كشف مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية أنه رصد مواد إعلامية وكتابات غربية تؤكد سعي كُتاب ومثقفين قريبين من صناع القرار من الترويج لفكرة تقسيم العراقوسوريا، وإقامة دولة سُنية بين البلدين تضم عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، وتحظى بدعم وتأييد الدول السنية في المنطقة. حيث أكد المرصد أن هذه الأفكار التي يتم الترويج لها حاليا إنما هي بداية مشروع تقسيم المنطقة على أسس طائفية وعرقية وقومية، لتحل الدويلات محل الدول، وليكون الأساس العقائدي والطائفي والعرقي هو المحدد لطبيعة الدولة وعلاقاتها الخارجية، وبالتالي فإن تنفيذ هذا المخطط يعني بدء تحقق مخطط التقسيم فعليًّا وعلى أرض الواقع. ولفت المرصد إلى أن عددًا من وسائل الإعلام الغربية مثل موقع الإذاعة البريطانية، ومجلة "الفورين آفيرز" وصحيفة "نيويورك تايمز" قد نشرت مواد رأي تطرح فكرة التقسيم على أسس عرقية وطائفية كحل نهائي لأزمة الشرق الأوسط، وقد تضمن المقترح إقامة دولة للأكراد في شمال سوريا، بينما يتم إقامة أخرى سنية في شمال شرق سوريا وغرب العراق، تكون مقرًّا للسنة المؤمنين بأيديولوجية "داعش" والموالين لها، بحيث يتم جلب كافة العناصر من مختلف البلدان ليسكنوا تلك الدولة الحديثة، كما يتم دمج هذه الدولة في النظام الدولي والإقليمي، والاعتراف بها كدولة سنية خالصة، وهو مقترح شديد الخطورة يُهدد المنطقة بأسرها بتقسيم طائفي وعرقي يكون شرارة لحروب عرقية وأهلية طاحنة، يُخطط لها أن تنتشر لفترة من الزمن في العالمين العربي والإسلامي. وشدد المرصد على ضرورة رفض كافة مقترحات التقسيم، كونها تمثل مشكلة وليس جزءًا من الحل، كما أن معضلة التطرف والإرهاب لا يمكن القضاء عليها بإنشاء دولة أو كيان دولي حاضن وداعم لها، بل على النقيض تمامًا، ينبغي تقويض كافة الكيانات والمؤسسات الداعمة والمتعاونة مع هذا التيار وتلك الأفكار، لتصبح هذه الأفكار دون سند حقيقي على الأرض، ولتصبح مطاردة في كافة المناطق والبلدان، حتى لا تتوطن في منطقتنا فتجلب للمنطقة بأسرها الدمار والخراب. ونبه المرصد إلى أن الدولة المراد إنشاؤها في شمال شرق سوريا وغرب العراق هي أقرب لنموذج دولة طالبان في أفغانستان، كعنصر ضعف وتوتر دائم يمكن استخدامه أو التذرع به للتدخل في المنطقة، وفرض أنماط من القوة والعلاقة بين الدول، مؤكدًا أنها ستنتهي كما انتهى حكم طالبان بأفغانستان من خلال التدخل الدولي هناك، وإقامة نظام هش لا يمكنه فرض السيطرة أو الأمن. ودعا المرصد كافة دول وشعوب المنطقة إلى التنبه إلى هذا المنزلق الخطير، والذي تريد بعض الجهات الخارجية دفع المنطقة باتجاهه لتفتيت الدول والكيانات الإقليمية القوية، لتحل محلها دويلات ضعيفة قائمة على أسس طائفية وعرقية، تحمل بذور الصراع والصدام، وتنتفي معها فرص التعاون والتكامل بين دول المنطقة، كما أكد المرصد على ضرورة التمسك بمبدأ المواطنة كأساس لقيام الدول واستمرارها، فهو يضمن استقرار الدول وتماسكها، وحقوق الأفراد وحرياتهم.