افتتح مساء أمس الأول "الخميس" معرض "ألوان جنوبية"، في قاعة تراث الصحراء بالخبر، الذي تناول البيئة والثقافة الجنوبية، حيث استمد الفنانون الستة المشاركون في المعرض، مواضيعهم من الطبيعة والمعمار الجنوبي للمملكة العربية السعودية، والتي تتميز تضاريسها عن بقية أجزاء المملكة بطابعها الخاص. المعرض الذي يستمر أسبوعا، يضم 40 لوحة للفنانين: عبدالله البارقي 6 لوحات، عبدالله الدهري 7 لوحات، صديق كشاف 7 لوحات، سعيد سعييد 7 لوحات، إبراهيم الألمعي، 7 لوحات، حسن مداوي 6 لوحات، بمقاسات مختلفة. تتجلى في معظم الأعمال الجبال العالية بصخورها وأشجارها وسهول تهامة وأوديتها، ففي أعمال إبراهيم الألمعي التي تعتمد الأسلوب الانطباعي نلمس عبر ضربات السكين السريعة بخامة الزيت على الكانفاس وبكثافة اللون مظهر المعمار القديم لبيئة عسير منسجمة مع الطبيعة من حولها وبعض مظاهر حياة الناس مطرزا أعماله باللون الأخضر ودرجاته والبنيات والأبيض واللون السماوي ودرجات من البنفسجي بدرجة أقل وكذلك الأصفر والبرتقالي بمشهد فسيفسائي. بينما أعمال الفنان سعيد سعييد اعتمد فيها على قماش السدو المشدود على الخشب معالجا إياه بمعاجين خاصة ليرسم بألوان الأكرليك وبأسلوب انطباعي ليظهر معمار عسير الشعبي المعروف بجمال بنيانه وألوانه التي لا تبتعد عن ألوان الأراضي المحيطة بالبنيان بانسجام وألوان براقة لم تخف ملمس وزخارف السدو التي أعطت خصوصية في أعماله. الفنان عبدالله البارقي، يستخدم خامة الأكرليك على الكانفاس والتي يغلب عليها اللون الأخضر بدرجات متقاربة في الأشجار والحشائش ولا تطغى على بقية الألوان مثل البيج والأبيض في البيوت والرماديات الممزوجة بالبني في الصخور واللون السماوي باتزان وضربات فرشاة أفقية تشعرك بانبساط الأرض في سهول تهامة. وعرف عبدالله البارقي في الجنوب بلوحاته الجدارية الكبيرة في الميادين العامة في معظم محافظاتعسير معتمدا على المساحات اللونية الواسعة وربما أثر ذلك النمط في الفن على لوحاته الصغيرة، التي استخدم فيها ضربات الفرشة العريضة ولم تخل لوحاته من عناصر الحياة مثل الحمامة وبعض المواشي في المراعي التي أعطت انطباعا عن نمط الحياة في منطقته، وأثارت تساؤلات المشاهدين: هل ما زال الناس يقومون بالرعي الى عصرنا هذا.؟ عالم عبدالله الدهري مليئ بالشاعرية.. شاعرية المكان والطقس في جبال الباحة وأوديتها ويستحدم الدهري ألوان الزيت على الكانفاس بريشة ناعمة وتفاصيل واقعية فوتوغرافية دقيقة في الحجارة والحشائش لتشعرك بملامس تلك العناصر وبتباين جميل ما بين الظل والنور لتنقلنا الى عمق المشهد لكل عمل حيث يحاكي قرية "ذي عين" المشهورة في الباحة بجمالها وجمال مزارعها وقريته التي نشأ فيها بمعمارها الذي يميز بيوت الباحة، وكذلك لوحة البرشومي الذي تشتهر به كل محافظات الجنوب وهي تكاد تخرج من نطاق اللوحة للحياة، محركاً احساس المتلقين ببرودة الطقس وأجواء المطر في المنطقة. الفنان حسن مداوي استضاف الجمهور في مشاهد من قريته والطبيعة في جبال النماص الخضراء المرصعة بالصخور ذات الألوان الرمادية المائلة للأبيض والمعمار في تلك المنطقة الذي يعتمد على الصخور في البناء لتعطي انسجاما رائعا مع الطبيعة المحيطة ويحفظ جمال المشهد الكلي لما حوله.. ويظهر جمال الأشجار الذي تشتهر به جبال الجنوب، في لوحة أخرى معتمدا على ألوان الزيت على القماش وفي لوحة أخرى بالأقلام الخشبية الملونة على الورق وبألوان متماهية تلاشت فيها التفاصيل. الفنان صديق كشاف مكملا العقد الجنوبي بلوحاته الانطباعية التي اشتهر بها في عسير وبخامة الزيت على الكانفاس مستخدما السكين في معظمها ويغلب عليها اللون الأخضر بدرجات متباينة ما بين الظل والنور وبانسجام مع ألوان التربة بدرجات البيج والبني والبنفسجي الممزوج بالأخضر في مناطق الظل والبنفسجي الممزوج بالأبيض في الجبال البعيدة ليعطينا إحساسا بعمق المشهد وبضربات السكين الأفقية المنتظمة والمائلة في أخرى والتي يتفرد بها صديق عن غيره من الفنانين في التكنيك وفي اختيار زوايا المشهد السهل والمدهش بجماله ولمعانه ونظافة ألوانه، حيث يتجول بالحضور من واد لآخر من أودية منطقة (قنا) اذ يعيش صديق هناك في أحضان الطبيعة. وجه الفنانون رغبة ورسالة تواصل ومحبة من جبال الجنوب الأبية الى سواحل الشرقية في بيتنا السعودي الكبير، بعثها التشكيليون الستة بأجمل ألوانهم وأساليبهم ليعرفوا الجمهور بطبيعة وجمال المنطقة.