للقصيدة الشعبية في مهرجان الجنادرية حظوة كبيرة يتفوق بها المهرجان على غيره من محافل الشعر الشعبي، فقد صارت على مدى ثلاثين عاماً بصمة ثابتة ومميزة للمهرجان ينتظرها الناس بتلهف، وكان لخلف بن هذال ووقفته في حفل الافتتاح وطريقته الخاصة في الإلقاء مكانة كبيرة في نفوس متابعيه وما زالت هذه القصيدة باللهجة العامية حية وقوية في كل مهرجان، فلم تفقد رونقها الوطني والشعري. وقد استلم راية هذه القصيدة الرائد مشعل الحارثي الذي وفق في صياغة قصيدة (الجنادرية 30). في السنوات الماضية كانت قصائد خلف بن هذال سابقاً تشعل فينا الحماس والحب الوطني والمباهاة بالوطن ورجاله، فنظل نردد أبياتها في قلوبنا، وعلى ألسنتنا. رغم أن بلادنا لم تكن على مدى السنوات الثلاثين السابقة قد مرت بما مرت به خلال هذا العام المزدحم بالأحداث الجسام التي تطلبت أن تعلن فيها بلادنا الحرب ضد الشر المتربص بنا على الحدود الجنوبية، والشر الذي يقفز هنا وهناك داخل البلاد بيد كل إرهابي غاشم، ولهذا جاءت قصيدة الحارثي تحكي حكاية العام بعد فر وكر للقوات السعودية بكل فئاتها، وأيضاً بعد صولات وجولات على المستوى السياسي في مناسبات عدة كانت لبلادنا فيها مواقف قلبت كثيراً من المفاهيم السياسية. عام اتسم بالحزم والحكمة التي تطلبتها الأحداث الخارجية والداخلية، عام توجهت فيه أنظار العالم إلى الرياض التي أعلنت عاصفة الحزم، ومن ثم إعادة الأمل، والدعوة للتحالف الإسلامي، فكان عاماً حافلاً بالانجازات المحسوبة للسياسة السعودية الخارجية، وتلك التي أفاد منها المواطن في الداخل. عام ورحى الحرب تدور على الحد الجنوبي وعجلة التنمية والبناء مستمرة في الدوران وفي الوقت نفسه كنا وما زلنا ننعم في باقي أرجاء الوطن بالأمن والسلام والرخاء. عام اتسم بالتحالف وتغيير مسار العلاقات الدولية بعضها للأفضل بما تحتمه المصالح الدولية وبعضها فرضت الأحداث بترها من أجل المصلحة الخاصة لبلادنا والعامة لدول الخليج العربي، وكذلك من أجل تصحيح بعض المسارات السياسية؛ كل هذا جعل قصيدة الجنادرية لهذا العام تحكي بلسان الفخر واقعاً عايشناه جميعاً وقد وفق فيها الحارثي لا شك في ذلك؛ فاحتفى بها المواطن السعودي وإخوتنا في الخليج العربي. من علمك يا نجد تحقيق الآمال غير الذي ما قد حكم فيك زيه يا نجد لدي يمه العين لازال للعشق والعشاق باق بقيه دمعة فرحك اللي له الخد منزال لو تنسكب يا نجد حقك عليه ... قولي هلا حييت يا طيب الفال مولاي يا سلمان يا الله حيه وقولي لعبدالله مداهيلك ظلال عقبك حفظ متعب عليه الوصية أنا الحرس وأنا مضاريب الأمثال في الهجن ولا ضربة المدفعية من جيشك المنصور شاعر ومرسال لاشك مندوبك من الداخلية حنا الدلايل بالهوايل والأفعال مسطرين المجد بالأولوية حنا السعوديين بثياب وبدال فضيافة التاريخ صبح وعشية هذا الفخر الذي انثال من كلمات قصيدة الجنادرية لهذا العام لم يكن من حصاد السنين والمجد التليد بل هو واقع جديد أفقنا عليه ذات يوم ليس ببعيد؛ فحق لنا أن نفخر كما حق لنا أن نعبر عن امتزاج مشاعر الفرح والحزن بسقوط شهدائنا على ساحة حرب الدفاع وحماية الحمى وحرب الكرامة وإعادة الأمل لكل يمني بسطت الخديعة يدها الإيرانية على أرضه بأداة حوثية. على اليمن يوم انتعز فرس نذال في ساعة الهيجة مهوب شعوية ... حربية ما فوقها غير الآجال من الخميس ومن مطار الحوية قامت على الظالم تبهلل تبهلال تبرق وترعد مزنة عقربية إذاً حق لنا أن نفخر ونحن نرى موازين القوى السياسية تتغير في العالم بإرادة من وطن حر لا يرضى إلا بالحرية لغيره. ولم تكن قصيدة الحارثي لتتوقف عند حدود الفخر ولكنه أتبعه بالنقد الحاد للقيادة الإيرانية: خلت عدو الدين يخضع لها إذلال تحت القدم يا الدولة الفارسية دولة دجل والخامني فيك دجال .............. كذاب ومشعوذ وطاغي ومحتال دينه رعاع ولحيته مزهرية وفي إشارة جميلة إلى اتخاذ القرار في محاربة الشر الإيراني يقول: هذا الملك سلمان يالخامني الضال ولا انت راس الفتنة الطايفيه قطك وهو يشرب من الكيف فنجال عدي له الفنجال يا الشاذلية ولم يتوقف الشاعر عند حدود الوطن بل راح ينتقد موقف مجلس الأمن الدولي ومواقفه المخزية. وستبقى هذه القصيدة سجلاً وطنياً شعبياً يحفظ جزءاً من تاريخنا بطريقتها الخاصة لأرض خصها الله بكثير من النعم: محبتك ماهي سواليف جهال يا غالية يا ثالثة والديه والله ما يخونك من الذات رجال إلا خبيثين الهوى والهويه