يتداول هذه الفترة عن توجه الحكومة حول مشاريع الخصخصة في خطوة هامة منها لمواصلة مسيرة المشاريع التنموية عبر استمرار مستويات عالية للخدمة تقدم للمواطن، وفي ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها المملكة في هذه الفترة تأتي رؤية الخصخصة كأحد أهم الروافد التي ستكون داعمة للاقتصاد القومي عبر تقليل الإنفاق وزيادة الإنتاجية وهي أحد أهم الأهداف التي تلجأ لها الدول للتقليل من الأعباء المالية والاقتصادية التي ممكن أن تواجهها في ظل رعاية الدولة للخدمات المقدمة في ظل صعوبة توافر حلول مستدامة تتناغم مع مستوى دخل الدولة الاقتصادي على المدى الطويل. لا أحد يختلف أن السنوات السابقة شهدت نموا كبيرا في المشاريع التنموية وتحديدا في مشاريع البنية التحتية، وهذا ما يجعل المهمة حول برنامج الخصخصة مشجعة جدا خاصة في المرحلة الاولى من تطبيقه، حيث إن توجه الخصخصة يشمل عدة أنواع ، ومنها على سبيل المثال المشاركة بين القطاع العام والخاص، أو ابقاء الملكية للقطاع العام واسناد التشغيل للقطاع الخاص، او إسناد المشروع بالكامل إلى القطاع الخاص من حيث الملكية والتشغيل، وكذلك هناك نوع آخر بما يعرف المشاركة بين القطاع العام والخاص لفترة محددة من الزمن وعودة الملكية بعد هذه الفترة إلى القطاع العام. وفي هذا السياق أي أعني بذلك التوجه الذي تنوي الحكومة حاليا المضي قدما حول تحقيقه، هو في غاية الأهمية حيث يمثل تغيرا كبيرا في سياسة الدولة مما يتطلب وضع رؤية شاملة تتضمن القطاعات المطلوب تخصيصها والتشريعات المصاحبة التي تساعد في دعم برامج الخصخصة وتنظيم السوق من حيث الخدمة والأسعار والمنافسة، حيث إن كثيرا من الدول لها تجارب حول برامج الخصخصة وعلينا في هذا الوقت أن نعمل على بناء النموذج المناسب لبلد بحجم المملكة وما يملكه من مقومات حالية وماذا نريد أن نذهب إليه مستقبلا، وإلا فان مستقبل مشروع الخصخصة سيواجه نفس المصير للمشاريع الحكومية. وكذلك علينا الإشارة إلى ان الحكومة استثمرت (عبر عدة صناديق حكومية استثمارية) وبذلت جهدا كبيرا ومنذ سنوات طويلة في بناء مشاريع وشركات عملاقة، مما كان لهذه الشركات الأثر البالغ في دعم مسيرة التنمية ولا زال، اضافة الى قيامها بشكل تدريجي بطرح جزء من اسهم هذه الشركات في سوق الأسهم ، وبالتالي نحن نقف على عتبة تساؤل كبير هل تنوي الحكومة بيع كامل حصصها في الشركات المدرجة في سوق الأسهم أم ستبقي على هذه الحصص حتى إشعار اخر. اعتقد ان النموذج الاقتصادي للخصخصة لن يكون بالأمر الهين خاصة للمشاريع الخدمية التي ليس لديها عائد، فهناك فرق بين خصخصة الموانئ أو الخطوط السعودية أو السكة الحديد وبين الصحة والتعليم من حيث الدخل وكذلك الأهمية وزيادة الطلب السنوي على هذه الخدمات، وهنا تأتي أهمية هندسة التشريع الاقتصادية المقبلة، والتي من شأنها أن تضع الحلول المناسبة والتي من المتوقع أن تكون بشكل تدريجي لوضع قدرة للسوق لامتصاص الزيادة في التكاليف التي من الممكن ان تواجه المستهلك مع التحسن التدريجي في دخل المستهلك نتيجة التحسن الاقتصادي بشكل عام.