعات الحكومية , الأمر الذي من شأنه أن يُجسد مفهوماً جديداً يعتمد على استخدام تكنولوجي للوصول إلى الاستخدام الأمثل للموارد الحكومية وضمان توفير خدمة حكومية مميزة للمواطنين والمقيمين والشركات والمستثمرين في أماكن تواجدهم بالشكل والأسلوب المناسبين وبالسرعة والكفاءة المطلوبة. م. محمود عبدالرحمن [email protected]