سوق الأسهم السعودية من الأسواق الناشئة، وكذلك هيئة السوق المالية التي لم يتجاوز عمرها 13 عاما. وتعد السوق المالية السعودية من الأسواق المالية الواعدة بما تنعم به المملكة من استقرار وقوة سياسية واقتصادية وأمن وأمان، حيث نسبة المخاطرة ضئيلة جداً مقارنة بتلك في الكثير من الأسواق المالية في بعض الدول المتقدمة والنامية والأقل نمواً. وبالرغم من المحفزات السياسية والاقتصادية الإيجابية فإن سوق الأسهم السعودية تعاني من تذبذبات شديدة وهبوط حاد للمؤشر وانخفاض حاد في قيمة أسهم الشركات عامة مما يستدعي الحاجة للتدخل من قبل هيئة سوق المال لاتخاذ الوسائل التي تساهم في استقرار التداولات والأسعار لتنمو بوتيرة تعكس قوة الاقتصاد السعودي، فقد وصلت أسعار شركات كبيرة دون سعر الاكتتاب ودون القيمة الدفترية. الأسباب المؤثرة في الهبوط الحاد للمؤشر عديدة وتؤثر في السيولة والثقة في سوق الأسهم السعودية منذ الانهيار في مارس 2006م. السوق المالية السعودية تحتاج لاستعادة النفس بعد الاستنزاف الكبير الذي يرجعه المحللون إلى تراجع أسعار البترول منذ النصف الأخير من 2015م إلى الآن. ولقد طالب كثير من المستثمرين في سوق الأسهم السعودية الجهات الحكومية ذات العلاقة بالسوق بالتدخل الضروري لدعمها، وذلك من خلال اتخاذ الاجراءات المؤقتة والدائمة وغير المكلفة لاعادة الثقة إلى السوق لما في ذلك من أهمية في تعزيز تدفق السيولة إليها من خلال جذبها للأموال من المملكة وخارجها على حد سواء. ومن هذه الاجراءات إيقاف الادراج والاكتتابات للشركات الجديدة لمدة زمنية محددة، ولتكن على سبيل المثال لمدة عام كامل مع اعلان تجميد الاكتتاب للمتداولين لطمأنتهم وتشجيعهم على العودة إلى السوق والمحافظة على من بقي منهم متعلقاً في السوق المالية منذ أكثر من عشرة أعوام، ولتحفيز دخول سيولة جديدة الى السوق. ومن الأهمية عدم السماح للشركات المدرجة بزيادة رؤوس أموالها عن طريق حقوق الأولوية، وتجنب أي تصريحات من الممكن أن يساء فهمها من قبل المتداولين، وذلك لحساسية الفترة التي تمر بها سوق الاسهم، وحاجتها الى أخبار محفزة أو على الاقل الحد من العوامل المؤثرة في هبوطها. ومن الأهمية عدم ادراج اي من نشاطات ارامكو السعودية في السوق المالية لكبر حجمها الذي يؤثر في قيمة المؤشر العام صعوداً وهبوطاً. أرى أن تعزيز السيولة وإيجاد العوامل الكفيلة بجذبها إلى السوق من عوامل استقرار السوق وارتفاعها بعد أن تدنت اسعار اغلب الاسهم الى مستويات اقل مما تستحقها قياسا بمكررات الأرباح لها، وبالمقارنة بمكررات الارباح في الاسواق المتقدمة. وتعد السيولة المحرك الأساسي لنمو أي سوق مالية في العالم، حيث إنها العامل الجاذب للمستثمر المحلي والأجنبي للدخول الى السوق أو عدمه، وذلك ان السوق المالية المنخفضة السيولة غير مرغوب فيها حتى وان كانت مكرراتها الربحية جاذبة، أرى أهمية تقنين الاكتتابات حتى يتم التأكد من عودة السيولة وزيادتها، اضافة الى اتخاذ خطوات لجذب المستثمرين الاجانب عن طريق اعادة النظر في شروط دخولهم إلى السوق المالية السعودية عندما اعلن عن فتح السوق للمستثمرين الاجانب، حيث كانت السيولة متواضعة جدا قياسا بما كان متوقعا من قبل المحللين وهيئة سوق المال، ولهذا يجب تخفيف الشروط أمام المستثمر الاجنبي والمزيد من الشفافية والافصاح لتشجيع المستثمرين الأجانب للدخول في سوق الأسهم السعودية مع وضع المحاذير العالمية لحماية سوق الأسهم من أي استغلال غير قانوني، ومن الأهمية إعادة النظر في نظام حوكمة الشركات وتشكيلة أعضاء مجالس الإدارة في الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية بعيداً عن تضارب المصالح والتداولات التي تخدم الاستغلاليين من اعضاء مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي واعضاء الإدارة التنفيذية. وأرى ضرورة إيقاف التداول في بعض الأيام عندما تبرز عوامل أو اخبار سيئة تؤثر في المؤشر العام وتداولات السوق بقوة حتى يتلاشى التأثير النفسي لهذه الاخبار السيئة. هذه سياسات وإجراءات متبعة في الاسواق العالمية للاسهم للمحافظة على أموال المستثمرين.