مساء ليلة الثلاثاء وعلى خشبة مسرح شاطئ الراحة كان بانتظار ترشيح جمهور برنامج «شاعر المليون» لشاعرين فقط من بين ستة شعراء وهم: أحمد خالد بن جوفان العجمي من الكويتي، وحامد علوي أحمد الهاشمي من الإمارات، وصالح جار الله آل كحله المري، وعبدالرحمن رده عقاب المالكي، وظاهر خالد الملغومي الظفيري من السعودية، وصهيب محمد المعايطة من الأردن. وقد تم الإعلان عن تأهل كل من الشاعر الكويتي أحمد خالد بن جوفان العجمي بأعلى نسبة تصويت وصلت إلى 72%، والشاعر السعودي صالح جار الله آل كحله المري ب54%. ومع الإرادة بدأت الحلقة بتقرير مصور مع الشعراء الذين قالوا آراءهم فيها، وكيف يتمكنون منها، وما الذي يقويها لديهم، وما الذي يضعفها، ثم من هو المثل الأعلى لكل شاعر من الشعراء الثمانية الذين يمثلون 6 دول. وهم: بدر نايف الكبيح/ الكويت، حامد الحويطي/ الأردن، سامي صالح العرفج التميمي، ومحمد بن هضيب، ومسلط ناصر بن سعيدان/ السعودية، ناصر الشفيري/ اليمن، ويونس العيد/ البحرين، زينب البلوشي/ الإمارات، وهي الشاعرة الوحيدة التي وصلت إلى مرحلة ال48. لكن القول الفصل كما في نهاية كل حلقة كان لأعضاء اللجنة د. غسان الحسن، الأستاذ سلطان العميمي، الناقد حمد السعيد، الذين رشحوا الشاعر الكويتي بدر نايف الكبيح بنسبة 47%، ومثلها للشاعرة الإماراتية زينب البلوشي التي تقدمت بتصويت جمهور المسرح كذلك بدرجة 47%،. وأطل الشاعر بدر نايف الكبيح بقصيدة بأربعة أبيات مثّلت مدخل مشاركته، فأنشد متغنياً ببلده الكويت التي تحتفل بالعيد الوطني في هذه الأيام، ومستعيداً اسم «تركي» رجل الأمن الذي توفي خلال تلك الاحتفالات، الناقد حمد السعيد الذي راهن على بدر منذ مرحلة الاختبارات، قال: إن الشاعر أدهشه منذ تلك المرحلة، لكنْ ليلة أمس كان حضور بدر مغايراً ومتمكناً ومتألقاً ومنبرياً، وحول قصيدة المسابقة أكد السعيد أن فيها نضوجاً شعرياً وفكرياً، وإسقاطات دينية وتاريخية، وأن الشاعر متكامل من حيث الحضور والنضوج الشعري الذي جاءت دلالاته واضحة في القصيدة. الشاعر الأردني حامد الحويطي اعتلى خشبة المسرح ثانياً، وألقى قصيدة المسابقة التي حملت عنوان (على باب انتظارك)، الأستاذ سلطان العميمي اعتبر أن القصيدة التي ألقاها حامد محاولة جيدة للكتابة بأسلوب السهل الممتنع، بما فيها من صياغات شعرية كثيرة في الرقة والعاطفة والشفافية. زينب إبراهيم البلوشي ثالثة الشعراء المتنافسين في الحلقة، فبدأت بمدخل حافل بالمديح لقيادة الإمارات وجنودها ثم ألقت قصيدة المسابقة (شموخ)، التي جاءت في الفخر، الفخر بذات الشاعرة، والفخر بدولتها، والفخر برمز الإمارات (زايد)، لتضيف إلى الحلقة جواً آخر من المنافسة، وهي التي اجتازت -كما قال الناقد حمد السعيد- اختبارات مرحلة ال100 بدرجات عالية بين كل الشعراء. حمد السعيد أشاد بروح التحدي التي تمتلكها زينب، التي عدّت قصيدها على طَرْق المسحوب. مثلما كان ترتيب حلقة الأمس رابعة بين حلقات المرحلة الأولى، كذلك حل في ذات الترتيب في الحلقة الشاعر سامي صالح العرفج التميمي الذي أبهر اللجنة بالنص الذي ألقاه، لفرادة صوره، وللشاعرية التي فيه، وللخيال كذلك. وقد وجد د. غسان الحسن أن القصيدة ذهبت إلى ما يسمى الخيال المضاعف المركب، أي ما هو أبعد من المبني على المنطق والتوليف العقلي، إلى الخيال المبني على أحاسيس الشاعر ونفسه الداخلية. وأطل الشاعر محمد بن هضيب على جمهور «شاعر المليون» داخل وخارج مسرح شاطئ الراحة، سلطان العميمي كان أول المتحدثين عن القصيدة والشاعر الذي أبدى تفاعلاً معها من دون تكلف، فجاء الإلقاء جميلاً، وفي القصيدة لاحظ الناقد العميمي الانتماء لموضوعها، وخلوها من التكلف، مثنياً على الفطرية التي يمتلكها الشاعر، وكذلك الشاعرية والشفافية التي يصور فيها الشاعر بيئته على أنها محبوبته. مسلط ناصر بن سعيدان جاء سادساً بين الشعراء على خشبة المسرح، ومع أن موضوع قصيدته يتشابه مع موضوعات بعض الشعراء السابقين إلا أن كل شاعر يأتي بموضوعه على طريقته. د. غسان الحسن قال: إن القصيدة متماسكة جداً، ذات موضوع موحد ومدروس في كيفية التوغل فيه من أوله إلى آخره، وهذا ينم عن تجربة شاعر ومتمكن، وليست تجربة شاعر محدث، وقد وجدت أن الأمور حتى من الناحية المعنوية مرتبة، وطريقة التداول في اللغة لها سمات معينة. بدأ ناصر الشفيري بأربعة أبيات مدح فيها الإمارات والشيخ زايد، ما يؤكد مكانتها في قلبه، وفي فكره كذلك، ثم أهدى قصيدة المسابقة إلى ابنه علي، بادئاً نصه بالأبيات التي يوجهها مباشره له، د. غسان الحسن شكر الشاعر على النص الذي ألقاه، وعلى تفاعله مع الأبيات، كما لفت إلى مخاطبة الشاعر ولده، ورأى في ذلك تحميلاً للطفل المسؤولية في المستقبل. أما في بداية النص فإن الشاعر يؤكد انتماءه إلى اليمن، وهو الذي كلما مرّ إلى جانب قصر الحصن تذكر قصر غمدان في بلده (لا مرّيت قصر (الحصن) يطري قصر (غمدان)/ وطيورٍ على دمتْ أول تحيّي وْرُوده)، والجمع بين المكانين في بيت واحد جاء على سبيل المجاز المرسل بعلاقته المكانية بين الإمارات واليمن، وفي النص لفتة جميلة إلى الماضي والحاضر، وما كان فيه من سلام وجمال. ختام الشعر وليلة الشعر كان مع يونس العيد القادم من البحرين، والذي فوجئ بحضور والده في المسرح، فقد جاء كي يعاين اللحظات التي سيكون خلالها يونس على خشبة مسرح شاطئ الراحة، ويقدم نصه الذي أسماه (إلى معاذ الكساسبة)، وقال الناقد سلطان العميمي: إن نص ناصر جميل ومميز، يثبت لنا أننا لن ننسى شهداءنا، وما أعجب العميمي في النص تمسك يونس بالشعر وهو يصور أسرة الشهيد، وكذلك تقديمه صياغات شعرية متميزة مثل البيت الذي قال فيه (أماني شباب اليوم قناصها مكار/ يحسب الجنان بْأمر واليه مضمونه).