يتأرجح مجتمعي في موقفه من المرأة، ما بين من يراها كائنا مستقلا لها حرية كاملة في اتخاذ قراراتها وتتصرف بما يتوافق مع تكوينها ورغباتها، وما بين من يرى أنه يحق لها لكن وفق معاييره الخاصة جدا، فيكون هذا مباحا، وهذا حقه، وذلك تجاوز مقبول، وآخر تجاوز غير مقبول، وما بين هذه القائمة الطويلة، تظهر لنا قائمة الاستثناءات! وعلى الضفة الأخرى، في الأقصى تماما، هناك نساء يعشن كل الحياة بإتساعها وفق رأي شخص آخر، وتتقلص الخيارات لتكون خيارا واحدا فقط! نعم يا سادة.. ما بين هذه المناطق الثلاث نمضي نحن معشر النساء في مناطق ضبابية، نعيش ونتذبذب وقد نسقط فننقسم ونتجزأ، تتحدد مصائرنا وتتغير، وفي أحيان كثيرة تلغى أو تضيع فلا تأخذ شكلا في نهاية الأمر. لذلك.. مع كل سيدة فاعلة ناجحة حققت ما تصبو له، ومع كل سيدة أضافت لمجتمعها شيئا ما، سيكون هناك استفهام كبير حول هذا النجاح، وبالتحديد أكثر حول هذا الرجل وهذه العائلة التي خرجت منها المرأة، ما هي الأرض التي أنبتت هذه السيدة؟ وكيف استطاعت أن تزهر وتثمر بعيدا عن كل الأشواك المتشعبة في سمائها وأرضها؟ إن نجاح المرأة هو في الحقيقة نجاح يحسب أيضا للعائلة وللرجل الأول في حياتها، سواء كان أبا أو أخا أو زوجا، فهذا الرجل الذي أعطى المرأة حقها الكامل والمساحة والسعة لأن تنمو لأعلى، لا بد من أنه استثناء، رغم أن كل هذا يعتبر حقا طبيعيا ومشروعا لأي إنسان في العالم، لكن مجتمعي غير الثابت حتى الأن، مجتمعي المتأرجح المتردد جعل من نجاحات المرأة شيئا غير متوقع، وجعل من الرجل في حياة هذه السيدة استثناء هو الآخر. صدقا ولا أبالغ حين أقول: نعم إنه استثناء، إذ لا تزال الأغلبية من الرجال ترى أن عمل المرأة وتميزها ترف، وطموحها الجامح شيء زائد عن الحد، والعديد يرى أن نجاحاتها يجب ألا تتجاوز نجاح وصفات الطبخ، وهنا يبرز دور الإعلام والمؤسسات المجتمعية ومبادراتها في تعزيز النماذج الإيجابية، ليس فقط على مستوى السيدات الناجحات، لكن أيضا في تعزيز النموذج الإيجابي للرجل الداعم الذي أعطى المرأة حريتها، وأدرك أن من حقها أن تحقق أهدافها، مهما تعددت مهماتها في الحياة، فأدوارها وسط أسرتها لا تلغي أحلامها ولا يجب أن تكون عائقاً، هذا الرجل هو استثناء ويستحق أن نسلط الضوء عليه؛ لأنه كان مختلفا وسط أغلبية يحجمون نساءهم ويستبدون، هو انتصر للمرأة بعيدا عن أفكار تضطهد بلا مبرر. لذلك، كانت مبادرة «لأنك سندي» من صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة، مبادرة تدعم المرأة وكل من يدعمها، تعزز صورتهم وحضورهم في المجتمع، وتعترف بالأثر الجميل لعطاء الرجل، الذي أثمر عن عطاء للمجتمع والوطن. ختاما.. وبعيدا عن سجال المرأة والرجل وهما ضدان، لنجرب أن نكون شركاء لأجل حياة حقيقية، وتحية لكل رجل مساند وعضيد للمرأة، وتحية لكل يد تدفع بمن أمامها للأمام.