أحد الانتقادات الدارجة للاقتصاد أنه يركز كثيرا على الكفاءة، ولا يركز بما فيه الكفاية على أشياء مثل المساواة والعدالة والرفاه للأجيال المقبلة. في نسخة متطرفة من الانتقادات، التركيز على الكفاءة هو مؤامرة متعمدة للحفاظ على الموارد في أيدي الأغنياء. التعريف الاقتصادي للكفاءة - تسمى أيضا كفاءة باريتو، على اسم الاقتصادي الإيطالي باريتو- من السهل أن نفهمه. أساسا، هو مجرد الناتج المحلي الإجمالي نفسه. كلما كانت الأشياء التي ننتجها أكثر -بما في ذلك السلع مثل أجهزة التلفاز والسيارات، ولكن أيضا خدمات مثل التأمين وإصلاح السيارات- تقل الموارد التي نهدرها. الكفاءة المثالية - التي تعرف باسم مثالية باريتو - هي الحالة التي يكون فيها الاقتصاد فعالا بحيث يكون من المستحيل إعطاء شخص واحد أكثر من غيره دون أن نأخذ شيئا من شخص آخر. بعبارة أخرى، الكفاءة المثالية تعتبر عالما لا يوجد فيه حقا أي وجبة غداء مجانية. يركز الاقتصاديون على الكفاءة لعدة أسباب. السبب الأول هو على الأرجح تاريخي. كما يشير المؤرخ آدم توز في كتابه «الطوفان»، فإن اهتمام الحكومة للاحصاءات الاقتصادية زاد بشكل كبير بعد الحرب العالمية الأولى. الولاياتالمتحدة، بما لديها من ناتج اقتصادي هائل، كانت قد قلبت الموازين بشكل حاسم لصالح الحلفاء، لذلك كان يعتقد أن الناتج الإجمالي سيكون مؤشرا على القوة القتالية. كان يبدو أن المنطق يعيد نفسه في الحرب العالمية الثانية، ومرة أخرى في الحرب الباردة، والتي يعتقد خلالها على نطاق واسع أن الولاياتالمتحدة استنزفت الاتحاد السوفياتي. الكفاءة الاقتصادية الأكبر ربما تعني أمة أقوى عسكريا. السبب الثاني الذي من أجله يركز الاقتصاديون على الكفاءة يعتبر واضحا ولا لبس فيه. لكن رفاهية الإنسان، من ناحية أخرى، من الصعب تعريفها. هل يجب علينا أن نهتم بقدرة الناس على تحقيق رغباتهم، أم السعادة العاطفية؟ هل يجب علينا أن نقدر كل فرد من أفراد المجتمع على قدم المساواة، أم يجب أن نضع المزيد من التركيز على أشد الناس فقرا وحرمانا؟ ما هو «الإنصاف»، وكيف ينبغي أن يؤثر في الحساب الاقتصادي لدينا؟ الاقتصاديون عادة ما يتجنبون اتخاذ موقف بشأن هذه المسائل الفلسفية الصعبة، ويركزون على التفكير في الأمور التي يمكن أن تزيد الناتج المحلي الإجمالي. لكن النقاد قدموا بعض النقاط الجيدة. العيب الأكثر وضوحا في مفهوم الكفاءة هو مسألة الوقت - بإنتاجنا أكثر اليوم، نترك موارد أقل لذرياتنا. السياسة التي يحقق مثالية باريتو اليوم ربما تسرق من أحفادنا الذين لم يولدوا بعد. بالتالي، الكفاءة الساكنة، أي الكفاءة في الوقت الحاضر، ليست دائما نفس الكفاءة الدينامية. يجب على الاقتصاديين اتخاذ موقف بخصوص أي منهما الذي يجب التركيز عليه عندما يصبح الاثنان في تضارب. أعتقد أيضا أن الاقتصاديين يتهربون من المسؤولية عندما يتجاهلون المسائل الفلسفية الصعبة التي تبحث في رفاهية الإنسان. بعد كل شيء، العالم الذي يمتلك فيه شخص ما كل الناتج، ويعاني فيه بقية الناس من التجويع حتى الموت، يحقق من الناحية الفنية مثالية باريتو، لأن إنقاذ الجماهير من الجوع يتطلب أن نعمل على إضعاف وضع المحتكِر. هذا عالم لا يرغب أي واحد منا أن يعيش فيه. وفي الوقت الذي أصبح فيه عدم المساواة قضية أكثر أهمية في الولاياتالمتحدة وغيرها من الدول الغنية، لم يعد الاقتصاديون قادرين على تجاهل المفاضلة بين الكفاءة والمساواة. لكن منتقدي الكفاءة يميلون إلى تجاوز الحدود. أولا، النمو الاقتصادي عادة يغني الفقراء بالتأكيد وكذلك الأغنياء. حتى العقود القليلة الماضية من النمو العالمي، التي شهدت زيادة في عدم المساواة في الدول الغنية، أنتجت مكاسب ضخمة لمعظم فقراء العالم، وقللت التفاوت العالمي في أثناء ذلك. ثانيا، الكفاءة تتوصل فعلا إلى مقدار الترتيبات الاقتصادية التي تعتبر ببساطة دون المستوى الأمثل. السياسات والمؤسسات الجديدة يمكنها حقا أن تجعل الأمور أفضل للجميع. على سبيل المثال، لنأخذ حقوق الملكية. مات برونج، وهو كاتب في موقع ديموس، يدعي أن حقوق الملكية تمثل شكلا من أشكال السرقة. ولكن تخيل عالما بدون حقوق الملكية، حيث يجب على كل شخص أن يكون خائفا دائما من شخص آخر يتناول الطعام الذي يأمل أن يتناوله هو غدا. عن طريق وضع وتطبيق القواعد التي تقول إن بعض المواد الغذائية هي «لي» وبعضها الآخر هو «لك» يمكننا أن نسمح للجميع بالنوم بشكل أفضل ليلا، حيث ان كل شخص يكون على يقين من أنه سوف يكون قادرا على تناول الطعام غدا. اسمي هذا بالفوز الذي لا لبس فيه للمجتمع. القوة الحقيقية لمفهوم الكفاءة هي أنها تركز على التحسن التدريجي. بدلا من محاولة إعادة تنظيم جذرية للمجتمع من الألف إلى الياء، تركز الكفاءة على إيجاد التعديلات المؤسسية أو السياسية التي تجعل الجميع أفضل حالا قليلا. حتى الآن، أعتقد أن التاريخ قد أثبت أن الإصلاح التدريجي هو أفضل وسيلة لتحسين العالم. لذلك لا، مفهوم الكفاءة ليس مثاليا، ويجب على الاقتصاديين أيضا التفكير بعمق حول أشياء مثل العدالة والرفاه. لكن لا ينبغي لنا أن نتخلى عن سعينا لتحقيق عالم أكثر كفاءة باستمرار.