لم تكن تدرك أم المعتقل الفلسطيني حسام الزعانين، أن قرار الجانب الإسرائيلي، بالسماح لابنها الجريح حسام، بالمرور عبر حاجز "إيرز العسكري"، شمال بلدة بيت حانون، شمال قطاع غزة، لتلقي العلاج في مستشفيات الضفة الغربية، سيكون بداية مرحلة جديدة مع آلام الوجع الذي عاشته مع حسام قبل ثماني سنوات. وتقول الزعانين ل"اليوم": "حسام منذ ثماني سنوات يعاني من عدم القدرة على تحريك يده اليمين، ويحتاج إلى زراعة عصب وبعد جهود كبيرة تمكنا من الحصول على موافقة لمغادرة القطاع نحو الضفة لإجراء العملية، ومنذ لحظة حصولنا على التنسيق عم الفرح البيت، وفي صباح في 24 تموز عام 2013، توجهنا إلى "إيرز" وكنت أنا مرافقته". واستكملت: "دخلنا الحاجز وجلسنا في صالة الانتظار وأخذ الجنود الإسرائيليون حسام إلى غرفة مجاورة وكنت أسمع صوته وهو يتعرض للتعذيب والضرب ولكن لم أستطع فعل أي شيء، وبعد وقت قصير طلب مني الجنود مغادرة الحاجز، وسألتهم عن ابني فأخبروني أنه سبقني إلى الجانب الفلسطيني". وحاجز "إيرز" يقع أقصى شمال القطاع، وهو مخصص للمشاة وتحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، ويستخدم حالياً لنقل المرضى والمصابين للعلاج في الأردن أو الأراضي المحتلة أو الضفة الغربية، ويعبر من خلاله الدبلوماسيون والبعثات الأجنبية والصحفيون والعمال والتجار الفلسطينيون وغيرهم ممن يملكون تصاريح للعبور إلى الأراضي المحتلة، وتغلقه السلطات الإسرائيلية من فترة إلى أخرى. وأوضحت أنها عندما وصلت الجانب الفلسطيني، أبلغها الإسرائيليون أن حسام معتقل لديهم، مشيرة إلى أنهم وبعد فترة من الاعتقال عقدت أول محكمة له ووجهت إليه تهم كبيرة، أبرزها ممارسة أعمال عسكرية ضد إسرائيل، وهو ما نفته بالمطلق وأكدت أن ابنها لا يستطيع أن يحرك يده منذ سنوات وأن كل التهم الموجهة له باطلة. وبينت الزعانين أن الحكم الأول الذي صدر بحق حسام كان ثلاثين عاماً، ولكن في الجلسة الثانية حكم ل17عاماً، وأمضى منها ثلاث سنوات وهو يقبع خلف أسوار سجن نفحة الصحراوي. وطالبت والدة حسام الأممالمتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بضرورة التدخل فوراً للإفراج عن كافة الأسرى وخاصة المرضى. وقالت :" إن أول زيارة لها لابنها كانت بعد سبعة شهور من الاعتقال". ويعد حاجز "إيرز" مصيدة لاعتقال وتجنيد سكان قطاع غزة وخاصة المرضى، عبر ابتزازهم بتلقي العلاج مقابل العمل كعملاء للجيش الإسرائيلي، وتقديم معلومات عن المقاومة الفلسطينية. ورصد مركز أسرى فلسطين للدراسات (44) حالة اعتقال لمواطنين على ذات الحاجز خلال العام الماضي. ويقول الحقوقي الفلسطيني والمختص بالشأن الإسرائيلي مصطفى إبراهيم:" إسرائيل تنتهك حق الفلسطيني في السفر والعلاج، وحسب القانون الدولي الإنساني، فإنها كدولة احتلال هي مسؤولة عن سكان الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وتقديم العلاج لهم، لكن إسرائيل تعتبر نفسها فوق كل القوانين". وأضاف خلال حديثه ل"اليوم": "الفترة الأخيرة شهدت اعتقال عدد كبير من سكان القطاع والتحقيق معهم، وتوجيه تهم لهم، وسجنهم وابتزازهم مع مرافقيهم لدفعهم للتعاون مع الاحتلال وجهاز الشاباك مقابل المرور لتلقي العلاج"، مؤكداً أن كثيرا من الفلسطينيين يحرمون من السفر والعلاج لرفضهم التعاون مع الاحتلال. وأوضح أن إسرائيل تضع شروطا معقدة للسماح لسكان القطاع بالسفر عبر حاجز "إيرز" لتلقي العلاج في المستشفيات الفلسطينيةبالضفة الغربية والقدس أو المستشفيات الإسرائيلية. ومن أبرز هذه الشروط أن يزيد سن المرافق للمريض عن 50 عاماً وهذا قيد جديد، ويؤكد الحقوقي الفلسطيني أن إسرائيل هي سبب تأخر تقدم النظام الصحي بالقطاع وغياب المعدات والأطباء التي يمكن بوجودهم الاستغناء عن السفر إلى إسرائيل. وأشار إلى أن إسرائيل تعد المصيدة للفلسطينيين قبل سفرهم، قائلاً: "إسرائيل قبل أن تسمح للفلسطينيين بمرور عبر حاجز إيرز تكون قد منحتهم تصريحاً بذلك، وهو ما يعني أن المسافر لا يوجد عليه أي شبهات أمنية، ما يجعل الفلسطيني يطمئن، وفور دخوله الحاجز يكون قد وقع بالمصيدة، وهذه ممارسات غير قانونية وأخلاقية".