طرح خروج المنتخب السعودي الأولمبي من بطولة آسيا المقامة حالياً في الدوحة من دور المجموعات عدة تساؤلات عن حال الكرة السعودية وغيابها التام عن البطولات الخارجية وكشف الوضع الصعب الذي تعيشه رياضة البلد بشكل عام وكرة القدم على وجه الخصوص، فلم يكن المنتخب الأولمبي أفضل حالاً عن المنتخب الأول فقد ودع الكثير من البطولات وغابت البسمة عن شفاة المشجع السعودي لسنوات طويلة، والفرح أصبح حلما يصعب تحقيقه عطفاً على المعطيات التي تشير لضعف إداري وفني في كافة الاصعدة ولعل أبرز ما نتحدث عنه في الوقت الراهن هو غياب المدرب الوطني عن تدريب المنتخبات السعودية ولماذا نزعت منه الثقة وأعطيت للمدرب الأجنبي الباحث غالباً عن المال ولا يهتم لمصلحة البلد؛ فلو أمعنا النظر في تاريخ الكرة السعودية وانجازاتها الكبيرة التي تحققت نجد أن المدرب الوطني كان له الفضل الكبير بعد توفيق الله في تحقيق تلك المنجزات وهنا لابد ان نذكر المدرب الوطني الكبير خليل الزياني الذي حقق باكورة البطولات السعودية وهي كأس آسيا 84 ومن بعدها توالت الانجازات والبطولات بلمسات المدرب الوطني فمحمد الخراشي حقق مع المنتخب الاول بطولة خليجي 12 وحقق بطولة اسيا 96 كمساعد مدرب؛ وأيضاً كان لناصر الجوهر حضور حافل وسجل مميز في البطولات الخضراء فقد حقق خليجي 15 وصعد بالمنتخب لكأس العالم 2002 أحرز الميدالية الذهبية في دورة التضامن الاسلامي 2005، وبعد أن كفت أيدي المدربين الوطنيين وازاحتهم عن قمرة القيادة توالت الخيبات والنكسات ولم تجد الكرة السعودية ضالتها في المدربين الأجانب بعدما أنفقت ملايين الريالات في التعاقد معهم دون جدوى ولعل اخرهم العقد الضخم الذي تحصل عليه مدرب منتخبنا الاول الهولندي فرانك ريكارد والذي تسلم مبلغ تخطى ال 100 مليون ريال بلا أي انجاز يذكر وبفترة وجيزة، "الميدان" يقرب الزوم على حال المدربين الوطنيين وتجاهلهم على الرغم من توفر العديد من الاسماء الوطنية الكبيرة التي يشار لها بالبنان وتحمل اعلى شهادات التدريب ولها مسيرة مشرفة في هذا المجال، وبين إجحاف المسؤولين والنظرة السلبية للمدرب الوطني فيبدو أن زامر الحي لا يطرب!. "غياب عن الاندية" الظاهرة الملفتة للانتباه هي غياب المدربين عن قيادة الاندية فبعد ان استبشرنا خيراً في حضور المدربين سامي الجابر وخالد القروني الموسم قبل الماضي إلا ان سرعان ما انهت ادارتا الهلال والاتحاد عقودهم في تجربة انقسم حول نجاحها وفشلها الجماهير والنقاد فالحكم صعب عليهما لقصر الفترة التي قضوها في الأندية، وعادت الأندية في وضع ثقتها في المدربين الأجانب؛ واللافت أيضاً أن إقالات المدربين هي الأكثر في الدوري السعودي والرقم يزداد كل موسم وهناك مدربون تتم اقالتهم بعد ثلاث أو أربع مباريات فقط مما يهدر خزائن الاندية المالية وتتراكم عليها الديون ويعرقل تعاقداتها ويضعف تنفيذ خططها وتحقيق أهدافها وهذا الأمر مازال يتكرر في كل موسم دون جدوى وظلت الأندية تعيد نفس الأخطاء في استقطاب المدربين الأجانب غير المؤهلين وعدم اتاحة الفرصة للمدربين الوطنيين "لهو خفي" في البداية تحدث "للميدان" المدرب الوطني والناقد الرياضي جاسم الحربي الذي حمل سبب ابعاد المدرب الوطني لإدارات الأندية ومسئولي الاتحاد السعودي لكرة القدم وعدم اعطاءهم الفرصة الكاملة بالرغم من النجاحات الكبيرة التي حققها أبناء هذا البلد في مجال التدريب كخليل الزياني ومحمد الخراشي وخالد القروني وبندر الجعيثن وناصر الجوهر والقائمة تطول؛ ومضيفاً ان إدارات الأندية تبحث دائماً عن الأعلام وترضي الجماهير لذا تتجه للمدربين الأجانب. وزاد حول هذا الموضوع قائلاً: هناك سبب آخر يكمن في تدخلات الإدارة في قرارات المدرب الاجنبي وتفرض عليه قناعاتها الفنية وهذا الأمر لا يمكن ان يقبله المدرب الوطني؛ ولهذا تفضل الأندية المدرب الأجنبي وتتجه بوصلتها للخارج على الرغم من الخسائر المالية الكبيرة في كل موسم بسبب ضعف الاختيار وقصر الرؤية الفنية، وللأسف البعض منهم في الدوري السعودي لا يحمل شهادات عليا وليس لديهم تاريخ كبير في التدريب بعكس المدربين السعوديين الموجودين حالياً وهم كثر ويحملون اعلى الشهادات ولديهم الكثير من الخبرات والدورات ومؤهلين اكاديمياً، وايضاً يوفرون المال والوقت على الاندية فعامل الانسجام والتأقلم موجود والعادات والتقاليد كذلك وحريصين دائماً على مصلحة النادي أو المنتخب ويراعون الامور المادية والظروف التي يمر بها النادي عكس المدرب الاجنبي تماماً. وأضاف: يواجه المدرب الوطني صعوبة في تأمين الضمان الاجتماعي وكذلك عدم التفرغ، في الغالب لا تلتزم الأندية بحقوق المدربين وعلى سبيل المثال فأنا تركت التدريب لهذا السبب حيث ما زالت لدي مبالغ مالية لم استلمها إلى الآن في الهلال والشباب والرياض والحزم والمنتخب السعودي والفتح والدرعية؛ وأطالب الاتحاد السعودي بضرورة الاهتمام بالضمان الاجتماعي للمدربين بعد الاقالة فغير المقبول ان يقال مدرب بعد مضي مباراتين او ثلاث ويستمر طوال الموسم بلا تدريب وبلا مبالغ مالية ولعل هذه السلبية الوحيدة التي تعيق سير العمل للمدربين السعوديين. وتطرق الحربي لما حدث لزميله بندر الجعيثن في المنتخب الأولمبي وقال: هناك رجل يلبس طاقية خفية هو خلف القرارات الارتجالية وغير المتزنة في الاتحاد السعودي فما حدث مع المنتخب الأول عندما تعاقد مع كوزمين تكرر مع الأولمبي بكافة التفاصيل فلا نعلم من صاحب هذا القرار؛ وبلا شك ما حدث امر مخجل ومعيب وقرار ظالم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالجعيثن حقق نجاحات كبيرة مع المنتخب ولا اعلم لماذا حدث ذلك؛ والسؤال من هو صاحب الطاقية الخفية؟. واختتم الحربي حديثه بقوله: المدرب الوطني يحتاج لتدخل مباشر من الاتحاد السعودي ليفرض على الأندية منح الفرصة للمدربين السعوديين على الأقل في الفئات السنية، فقد سبق وتبنى الأمير نواف بن فيصل مشروع تطوير المدربين الوطنيين لكن لم ير النور لأسباب مالية والآن السيولة المالية متوفرة ولله الحمد وعلى الاتحاد السعودي برئاسة أحمد عيد أن يعيد النظر في هذا المشروع للنهوض مجدداً بالكرة السعودية. "الاتحاد لم يقصر" ومن وجهة نظر المدرب بندر الجعيثن فإنه يرى أن الاتحاد السعودي فتح الباب على مصراعيه للمدربين الوطنيين ومنحهم الفرصة خاصةً في المنتخبات السعودية فنشاهد أكثر من اسم يعملون كمدربين او مساعدين في جميع الفئات، وبخصوص الأندية فنجد أن هناك أسماء وطنية في فئاتها السنية ولكن يوجد تحفظ على الفريق الأول من مسؤولي الأندية الجماهيرية ويخشون ردة الفعل من الإعلام والجماهير لذا يكون المدرب الاجنبي خيارا جيدا لهم للابتعاد عن الضغوط وهنا يجب ان لا ننسى ان معظم الأندية تدار من أشخاص غير محترفين ومعرفتهم بالجانب الفني قليلة جداً. وعن سلبيات المدرب الوطني قال: من سلبيات بعض المدربين هي عدم التطوير في مجال التدريب ومعرفة الطرق الحديثة في التمارين والتكتيك الفني، وأيضاً يجب أن يتوسع في مجال المعرفة ويتعلم من مدارس تدريبية مختلفة ليكون ثقافة عالية في التدريب. وعلل الجعيثن حادثة ابعاده كمدرب في المنتخب الأولمبي وجلب الهولندي كوستر حيث قال: ما حدث أمر طبيعي ويحصل في مجال كرة القدم، وأنا ما زلت أعمل في المنتخب ونتائجي مشرفه ولا تؤثر على سمعتي وسمعة المدرب السعودي ولن تسبب احباطا لهم؛ وعلاقتي جيدة مع المدرب كوستر الذي يملك خبرة كبيرة تتجاوز ال30 عاما في مجال التدريب والنتائج التي حققها المنتخب السعودي يتحملها الجميع من إدارة وأجهزة فنية ولاعبين. وشدد الجعيثن على أنه يجب على المدرب الوطني أن يكون ذا شخصية قوية ويقف على مسافة واحدة من جميع اللاعبين بلا استثناء ويتقبل النقد سواء من محللين او جماهير ولا يتأثر بما يدور حوله ويستمر في التواصل والاطلاع لكي يكون على المسار الصحيح.