الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته لا يستطيع أن يعيش وحده وهو بحاجة إلى الآخرين في كل شؤونه وفي جميع مراحل حياته. ولا يمكن لإنسان أن يستغني عن الآخرين لأن هذا ما خلقه الله عليه قال سبحانه وتعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) 13 الحجرات. ولهذا تجد أن جزءًا كبيرًا من تكوين شخصية الإنسان يتمثل في الجانب الاجتماعي الذي يعادل 25% من تكوين شخصيته إضافة إلى الجانب الروحي والجانب العقلي والجانب الجسدي. ومنذ ما قبل ميلاده يتدخل الجانب الاجتماعي في رسم شخصيته؛ حتى إذا ولد زادت تأثيراته إلى حد تكوين ملامح شخصيته الرئيسية بشكل واضح تؤكده الفروق بين المجتمعات والتناقضات بين الثقافات واختلاف الأديان فيما بينها. ومن هنا كان من الواجب أن يتعرف الإنسان على أفضل الطرق والأساليب في بناء علاقاته الاجتماعية، وحديثنا عن الجوانب الاجتماعية وإعادة تنظيمها يساعدنا في رسم خطة تجديد الذات وتصحيح وضعها بما يضمن لها الاستقرار وزيادة تقوية الشخصية وزيادة الثقة بالنفس. ويشمل الجانب الاجتماعي في حياتنا: * العلاقات الإنسانية في الحياة اليومية والمهنية. * إدارة الصراعات التي تحدث بين الأفراد. * إتقان عملية التواصل بشكل فعال. ولضرورة الحياة في وسط جماعة وحاجتنا المستمرة لتكوين جماعات متناغمة يعني أنه لا بد أن تكون علاقاتنا إيجابية ومستمرة، وأن نتجنب الصراعات مع الآخرين في تعاملنا مع من فوقنا مثل (الوالدين – الرؤساء في العمل...) أو من تحت أيدينا مثل: (أبناؤنا – مرؤوسينا في العمل....) وغير أولئك ممن نرتبط معهم بعلاقات دائمة أو علاقات عارضة ومؤقتة. ولأهمية كل ذلك دلنا النبي - صلى الله وسلم - على أن أفضل الأعمال هو الخلق الحسن، وأنه أثقل عمل في الميزان كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق). وفي كثير من أوامر القرآن الكريم وعمل وقول النبي - صلى الله وسلم - ترجمة عملية للقرآن الكريم تجد ملمح حسن الخلق وفضل الأخلاق والأمر بأحسن التعاملات حتى مع الأعداء.. ولا عجب في ذلك فديننا هو دين الأخلاق حتى قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق). وأهمية العلاقات الإنسانية تكمن فيما يلي: 1- طبيعة الكائن الإنساني لا يعيش في غير جماعات ولهذا يحتاج إلى تكوين علاقات جيدة مع الآخرين. 2- تشير بعض الدراسات إلى أن 85٪ من أسباب النجاح في مجال العمل تعود إلى مهارات التعامل وتكوين العلاقات وأن 15٪ منها فقط تعود إلى المعرفة الفنية. 3- العلاقات الإيجابية تُحسّن الإنتاجية بشكل عام في العمل وخارج العمل. 4- تساعدنا العلاقات الإنسانية الجيدة على الشعور بمشاعر طيبة نحو أنفسنا، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى تقدير الذات. 5- إتقان العلاقات الإنسانية الإيجابية يشكل عامل جذب لنا؛ والعكس صحيح. وهنالك مبادئ مهمة في العلاقات الإنسانية ذكرها المختصون في دراسة السلوك الإنساني منها: 1- من أهم احتياجات الإنسان أن يلقى تقديرًا وثناء. 2- كل إنسان يرغب في الشعور بأنه مهم وأن تكون له شخصية وكيان يشعر به الآخرون بصورة متفردة. 3- العلاقات ينبغي أن تكون نافعة ومشبعة لاحتياجات الأطراف فيها. 4- عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به. قاعدة سلوكية اجتماعية في كل زمان ومكان. 5- يرغب جميع الناس في أن تعاملهم باحترام وتقدير. 6- ينتظر الناس أن يثني عليهم الآخرون حينما يقومون بعمل جيد. 7- يرغب الناس في أن تتم معاملتهم بعدل ومساواة. 8- الجاذبية لطريقة التعامل مع الآخرين أكثر منها للصفات الأخرى. 9- القائد لديه كاريزما تعتمد على تقدير الآخرين بشكل واضح. 10- لغة الجسد لها دور مهم في عملية التواصل وبناء العلاقات. ولو ذهبنا لنورد الآيات والأحاديث في الدلالة على هذه الجوانب لطال بنا المقام ومن يقرأ في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعامله مع أصحابه ومع أعدائه سيجد شواهد كثيرة في هذا وقد ذكرت بعضها في كتابي "دفاع عن الحبيب" وهو منشور.