ثمة أمور منطقية تستوجب التوقف عندها طويلا، وتتطلب منا تسليط الضوء عليها، ليس فقط من باب الإشادة، بل من جانب الاستفادة من التجربة، لاسيما أننا في إحيان كثيرة لا نلتفت إلا للمظهر، ويغيب عنا الجوهر في حالات كثيرة، فلا نعطي أصحاب الشأن حقوقهم، لأنهم ببساطة يعملون خلف الكواليس، ويكونون جنودا مجهولين. هذه الحالة تذكرتها في إشادة الجميع بما يقدمه فريق الخليج الكروي في دوري جميل، ورغم أنني مؤمن ومقتنع بما يستحقه الرئيس فوزي الباشا من مديح لعمله المميز، ومعه المدرب التونسي قادري، إلا أنني في نفس الوقت أرى أن دور الثنائي حسين الصادق وجعفر السليس يستحق أيضا الإشادة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالدور الخفي البعيد عن الأنظار يستوجب علينا إبرازه، وأجزم أن الخلجاويين أنفسهم يعون ويدركون الدور الكبير الذي لعبه هذا الثنائي في الأوقات العصيبة التي مر بها فريقهم. وتسليط الضوء على هذا الثنائي الناجح، لا يعني التقليل مما قام به الآخرون في تميز قدم الخليج، وفي مقدمتهم الرئيس والمدرب واللاعبون، ولكن من باب الإنصاف كونهما بعيدين عن آلة الإعلام، ربما يخفى على الآخرين دورهما الفعال فيما آل إليه فريق الخليج من تميز صفق له الجميع. كثير من هذا النوع العامل في الأندية، تنسى مجهوداتهم، وتغيب أعمالهم، ولا يبرز دورهم، لأن تركيبة شخصياتهم لا تتواكب مع الإعلام، فليس في أجندتهم الظهور بلغة (الأنا) على حساب (المجموع)، وليس في عناوينهم نصوص الظهور وتحويل عمل (الحبة) ل(قبة) لذلك يطلق عليهم مصطلح «جنود مجهولون». أعرف ويعرف غيري في العديد من الأندية، أن هذه النوعية تظلم إعلاميا وجماهيريا، وتكون الحظوة عادة لغيرهم، ولكنّ العارفون ببواطن الأمور يدركون جيدا أن غياب مثل هؤلاء عن العمل يعني الانهيار. محظوظة تلك الأندية التي تمتلك هذه النوعية من الإداريين، الذين يقدمون مصلحة وسمعة ناديهم على اسمهم وعملهم وجهدهم، وهي بحق مسألة تحتاج من إعلامنا أن يكون فطنا للعامل المتميز، وللمهايط الذي يرى في هدفه نفسه ومن بعده الطوفان. في السلك الرياضي الجوهر يختلف عن المظهر، ولكن إعلاميا وجماهيريا العكس صحيح.