الزواج لفظ عربي يعني اقتران أحد الشيئين بالآخر وازدواجهما بعد أن كان كل منهما منفرداً عن الآخر، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}، وأودع في كل منهما ما يجعله يميل للآخر ليتم الازدواج بينهما، ويكون من ثمراته التناسل ليبقى الإنسان معمراً للأرض حتى بلوغ الساعة. وقد كرم الله -عز وجل- بني آدم بين سائر المخلوقات، ولم يتركهم يتخبطون في العلاقات وتحكمهم الشهوات؛ فشرع الزواج الذي يختص فيه الرجل بالأنثى لا يشاركه فيها غيره؛ ليسلم العالم من شر الإباحة ومن طغيان الشهوات، التي تجعل من الإنسان حيواناً لا يعرف رباط العائلة، ولا يفقه معنى الرحمة، ولا يفطن لسر المودة فيضيع النسل. ولكن يحدث في بعض الأحيان خلل في منظومة الحياة الزوجية؛ بسبب مشكلة في طبيعة العلاقة بينهما، أو مشكلة في شخصيتيهما تؤدي إلى عدم توافقهما، فهناك شخصيات يعجز البشر عن تحملها فكيف بأحد الزوجين -وأخص بالذكر الزوجة لكونها الإنسانة الرقيقة المشاعر الضعيفة البنية- نذكر منها: الشخصية السيكوباتية -وما أكثرها-: المعتل نفسياً المخادع، يستخدم لسانه العذب للتأثير على الآخرين، يتلذذ بالحاق الأذى بمن حوله، يعطي وعوداً كثيرة ولا يفي بأى شيء منها؛ الشخصية البارانوية -لا يخلو شارع منها-: شكاك غيور مستبد متعال؛ الشخصية النرجسية: المتمركز حول ذاته الأناني المعجب بنفسه والساعي إلى النجومية والنجاح والتألق على حساب الآخرين؛ الشخصية الهستيرية: المضطربة في تصرفاتها والمبالغة في إظهار عواطفها، يصدر منها تصرفات غير مقبولة اجتماعياً؛ الشخصية الوسواسية: المدقق الحريص بشدة على النظام المهتم بالشكل والنظام الخارجي على حساب المعنى والروح؛ الشخصية الحدية: شديد التقلب في آرائه وعلاقاته ومشاعره سريع الثورة كثير الاندفاع؛ الشخصية الاعتمادية السلبية: الضعيف السلبي الاعتمادي المتطفل؛ الشخصية الاكتئابية: الحزين المهموم المنهزم اليائس المتشائم النكدي المنطوي...لخ. والكارثة تكمن إذا احتوى شخص على أكثر من شخصية -مما ذكر- في آن واحد. وعندما أخص المرأة بالذكر ليس تعصباً لنساء جنسي، وإنما لتسلط الجنس الذكوري العربي على المرأة واستفزازها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من أناس يفترض أن يكونوا قدوة للآخرين!! مرة يدعون للتعامل مع المرأة وكأنها "دابة" يجب أن تضرب وتعنف كيف تطيع، ومرة ينادون متفاخرين بالتعدد وهو لم يعط الأولى حقوقها -وما أكثرها- ولا يعرف التعامل مع الأنثى فكيف بالثانية والثالثة والرابعة؟ يرى نفسه سي السيد يجب أن يُطاع في كل الحالات، لا يحق لها الكلام إلا من بعده، ولا يحق لها التعبير لأنها "حرمة". وإذا اعتبرناها حرمة فلنأخذ بالمعنى ما لا يحل انتهاكه، وما يحميه الرَّجل ويدافع عنه ويقاتل لأجله. كلمة أخيرة موجهة للمرأة والرجل -وكل يعرف نفسه خاصة وإن كان من أصحاب الشخصيات السابقة-؛ الزواج مشروع شراكة بين شخصين بعلاقة شرعية يحفها الحب والود والحنان والتعاون... الخ، العنف والتسلط والتعالي والتباهي والتجاهل والبخل والاحتقار والتهديد مرفوض وغير مقبول إطلاقاً بين الزوجين. وكي تكون الشخص الذي كرمه الله في كتابه الكريم؛ لا بد أن تصون كرامتك وتحفظ ما تبقى من ماء وجهك، «فمن لا يعدك ربح لا تعده خسارة».