تحدثنا في المقال السابق عن بعض الجوانب النظامية لإيقاع الحجز التحفظي. واستكمالًا لذلك فهناك عدة حالات يجوز بمقتضاها للمدعي (الحاجز) التقدم إلى المحكمة المختصة بطلب إيقاع الحجز التحفظي على أموال المدين، ومنها ما ورد في المادة الرابعة والعشرين من نظام التنفيذ الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/53) وتاريخ 13/8/1433ه، حيث نصت على أنه: "للدائن أن يطلب إيقاع الحجز التحفظي على منقولات مدينه إذا لم يكن للمدين محل إقامة ثابت في المملكة، أو خشي الدائن لأسباب مقبولة اختفاء أموال المدين أو تهريبها". وفي هذه الحالة، يقدم طلب إيقاع الحجز التحفظي على أموال المدين إلى المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها محل إقامة الدائن (المدعي)، وذلك وفقًا لما ورد في المادة الرابعة والعشرين من اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ. ويجوز للدائن طلب إيقاع الحجز التحفظي على أموال المدين في حال خشيته من قيام الأخير بأي عمل من الأعمال المادية أو القانونية، التي يمكن أن تحول دون التحفظ عليها، وبالتالي إخراجها من إطار الضمان العام للدائنين. وكذلك في حال ظهور أدلة أو قرائن تشير باحتمال ضياع الحقوق التي يراد التحفظ عليها. كما أجاز النظام للدائن أن يطلب إيقاع الحجز التحفظي على ما يكون للمدين من ديون لدى الآخرين، وفي هذا الشأن نصت المادة السابعة والعشرون على أنه: "للدائن بدين مستقر حال الأداء - ولو لم يكن بيده حكم قابل للتنفيذ - أن يطلب إيقاع الحجز التحفظي على ما يكون لمدينه لدى الآخرين من الديون ولو كانت مؤجلة أو معلقة على شرط، وما يكون له من أموال أو أعيان منقولة في يد الغير...". ويلاحظ أن هذه المادة قد أجازت للدائن الذي حل أجل دينه أن يطلب إيقاع الحجز التحفظي على ما يكون لمدينه لدى الآخرين، حتى وإن لم يكن بيده سند تنفيذي، وقد وضحت اللائحة التنفيذية أن الحجز التحفظي يشمل في هذه الحالة ما للمدين عند الأفراد والمؤسسات والشركات والجهات الحكومية والمنشآت المالية وغيرها من الديون. وقد أوجبت نفس المادة على المحجوز لديه الإقرار بما في ذمته من الديون والأعيان والأموال، حيث نصت على أنه: "... وعلى المحجوز لديه خلال عشرة أيام من تاريخ تبليغه بالحجز الإقرار بما في ذمته من الديون والأعيان والأموال، وعليه الإيداع في حساب المحكمة خلال عشرة أيام من تاريخ تبليغه بحكم صحة الحجز بما أقر به، أو ما يفي منه بالحق". وفي حالة ما إذا أقر المحجوز لديه بما في ذمته من أموال المدين إقرارًا صحيحًا، وامتنع عن الإيداع خلال عشرة أيام تبدأ من اليوم التالي من تاريخ تبليغه، فللدائن المحكوم له بموجب الحكم الصادر على المدين التنفيذ على المحجوز لديه بما لا يزيد على المال المحجوز. أما إذا امتنع المحجوز لديه عن الإقرار بما في ذمته من الديون والأعيان أو أقر بغير الحقيقة، فيحق للدائن بعد الحكم له المطالبة بالتنفيذ على أموال المحجوز لديه، وكذلك مطالبته بالتعويض عن أضرار التقاضي التي لحقته بسبب امتناعه عن الإقرار، أو الإقرار بما يخالف الحقيقة. وهناك بعض الاستثناءات التي يعفى بموجبها المحجوز لديه من الإقرار، كأن يقوم هو أو غيره بالإيداع في حساب المحكمة مبلغًا يعادل قيمة ما يراد حجزه لديه بعد تقديره من القاضي الذي ينظر في طلب الحجز، أو في حال قيامه هو أو غيره بإيداع مبلغ مساو للدين المحجوز من أجله، أو بقيامه هو بالوفاء بدين الحاجز، بناءً على طلب المحجوز عليه، أو إذا قام من تلقاء نفسه بإيداع ما لديه في حساب المحكمة. والجدير بالذكر أنه لا يقع الحجز التحفظي إلا بأمر من المحكمة، أو الجهة المختصة بنظر النزاع التابع لها محل إقامة المحجوز على أمواله، ويجب كذلك أن يبلغ المحجوز على أمواله والمحجوز لديه بالأمر الصادر خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدوره وإلا اعتبر الحجز لاغيًا، ويجب على الحاجز خلال هذه الأيام العشرة أن يرفع أمام المحكمة أو الجهة المختصة الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز، وإلا يعد الحجز لاغيًا. واستكمالًا لما بدأناه فسوف نتحدث في مقالات قادمة عن الحجز التنفيذي، إن شاء الله تعالى.