مثل الشركات الموجودة في العديد من القطاعات الأخرى، تحاول شركات صناعة السيارات التقليدية فهم كيفية الاستجابة للابتكارات التكنولوجية التي يمكن أن تغير وجه هذه الصناعة. من المرجح أن يعمل التقدم في مجال السيارات بلا سائق ومشاركة الركوب على تعطيل كثير من الشركات القائمة حاليا. في الأسابيع الأخيرة، شهدنا أمثلة ملموسة لمناهج مختلفة تستطيع الشركات اعتمادها. كما أنه كان لدينا لمحات لتغييرات محتملة في كثير من الصناعات الأخرى، بما فيها الخدمات المالية. الموضوع الأساسي الذي لا يزال دون حل بالنسبة لقطاع صناعة السيارات هو أيضا يعتبر أمرا حاسما بالنسبة لكثير من القطاعات الأخرى: ما هي أفضل طريقة للجمع بين الأنظمة القائمة مع المحتوى الجديد. تعتبر شركة جنرال موتورز المثال الأحدث لشركة ترى أن جزءا هاما من الحل يكمن في شراء ودمج المحتوى الجديد. حيث ان استثمارها الأخير بقيمة 500 مليون دولار في ليفت يعتبر المحاولة الأكبر حتى الآن لدمج شركة تقليدية لصناعة السيارات مع منصة تقاسم الركوب. ويعتبر أيضا اعترافا صريحا وعلنيا لعملية تحول قال عنها رئيس جنرال موتورز دانيل آمان إنها سوف تقدم فوائد كبيرة من حيث تغيير وسائل النقل خلال السنوات القليلة القادمة من أي تحول حصل خلال السنوات الخمسين الماضية. بالاستثمار في ليفت، تعتقد جنرال موتورز أنه يمكنها فعل المزيد أكثر من استيراد الحمض النووي المطور تكنولوجيا لتلك الشركة الناشئة، ويمكنها تقديم المزيد أكثر من مجرد الاستفادة من مستوى الاتصال المتنقل الذي يأتي مع ليفت، بما في ذلك الشحن الفائق لقسم الاتصالات «أونستار» الخاص بشركة جنرال موتورز. كما تهدف شركة جنرال موتورز أيضا إلى زيادة الطلب على مركباتها عن طريق إنشاء أساطيل للتأجير لسائقي ليفت. إلى جانب ذلك فهي تتطلع إلى تعزيز فرص التمويل ذات الصلة من خلال شركة التمويل التابعة لها. بالنسبة لليفت، يعتبر استثمار جنرال موتورز هذا بمثابة وسيلة لتعزيز وجودها في قطاع تهيمن عليه شركة أوبر المدمرة جدا والآخذة في التطور باستمرار. تعمل شراكة جنرال موتورز أيضا على وضع الشركة في داخل سباق نحو تطوير مشروع السيارات ذاتية القيادة، الذي يمكن أن يشكل تحولا تاريخيا لخدمات التنقل. النهج الذي تتخذه جنرال موتورز يُبدي تناقضا صارخا مع الاستراتيجيات التي اعتمدتها حتى الآن كل من فورد وتويوتا، اللتين أكدتا على حدوث تطور أكثر عضوية بكثير، مع وجود فقط غزوة صغيرة عرضية مستهدفة بشكل كبير إلى عالم التكنولوجيا (مثل قرار تويوتا توظيف جيمز كوفنر، الذي كان يعمل في جوجل كعالم أبحاث وكان عضوا في فريقها الخاص بالروبوتات). تبقى شركة فيات كرايسلر الكثير من خياراتها مفتوحة، كما قال الرئيس التنفيذي سيرجيو ماركيونه في مقابلة مع فاينانشال تايمز مؤخرا فيما يتعلق بما سماه «بدخلاء التكنولوجيا». قال: «علينا أن نظل منفتحين وعلى مستوى نسبي من المرونة فيما يتعلق بما يمكن أن يكون الحل لمجموعة مثل فيات كرايسلر. لكن الخيار ليس واضحا أو سهلا لأننا بمعنى ما سوف نفقد السيطرة على العنصر المكوِّن الشركة». على الرغم من أنه من المبكر جدا التنبؤ أي من هذه المناهج الثلاثة سيثبت أنه الأكثر نجاحا، يجري رصد ومراقبة هذا السباق عن كثب، وليس فقط من خلال أخصائيي قطاع صناعة السيارات. كما يخضع السكن في المناطق الحضرية أيضا لهذه المناهج الثلاثة، رغم أنه من غير الواضح هيمنة أحدها بشكل واضح حتى الآن. تتطلع منافذ وسائل الإعلام أيضا إلى فك الشفرة التي ستسمح لها بالجمع بين المنصات القائمة حاليا والمحتوى الجديد. وهناك عدد متزايد من الشركات في قطاع الخدمات المالية، القائمة منها والناشئة على حد سواء، سيتعين عليه قريبا اتخاذ قرارات استراتيجية لاحقة. الإحساس الأولي لدي هو أنه لا يوجد أي نهج منفرد سيناسب الجميع، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالشركات التقليدية في قطاع الخدمات المالية. سيتوقف الكثير على خفة حركة المؤسسات المنفردة، لا سيما استعدادها لمتابعة التعطيل الذاتي المهم. ولن يكون لديها خيار سوى تعلم كيفية التعايش مع الشركات الناشئة التي تُحدِث التعطيل في نموذج أعمالها، خاصة تلك التي تكون أفضل في استهداف أجزاء ضعيفة الأداء ومحرومة في هذه الصناعة. كلما كانت الشركة القائمة أكثر نشاطا وتنظيما لأعمالها -مثال على ذلك بنك جولدمان ساكس- ستكون أكثر توجها نحو التطور الذاتي، والنجاح سوف يستلزم حتما بعض التوظيف الانتقائي غير المالي والقليل من الاستثمارات الاستراتيجية في شركات تحركها التكنولوجيا. أما الشركات الأقل نشاطا فسيكون أداؤها أفضل لتحقيق شراكات منفردة ومستقلة ذاتيا خارج نطاق أعمالها التجارية التقليدية. خلافا لذلك، قد يفضي ذلك إلى تقويض كل من تدفق الإيرادات الحالي والمحتوى الجديد الذي تريده. الشركات التي تواجه أكبر التحديات حتى الآن ستكون هي الشركات التي تفتقر ليس فقط للنشاط والحركة بل المرونة أيضا. مثل كثير من الشركات الأخرى التي كانت مهيمنة ذات مرة والتي تواجه تغييرا سريعا في التكنولوجيا (مثل شركة كوداك)، سوف تناضل بقوة للتصدي للتآكل السريع في قيمة منصاتها وبرامجها التي كانت مثيرة للإعجاب في الماضي.