أقامت جمعية الثقافة والفنون بالأحساء خلال الأسابيع الماضية عددا من الأنشطة الثقافية والفنية والمتميزة التي تستحق الإشادة والحديث عنها, وهي انشطة تتحدث عن جوانب من الحركة الفنية في الاحساء من خلال التصوير الفوتوغرافي ومن خلال محاضرة للفنان سعيد الوايل حول التراث الجمالي من خلال دراسته للأبواب والنقوش ومقارنتها بالأبواب في الخليج العربي , كما قدمت مسرحية (سنة الرحمة) وهي المسرحية الأولى التي يقدمها المخرج زكريا المؤمني لفرع الأحساء بعد أن باشر عمله كمخرج مسرحي متفرغ. معرض التصوير الفوتوغرافي هو المعرض الثاني الذي تقيمه الجمعية إلا انها وجدت ان تستغل إقامته وتقدمه بشكل أكاديمي وفني , اكاديمي من خلال المحاضرة التي قدمها الدكتور طارق الجهني وكانت حول تاريخ آلة التصوير وتطوراتها ,وفني من جانب الأعمال المشاركة في المعرض وتكريم المصور الفوتغرافي علي المبارك , ويحمل هذا التكريم دلالته لدى الجمعية التي تستمر في الالتفات الى الشباب المبدعين في الأحساء والذين قدموا جهدا ملموسا وملفتا في حياتهم الفنية أو الثقافية. المعرض الفوتوغراقي أضافت مشاركة علي المبارك في معرض التصوير بعدا فنيا للمعرض فرغم أنه شارك بثلاثة اعمال فقط الا انها كانت مختلفة تماما عن بقية المشاركات , ومن الطبيعي ان تكون مختلفة ومتميزة نظرا للفارق الكبير بين تجربته وتجارب بقية المصورين , فقد ظهرت في أعماله الثلاثة المعروضة الحرفنة واستخدام التقنية بشكل عال من خلال مؤهلات الكاميرا أو معالجة الصورة بالحاسب الآلي , إلا أن هذه المعاجلة او التحكم في الصورة من خلال الحاسب غير واضحة وليست ظاهرة للمشاهد العادي , شارك بثلاثة اعمال (شارع الظهران وجبل الأربع وقناة الري) ولعل الجديد في صورة (شارع الظهران أو مدخل الأحساء) بالذات هو اكتشافه لجمالية أو منظر جمالي جديد في الاحساء , هذا المنظر أوجدته النهضة العمرانية الحديثة وبذلك يمكن القول ان العبرة ليست في الكاميرا أو في المكان بل كيفية التعامل مع الكاميرا وكيفية اكتشاف المكان وإبرازه , وإن كانت هذه الصورة اعتبرها جديدة لأنها اكشتفت شيئا جديدا في الأحساء , فلإن بقية الأعمال المشاركة تناولت البيئة القديمة في الأحساء وتوقفت عند الطبيعة التي نجدها في كل الصور الفوتوغرافية , مثل النخلة والمياه والأبواب القديمة وعيون المياه والجبال والرمال والأطفال والحرف اليدوية الىآخر هذه الموضوعات التي هي المكون الأساسي لبيئة الاحساء , هذه الأعمال التقطت بشكل جمالي وبإحساس عال ومرهف أظهر تعلق ابن الاحساء ببيئته واعتزازه بها , وأنه يراها المكان الأجمل في العالم وهذه الصورة التي التقطت. البيئة المحلية بكل تفاصيلها وتنوعاتها والتي تقف عندها , هذه الصورة أنما تفضح الواقع الذي تعيشه الاحساء فالنهضة العمرانية والتطورات الحديثة من شوارع ومبان ومرافق عجزت حتى الآن أن توجد شكلا معماريا حديثا يستوقف مصورا فتوغرافيا أو يستحق أن يكون موضوعا لصورة فوتوغرافية , استطاع المعرض ان يقدم أسماء جديدة في مجال التصوير , ولكن المصورين الذين كانت لهم مشاركات سابقة في معارض أخرى قدموا أعمال قديمة معروضة من قبل في أكثر من معرض ولكن الحدث الأهم في المعرض هو تكريم علي المبارك. المصور علي المبارك يحمل المصورون الفوتوغرافيون في الأحساء والمنطقة الشرقية الكثير من الامتنان للمصور المعروف علي المبارك هذا المصور الذي لم يبخل عنهم بمعلومة صغيرة او كبيرة في مجال التعامل مع الكاميرا , منذ عاد من دراسته في أمريكا في العام 1985 م وهو محمل بالحماس والرغبة في أن يؤسسا لحركة في التصوير الفوتوغرافي وإن لم تكن بصورة مباشرة , بل عن طريق الدورات التدريبية التي كان يعطيها للمصورين الهواة والمبتدئين منذ أكثر من 15 عاما , فكان يركب سيارته من الدمام الى الاحساء بشكل يومي ليعطي دروسا في التصوير , وقد احتضنت بعض الأندية في الاحساء مثل هذه الدورات كما حدث في نادي العدالة بالحليلة , بالإضافة الى اعطائه الدروس في التصوير لعدد كبير من مصوري القطيف , كما أنه فتح بيته للمصورين المبتدئين آنذاك حسن البقشي وسعيد الوايل وفما بعد سعيد الرمضان الذين كانوا يترددون اليه لمعرفة المزيد والمزيد عن الكاميرا والصورة ولأن علي المبارك قادر على حب الآخرين ولديه الرغبة في بذل ما يملك من معرفة ومعلومات عن كل ما يتعلق بالتصوير الفوتغرافي فإن هؤلاء الشباب وجدوا لديهم الحب والحماس والرغبة الكافية في تعلم التصوير وممارسته , فقد مهد علي المبارك الطريق أمام كل واحد منهم لأن يكون مميزا وله اسلوبه الخاص الذي لا يشبه زميله وبذلك ظهرت لدينا أسماء مبدعة في التصوير الضوئي في الأحساء , كما تكونت جماعة التصوير الفوتوتوغرافي في القطيف واستطاعت هذه الجماعة أن تثبت وجودها وتؤسس كيانها ويكون لها اسم خارج المملكة أيضا من خلال المعارض الفتوغرافية التي أقامتها خارج المملكة , ولم يكن التصوير لعلي المبارك مجرد هواية بل أصبح حرفته ومهنته وكان لتكريم جمعية الثقافة والفنون بالأحساء لعلي المبارك أبلغ الأثر في نفسه ونفوس أصدقائه وتلاميذه فكان هذا التكريم اعترافا لما قدمه في التصوير وما صنعه لتأسيس حركة في التصوير , ووقوفه مع الكثير من المواهب والقدرات في التصوير الضوئي. التراث الجمالي في الأبواب والنقوش منذ زمن استهوت سعيد الوايل رصد ودراسة الزخرفة الخشبية والنقوش في الأبواب القديمة فلم تكن هذه الهواية مجرد مشاعر عاطفية تجاه شكل جمالي والتأمل فيه , بل تخطى ذلك ليحمله ضمن هواجسه واهتماماته وكان جادا في ذلك فمضى به هذا الاهتمام وهذه الجدية الى السفر الى إيران والعراق وسوريا والهند ودول الخليج وكان يحمل كاميرته معه لتصوير الأبواب ونقوشها ويقارن بينها وبين الأبواب في الاحساء , نقط التلاقي والاختلاف وفي كل مشاهدة وتمعن يكتشف الخصوصية لابواب الاحساء ولفت انتباهه هنا الاختلاف والتميز فتولد لديه الإصرار أن يدخل هذا الأمر في مجال التدوين فأخذ يسافر الى دول الخليج , وقد أخذ منه هذا الأمر خمس سنوات ., على حسابه الخاص , على أن تكونت لديه معلومات كافية لأن تسمى ثروة في مجال الأبواب والنقوش والتي له السبق في دراستها وتدوينها فكانت هذه المحاضرة نتيجة هذا الاهتمام وهذا البحث , ومما يذكره الوايل في محاضرته: أن للفنون التقليدية ومسيرتها عبر الأجيال لها صلة بالإنسان والطبيعة والكون وبنظريات علمية واعتمادها على حسابات فلكية ورياضية وهو يتعامل معها الحرفي بشيء من الخبرة المكتسبة , وبوعي ثقافي حياتي , اكتسبها الآباء ولأجداد من محيطهم وظروفهم الصعبة وأن الاستقرار الذي نعمت به واحة الاحساء استوجب تعدد الأنشطة اليومية التي أدت الى ازدهار وتطور الفنون والصناعات الحرفية التقليدية لدورها الكبير الذي كانت تؤديه تلبية لحاجات المجتمع وقد شهدت حرفة النجارة تقدما كبيرا, من خلال ما ارتبط بها من نقوش وفنون النحت على الخشب اظهر الحرفيون من خلالها قدرة فائقة في استلهام الطرق والأساليب المتوارثة, واصبح النقش على الخشب يحمل طابعا وبصمة محليين, بلغت مرحلة من النمو والتطور مع استقرار الأوضاع الأمنية في المنطقة ولقد برع الحرفيون في استنباط أشكال وعناصر زخرفية بديعة أوحتها لهم عناصر الطبيعة والبيئة المحلية , واهمها النخلة بالإضافة الى ورق التين وثمرة القرع أوراق السدر وشجرة الرمان , كما ظهرت بعض النقوش الخشبية من أدوات تستخدم في الحياة اليومية و مثل المبخر والمرش والهيلة او البيذانة, وهذه النقوش كلها تعتبر من النقش الغائر والنافر وأسلوب النقش المائل او المشطوف. مسرحية (سنة الرحمة) المسرحية مأخذوة من قصة للأستاذ محمد بن أحمد الشدي رئيس مجلس الإدارة للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون وأعدها للمسرح عبد الرحمن المريخي ومن إخراج زكريا المؤمني ويمكن القول أن هذا المخرج يعد مكسبا لفرع الاحساء وينتظر منه الكثير, المسرحية تدور أحداثها حول سنة مرت على الجزيرة العربية حملت معها الأمراض وفتكت بالأرواح وسميت بسنة الرحمة , النص يعتمد على السرد لهذه الواقعة , ولا يقوم على الحوار الا في بعض المشاهد و ولذا ربما لم يفسح النص المساحة الكافية للمخرج في أن يختبر جميع أدواته المسرحية فالمساحة الدرامية في النص ضيقة جدا , ولكن المخرج لم يستسلم لذلك , فوظف أدواته المسرحية في خلق جو مسرحي من خلال الصورة والتعامل مع البصر , بالإضافة الى حركة الممثل وإن كانت هذه المسرحية الأولى للمخرج زكريا , الا انه على موعد مع مسرح الاحساء فهو جاء الى مسرح جاهز ملئ بكافة العناصر المسرحية من ممثل وموسيقى وإضاءة ومؤثرات صوتية وديكور الى آخر هذه العناصر كما أن مسرح الاحساء بحاجة الى تجربة مختلفة تدعم ما قدمه المريخي والحمد والغوينم وسامي الجمعان ونوح الجمعان ويوسف الخميس, وعلى الشباب الممثلين أن يستقلوا تواجد زكريا المؤمني بينهم.