أدانت منظمة التعاون الإسلامي في ختام اجتماع طارئ في جدة الخميس إحراق بعثات دبلوماسية سعودية في ايران و"التصريحات الايرانية التحريضية" و"تدخلات" طهران في شؤون دول المنطقة. وقالت المنظمة في بيان صدر في ختام اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية دعت اليه الرياض: إن الاجتماع "يدين الاعتداءات التي تعرضت لها بعثات المملكة العربية السعودية في طهران ومشهد" و"يرفض ويدين التصريحات الإيرانية التحريضية (...) وتدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودول أخرى أعضاء ومنها البحرين واليمن وسوريا والصومال واستمرار دعمها للإرهاب". وعقد مجلس وزراء الخارجية بمنظمة التعاون الإسلامي اجتماعاً استثنائياً بمقر المنظمة بجدة أمس، برئاسة وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ورئيس الدورة الحالية لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، بناءً على طلب المملكة العربية السعودية لبحث اقتحام سفارة المملكة العربية السعودية في مدينة طهران وقنصليتها العامة في مدينة مشهد. نص البيان الختامي: وأدان البيان الختامي للاجتماع الاعتداءات التي تعرضت لها بعثات المملكة العربية السعودية في طهران ومشهد التي تُشكل خرقاً واضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963، والقانون الدولي الذي يحمي حرمة البعثات الدبلوماسية ويفرض الحصانة والاحترام للبعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى أية دولة بوضوح ملزم للجميع. كما اكد البيان على أن هذه الاعتداءات تتنافى مع ميثاق منظمة التعاون الإسلامي وميثاق الأممالمتحدة التي تدعو إلى تعزيز الثقة وتشجيع العلاقات الودية والاحترام المتبادل والتعاون بين الدول الأعضاء وحل النزاعات بالطرق السلمية وصون السلم والأمن والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وعبر المجتمعون عن رفضهم وادانتهم التصريحات الإيرانية التحريضية فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من مرتكبي الجرائم الإرهابية في المملكة العربية السعودية. واعتبروا ذلك تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية ما يتنافى مع ميثاق الأممالمتحدة وميثاق المنظمة وجميع المواثيق الدولية التي تدعو إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء خاصة تلك التي تندرج ضمن التشريعات الداخلية. كما أدان البيان تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودول أخرى أعضاء ومنها (البحرين واليمن وسوريا والصومال) واستمرار دعمها للإرهاب. وأعرب المجتمعون في بيانهم عن دعمهم وتأييدهم الكامل لجهود المملكة وجميع الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره أياً كان مصدره وأهدافه. كما أيد البيان الإجراءات الشرعية والقانونية التي اتخذتها المملكة في مواجهة الاعتداءات على بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية في إيران. واكد على البيانات الصادرة عن الدول الأعضاء وغير الأعضاء ومجلس الأمن الدولي، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية التي أدانت واستنكرت بشدة الاعتداءات على سفارة وقنصلية المملكة العربية السعودية في طهران ومشهد. وطالب بالعمل على نبذ الأجندة الطائفية والمذهبية لما لها من آثار مدمرة وتداعيات خطيرة على أمن واستقرار الدول الأعضاء وعلى السلم والأمن الدوليين. واكد البيان على أهمية توطيد علاقات حُسن الجوار بين الدول الأعضاء لما فيه خير مصلحة الشعوب اتساقاً مع ميثاق منظمة التعاون الإسلامي. وطالب جميع الدول الأعضاء والمجتمع الدولي باتخاذ خطوات جادة وفعالة لمنع حدوث أو تكرار مثل هذه الاعتداءات مستقبلاً على البعثات الدبلوماسية والقنصلية لدى إيران، ودعم كافة الجهود السياسية لتحقيق تسويات دائمة للنزاعات بين الدول الأعضاء على أساس ميثاق منظمة التعاون الإسلامي والأممالمتحدة والقانون الدولي. وطالب المجتمعون في ختام بيانهم الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي بإبلاغ هذا البيان للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية، ورفع تقرير بشأنه إلى الدورة المقبلة لمجلس وزراء الخارجية. تعميق الشروخ وفي كلمته الافتتاحية للاجتماع قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني إن ما تعرضتْ لهُ المقراتُ الدبلوماسيةُ السعوديةُ من أعمالٍ ينافي الضوابطَ والممارساتِ الدبلوماسيةَ كما أقرَّتْها معاهدتا فيينا الدبلوماسيةُ والقنصليةُ وما يرتبطُ بهما من مواثيق وقراراتٍ أممية، كما أنَّ التدخُّلَ في شؤونِ أيِّ دولةٍ من الدُّوَلِ الأعضاءِ من شأنِه أن يُخِلَّ بمقتضياتِ ميثاقِ منظمتِنا الذي التزمنا بكل فصوله ومبادئه، والذي يَنصُّ في فقرتِه الديباجيةِ العشرين على "التقيد الصارم بمبدأِ عدمِ التدخلِ في الشؤونِ التي تندرجُ أساساً ضِمْنَ نطاقِ التشريعاتِ الداخليةِ لأيَّةِ دولة"، واحترام سيادة واستقلال ووحدة كل دولة عضو. وأضاف مدني : "من الواضحِ أنَّ استمرارَ تأزم العلاقاتِ بين بعضِ دُوَلِنا الأعضاءِ يُسهِمُ في تعميقِ الشروخِ في الكيانِ السياسي الإسلامي، ويُكرّسُ الاصطفافاتِ السياسيةَ أو المذهبيةَ التي تُبعِدُنا عن التصدي الفعّالِ للتحدياتِ الحقيقيةِ التي تهدِّدُ مصيرَ دُوَلِنا الأعضاء وشُعُوبِها، فما حدثَ خلالَ الأسابيعِ القليلةِ الماضيةِ من عملياتٍ إرهابيةٍ بشعةٍ استهدفتْ عدداً من دُوَلِنا الأعضاءِ في باكستانَ وأفغانستانَ وتركيا وإندونيسيا وبوركينا فاسو وليبيا والكاميرون ومالي وما يحدث بوتيرة لا تنقطع من قهرٍ واضطهادٍ لإخواننا على التراب الفلسطيني، يدعونا للمزيدِ من التنسيقِ والتعاونِ في إطارِ مقاربةٍ إسلاميةٍ جماعيةٍ تنأى عن الحساباتِ والمُزايداتِ الضيقةِ وتُمكِّننا من استئصالِ آفةِ التطرُّفِ والإرهابِ ومعالجةِ مسبِّباتِها وأبعادِها المختلفةِ بشكلٍ جذري، ومن مواجهة الممارسات العنصرية الإسرائيلية، ومن الالتفات إلى تحدياتِ ومتطلباتٍ التنمية الاقتصادية، والبناء السياسي، والبحث العلمي، وفتح آفاق الفعل الثقافي، وبث الأمل والتفاؤل أمام أجيالنا الشابّة التي تشكل غالبية مجتمعاتنا، وما يبعثُ على الأسفِ أنَّ واقعَ الانقسامِ الإسلامي والخلافاتِ البينيةِ المزمنةِ يؤثرُ سلباً على أداءِ منظمةِ التعاوُنِ الإسلامي ويُضعفُ من قدرتَها على الارتقاءِ إلى مستوى المسؤوليةِ الملقاةِ على عاتقِها، ويخدشُ مصداقيتَها أمامَ الرأيِ العامِّ سواء الإسلامي أو الدولي، ويجعلها في موضع المساءلة أمام أمتنا الإسلامية". وتابع مدني: "إنَّ الظرفيةَ الراهنةَ وما تشهدُه المنطقةُ الإسلاميةُ، وخصوصاً منطقةَ الشرقِ الأوسط، من أزماتٍ متلاحقةٍ ومتشابكة، يستدعي التحركَ بإرادةٍ جماعيةٍ من أجلِ تنقيةِ الأجواءِ من خلالِ بناءِ جُسورِ التفاهُمِ واستعادةِ الثقةِ المتبادلةِ بين الدولِ الأعضاءِ بما يخدمُ مصالحَها ويُسهِمُ في تحسينِ واقعِ شُعُوبِها وبِناءِ مُستقبلِها، ولعلَّ الطريقَ إلى تحقيقِ هذا المُبتغى يَمرُّ عبرَ استجماعِ إرادةٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ والانخراطِ بروحِ الصدقِ والمصارحةِ في حوارٍ يحدِّدُ جذورَ الخلافِ والتوترِ ليُفضِيَ إلى إيجادِ أرضيةٍ مشتركةٍ تحافظُ على مصالح مختلِفِ الأطرافِ وتجنِّبُها الدخولَ في نزاعاتٍ تهدرُ طاقاتِها وتَحرِفُ مسارَ تنميةِ مجتمعاتِها". سياسات عدوانية فيما أكد وزير خارجية المملكة عادل الجبير أنه من الأهمية الإشارة إلى أن الاعتداءات على بعثة المملكة العربية السعودية الدبلوماسية تأتي في إطار السياسات العدوانية لحكومة إيران، وتدخلها المستمر في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وإمعانها في التحريض والتأجيج، وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية في المنطقة، تُعد السبب الرئيس لحالة التأزم وعدم الاستقرار والحروب التي تشهدها منطقتنا، ومن دولة عضو لم تحترم ميثاق منظمتنا ولا مبادئها المستمدة من ديننا الإسلامي الحنيف، قائلاً: "قد بلغ بحكومة إيران التحدي والاستفزاز إلى الدرجة التي يعلنون فيها وبتفاخر أن بلادهم باتت تسيطر على أربع عواصم عربية وأنهم يدربون (200 ألف مقاتل) في عدد من بلدان المنطقة، مما يشكل دليلاً واضحاً على سياسات إيران الحالية تجاه جيرانها ودول المنطقة العربية". وأضاف الجبير في كلمة أمام الاجتماع الاستثنائي: "إن أهمية هذا الاجتماع تَكمُن في أن هذا الاعتداء لم يكن إلا جزءًا من سلسلة اعتداءات مستمرة تتعرض لها البعثات الدبلوماسية في إيران، وبشكل ممنهج، منذ خمسة وثلاثين عاماً، ولم تسلم منها سفارة دول إسلامية أو أجنبية، دون أن تبذل حكومة طهران أي جهد لإيقاف هذا العبث لحرمة البعثات الدبلوماسية، سوى بعض بيانات الإدانة التي تصدر عن المسؤولين في إيران، بينما مسؤولية حكومة الدولة المضيفة تتطلب منها اتخاذ الإجراءات، وليس إصدار بيانات هدفها رفع العتب أكثر من حماية البعثات الدبلوماسية بشكل عملي". كما شكر في كلمته أصحاب المعالي الوزراء على استجابتهم لعقد الاجتماع الطارئ؛ للوقوف على الاعتداءات الغاشمة التي شهدها كل من سفارة المملكة العربية السعودية في طهران، وقنصليتها بمشهد، في انتهاك واضح وسافر لحرمتها ولجميع الاتفاقيات والمعاهدات والقوانين الدولية التي تجرّم ذلك، وتحمّل حكومة الدولة المضيفة المسؤولية الكاملة لحمايتها وحماية منسوبيها من أي اعتداءات. وأكد الجبير أن الاعتداء على بعثة المملكة في إيران حظي بإدانة واسعة من دول العالم، ومنظماته الإقليمية والدولية، بما فيها مجلس الأمن الدولي، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية، مشددًا على أن منظمة التعاون الإسلامي مطالبة اليوم باتخاذ موقف صارم ينبثق من مبادئ ميثاقها ويستند إلى مبادئ وأحكام الاتفاقيات والقوانين الدولية. واختتم الجبير كلمته، مبيناً أن المملكة العربية السعودية لطالما دعت إلى بناء أفضل العلاقات مع إيران، تستند إلى مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الدول، إلا أن دعوتها، لم تحظ بأي استجابة من قبل حكومة طهران سوى بأقوال تناقضها الأفعال الحقيقية على الأرض. دعم وتأييد من جانبه، جدد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية الكويتي، رئيس الاجتماع، في بداية الاجتماع الدعم والتأييد لجهود المملكة العربية السعودية الشقيقة، في جميع الإجراءات التي اتخذتها لمكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه، وأيا كانت مصادره ودوافعه. وطالب إيران بالاضطلاع بمسؤولياتها في توفير كافة أوجه الضمانات لحماية البعثات الدبلوماسية الموجودة على أراضيها، والالتزام بمجمل القوانين الإقليمية والدولية، لا سيما اتفاقية فيينا لعام 1961م بشأن العلاقات الدبلوماسية، واتفاقية فيينا لعام 1963م والخاصة بالعلاقات القنصلية، وتلزمان الدول باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحماية البعثات الدبلوماسية التي تستضيفها. وأوضح الوزير الكويتي أن تجاوب 37 دولة من دول الأعضاء لهذه الدعوة ومستوى التمثيل العالي الذي نشهده في هذا الاجتماع، يعكس بشكل واضح الأهمية التي توليها الدول الأعضاء لهذا الأمر المهم، مؤملا أن يخرج الاجتماع بنتائج إيجابية. الجبير يعقد لقاء ثنائيا مع وزير خارجية ساحل العاج .. ويلتقي وزير الخارجية الفلسطيني .. ويعقد لقاء مع مستشار رئيس الوزراء الباكستاني للشؤون الخارجية