(هجرة مليون سعودي) كان هذا العنوان هاشتاقا ضم مجموعة من آراء المغردين حول قضية هجرة السعوديين للخارج وأسبابها، بعد أن كان الموضوع بالأساس محل طرح أحد أعضاء مجلس الشورى والذي عبر فيه عن قلقه من هذه الظاهرة ورأى أن هناك خللا ما يقف خلف هجرة 5٪ من السكان خارج البلد في فترة وجيزة، وأن هذه الظاهرة ستشكل تهديدا أمنيا واجتماعيا إذا لم تتم معالجتها، والمهم انه دعا الجهات المعنية بالتقصي خلف أسباب هذا الواقع، ومن ضمن الجهات التي دعاها لذلك وزارة الخارجية. وعموما حتى تظهر لنا نتائج تقصي أسباب هذه الهجرة من الجهات ذات العلاقة، كان للناس رأي حول هذا الموضوع، فقد ذكر أحد المغردين تحت الهاشتاق المذكور آنفا أن سبب هجرة السعوديين خارج البلاد هو باختصار للبحث عن السعادة، وقال آخر هي للبحث عن الحياة، بينما رأى ثالثا أن سببها هو البحث عن الحياة وعدالة الأنظمة وأشياء أخرى.. أما فئة أخرى من المغردين فحملت المهاجرين السعوديين عتبا كبيرا ورأت في هجرتهم مؤشرا لانخفاض مستوى الوطنية والولاء والدين وأمور أخرى.. على كل حال إذا كان مجلس الشورى يعبر عن قلقه حيال هجرة 5٪ من المواطنين السعوديين للخارج عليه أيضا أن يعبر عن قلقه حيال نسبة أكبر من تلك تسعى للهجرة وأخرى تتطلع لها وتتمناها.. وليس على مجلس الشورى ان يعبر عن قلقه تجاه ذلك بل على المجتمع برمته ان يعبر عن قلقه حول ذلك وأن يشعر بالاستياء ويثير التساؤل الكبير الذي مفاده: لماذا مليون سعودي يقيمون خارج الوطن، ولماذا فئة أخرى في البلد تتطلع لذلك، ولماذا فئة عريضة من الناس لا تشعر بالسعادة والارتياح في مجتمعها؟؟. ربما نجد إجابة لجزء من هذا التساؤل الواسع في استفتاء نجريه مع تلك الفئة المهاجرة خارج الوطن وبعض الأفراد الذين ينتهزون أي فرصة بل ويختلقونها في أغلب مواسم السنة للسفر خارجا. أعتقد أن هناك كبتا معينا يعانيه أفراد مجتمعنا يجعل فئة منه تهاجر عنه وأخرى تنتهز الفرص لترفه عن نفسها خارجه وأخرى تنتحر في تنظيمات إرهابية لتتخلص منه سريعا في طريق مختصر تعتقد انه يقودها إلى الجنة.. ولا أعتقد أن السبب يعود لقضية الكبت وحده بل هناك أمور أكثر حدة من قضية الكبت يعانيها الناس.. عموما في ظنكم لو استحدثنا وزارة للسعادة أسوة ببعض الدول المجاورة هل سنصل لحلول مشكلة هجرة السعوديين والتطلع لها عند الفئة الأخرى؟ هل سيكون مجتمعنا ملائما لخلق أهم مقومات السعادة عند الفرد السعودي؟ قبل أن نجيب عن هذا السؤال دعونا نتأمل قليلا مع أنفسنا أهم عوامل تقويض السعادة في حياتنا العامة.. دعونا نتأمل في أسباب وجود فئة في المجتمع تحارب الفئة الأخرى، ووجود أخرى تحسد الأخرى بينما البقية مشغولون تارة بمراقبة الآخرين ونقدهم وتارة بتقليدهم!! ربما نحن فعليا لسنا بحاجة لوزارة السعادة بقدر احتياجنا ل(وزارة الإنسانية) تضع استراتيجيات لتعليم الناس كيف يحبون بعضهم وحياتهم ويحترمون خصوصياتهم ويتفهمون اختلافهم.. في النهاية نحن لا نشترط حقيقة وزارة للسعادة أو وزارة للإنسانية يكفينا مشروع وطني كبير، يشخص الأسباب ويضع حلولا لأزمة بعض الأفراد السعوديين مع واقعهم الاجتماعي وسخطهم عليه بالهروب منه سواء عن طريق الهرب الدائم بالهجرة أو الهرب المؤقت بالسفر المتكرر أو محاولات الهروب منه بالطرق الأخرى.