منذ اخترعت الكاميرا، وهذه الآلة تتطور وتخضع لاستحداثات تسارعت في العقود الأخيرة. عُرفت الصورة الضوئية أو آلة التصوير منذ أكثر من قرنين، تطورت على نحو متسارع لتصبح الصورة التي كانت تستخدم كوثيقة لم تزل تلتقط بذات الآلة التي لم تخرج عن مثل هذه الوظيفة إلا فيما يتعلق باستحداث أفكار جديدة تعني تطورا في مفهوم الصورة الضوئية، ثم بالتطور التقني الذي يشهده العالم في وسائل اتصالاته. حتى عهد قريب لم تكن الصورة في المملكة والجزيرة العربية عامة سوى ذلك المشهد التوثيقي لزمن، ولأماكن نحمل لها أو بعضها حبا وربما تختزن في ذاكرتنا، كانت الصورة المُلتقطة في الصحراء أو الريف أو الحاضرة بكاميرا أجانب عملوا في بلادنا او رحالة مروا بها والتقطوا صورا تملأ كتبا وألبومات ترصد حياة ونمط عيش، لقد قدر لهم التقاط العديد من المشاهد التي لم نقدر على التقاطها، لكن متغيرات العصر وإنجازاته التقنية أسهمت في وصول الكاميرا إلى كثيرين حتى أصبحت تنقل في جيوبنا ومقرونة بهواتفنا النقالة. ترسخ في الأذهان أن انفصالا بين التصوير الضوئي وبين الفن التشكيلي الذي تجاوز الحواجز والأطر الفاصلة بين أنواع وأشكال الفنون البصرية، ظهرت في العقود الأخيرة المعارض الضوئية، المعارض أصبحت تقام ضمن أنشطة أخرى منفصلة، ومع الاهتمام بالتدريب ومعارض التصوير الضوئي ظهرت المعارض الفوتوغرافية واتسع حضور المصور الضوئي في المناسبات العربية والدولية، وحقق العديد من المصورين السعوديين جوائز متقدمة، ظهر بيت الفوتوغرافيين وظهر اهتمام الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون. وفي أواخر العقد الأول من الألفية الثالثة، ظهرت الجمعية السعودية للتصوير الفوتوغرافي أو الضوئي، كما ظهرت جماعة التصوير في نادي الفنون بالقطيف، وتجمعات فنية أخرى في بعض المدن، ومع ذلك فإنه يتحمل المصورون الضوئيون غالبا الدور في تبني والإنفاق على معارضهم الفردية أو المشتركة أو مشاركاتهم الخارجية التي كانت سببا رئيسا في دعم المصورين معنويا على الأقل. في المملكة العديد من المصورين الذين عُرفت أعمالهم داخليا وخارجيا مثل: حامد شلبي وخالد خضر وعلي المبارك ومحمد الشبيب والراحل صالح العزاز وعيسى عنقاوي والاسماء كثيرة بين مدن ومناطق البلاد بتنوع واختلاف اهتماماتهم الفوتوغرافية، تقدر أعداد الأجيال الجديدة بالمئات، ويكفي أن معرضا قد يضم قرابة المائة مصور ضوئي ومن مدينة واحدة ما بين شاب وفتاة. الصورة الضوئية تم حصرها في عروض مخصصة للضوئيين، ويغيب عن كثيرين أن الصورة تجاوزت ذلك نحو جوانب وطرق للتعبير عن أفكار جديدة، يتم تقديمها في البيناليات العربية: كبينالي الشارقة أو القاهرة أو مناسبات فنية كآرت دبي وغيرها، وفيه كان المصور الضوئي يقدم لقطاته بما يحقق تناولا جديدا في مفهوم الصورة وما يمكن أن تحمله من دلالات تتماشى مع الفنون الراهنة التي تسمت ب (المعاصرة)، ذلك أننا أمام مفاهيم تطرح نفسها وفق اتجاهات الفن الجديدة في إطارها الثقافي الاشمل. لذا، كانت الأعمال المفاهيمية ذات منزع مغاير لما ألفته الساحة الفنية لسنين، فجاءت ردود الفعل بقوة رسوخ اللوحة المحمولة أو المنحوتة ضد هذا الجديد الذي تطلب فهما ومشاهدة وتفاعلا. والواقع، أنه لا يكفي المصور الضوئي أن يقدم لقطة كاميرته بقدر ما يضيفه هو من مواقف ورؤى خاصة، تؤكد وعيه بما تحمله وتتركه الصورة من أثر أو مضمون، لعلنا نجد التنويع والاختلاف بين الاعمال الضوئية وفق الشخصية الفنية، وربما المناسبة، في حين تخضع كثير من الأعمال إلى منتْجَة ومعالجات ببرامج حاسوبية تمنح الصورة اثارتها وشكلها الجديد.